مرحلة أخرى من التنافس السعودي الإماراتي في اليمن بقلم توفيق الناصري

موقع مصرنا الإخباري:

في 11 سبتمبر/أيلول، وصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى عُمان في رحلة طويلة، وُصفت بالرحلة الخاصة.

تعتبر إقامة السعودي محمد بن سلمان في عمان لمدة خمسة أيام من أطول الرحلات منذ اختياره وريثاً للعرش.

وقبل الرحلة، أفادت وسائل إعلام أن سلطان عمان هيثم بن طارق سيلتقي السعودي محمد بن سلمان في مدينة صلالة جنوب غرب عمان، بالقرب من الحدود مع اليمن.

ورافق وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان آل سعود، برفقة وفد عسكري رفيع المستوى، ولي العهد وحضروا لقاءً عامًا مع السلطان هيثم.

وبحسب تقارير إخبارية لم يتم التحقق منها، فقد عقدت اجتماعات بين ممثلين عن حكومة صنعاء، حيث مسقط عاصمة حكومتهم الثانية، مع ممثلين عن السعودية بقيادة السعودي خالد بن سلمان، لبحث آخر التطورات في اليمن.

وأثناء تواجد السعودي محمد بن سلمان في مسقط، قام وفد من أنصار الله بقيادة محمد عبد السلام برحلة مشتركة مع وفد عماني إلى الرياض.

وذلك على الرغم من عدم حضور أي ممثلين عن الدول الحليفة المرتبطة بالتحالف ضد اليمن في اجتماع الرياض.

ورغم أن غياب الأحزاب الناشطة تحت مظلة التحالف في تجمع الرياض قوبل بصمت من قياداتها، إلا أن مصادر مقربة من هذه الأحزاب انتقدت بشدة عدم مشاركتها في المحادثات.

من جهة أخرى، شارك في الاجتماعات أيضاً المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يمثل القوى الانفصالية في جنوب اليمن.

قد يكون هذا هو المفتاح لفهم زيارة محمد بن سلمان إلى عمان بشكل أفضل وسط المنافسة الناشئة مع الإمارات العربية المتحدة في اليمن.

وقد ظهر ذلك واضحاً خلال حرب اليمن عندما وقعت اشتباكات مسلحة في جنوب اليمن، أبرزها في عامي 2019 و2020 عندما قامت القوات الانفصالية، خاصة في مدينة عدن، بدعم من الإمارات من جهة وقوات مدعومة من السعودية من جهة أخرى، وتبادلوا إطلاق النار بكثافة، مما أسفر عن مقتل العشرات من الجنود. وتصدرت الاشتباكات حينها عناوين الصحف بشأن الخلاف الناشئ بين الرياض وأبو ظبي.

هدد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، برفض وإفشال جهود السلام اليمنية في الرياض، وطالب بضمان انفصال جنوب اليمن.

وقال المجلس في بيان إنه “يؤكد رغبته في تحقيق عملية سياسية شاملة ومستدامة تؤدي إلى نتيجة غير مشروطة. ويجب أن تهدف هذه المحادثات إلى ضمان معالجة جميع القضايا، وقبل كل شيء، الاعتراف بتطلعات الشعب”. من الجنوب.”

لكن الرياض ردت سلبا على هذه المطالب، ورفضت مقترحا تقدم به الفريق عيدروس عبد العزيز الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، فضلا عن حضور أحد نواب المجلس الانتقالي الجنوبي في المفاوضات.

لا شك أن عمان كانت دائما دولة محبة للسلام ووسيطة، وهذا هو الهدف الأساسي لعقيدة السياسة الخارجية للسلطنة.

ومع ذلك، في حالة اليمن، لم تلعب عمان دور الوسيط فحسب، بل سعت أيضًا إلى تأمين فوائد اليمن وتهيئة الظروف حتى لا يلحق أي ضرر آخر بالبلد الذي مزقته الحرب.

لقد اكتسبت جميع دول المنطقة الكثير من الخبرة من الحرب التي استمرت ثماني سنوات في اليمن إلى جانب التحديات الأمنية الخاصة بها، وعُمان ليست استثناءً.

كانت آخر حرب كبرى في عمان هي الأزمة التي استمرت أكثر من عشر سنوات بين الانفصاليين في ظفار وحركتين شيوعيتين مناهضتين للملكية في جنوب البلاد على الحدود مع اليمن.

ولعب القتال، الذي انتهى عام 1976 وامتد إلى اليمن، دوراً فعالاً في تقسيم جنوب اليمن وإنشاء حكومة شيوعية في الجنوب.

ومع استقلال جنوب اليمن، اكتسبت العناصر الانفصالية عمقًا استراتيجيًا مهمًا، واستطاعت التقدم نحو شمال عمان.

ظفار، التي تختلف عن أجزاء أخرى من عمان من حيث السكان والتاريخ والدين واللغة والعرق، وحتى الاقتصاد على الرغم من السياسات الإيجابية والبناءة للحكومة العمانية تجاه هذه المجالات، ظلت دائما عرضة للتحديات للحكومة المركزية عمان.
وبالنظر إلى هذا الوضع واستخلاص العبر من الحرب على حدودها مع اليمن، حددت حكومة عمان لنفسها خطا أحمر تجاه أزمة اليمن، وهو تقسيم اليمن.

ووسط هذه الجغرافيا السياسية، وجدت سياسة الحكومة العمانية حلفاء في محافظتي المهرة وحضرموت اليمنيتين المجاورتين، وبذلت محاولات لضمان عدم انتهاء ميزان الحرب لصالح الانفصاليين في الجنوب بدعم من الإمارات.

وتتماشى هذه السياسة مع نفس أهداف حكومة صنعاء من أجل توحيد اليمن بأكمله.

كما تؤيد السعودية الموقف الذي اتخذته مسقط وصنعاء وسط هذه الأزمة الخلافات مع الإمارات بشأن اليمن وإمكانية تعزيز أبو ظبي نفوذها مرة أخرى في جنوب البلاد.

ولا تدعم حكومة عمان أي جهة تدفع إلى تقسيم اليمن، لكنها تعتبر أي انفصال هناك خطرا على سلامة أراضيها.

ومنذ وقت ليس ببعيد، نشر السلطان هيثم صورة رمزية لنفسه وهو يرتدي زي حرب العصابات وحزاما عسكريا وبندقية على خصره خلال رحلة إلى ظفار. إن نشر هذه الصورة ذات الدلالة في محافظة ظفار على الحدود مع اليمن دفع الخبراء إلى تفسيرها على أنها نوع من الرسالة بأن عمان مستعدة للتدخل للحفاظ على سلامة اليمن.

تجدر الإشارة إلى أن رحلة السلطان هيثم إلى ظفار وقبل خمسة أيام إلى صلالة بمحافظة ظفار تمت في وقت انتهى موسم الخريف في المنطقة ولم يذهب السلطان هيثم إلى هناك للراحة حيث أخذ مؤخرا رحلة -شهر اجازة في عمان للراحة.

في هذه الأثناء، أثارت زيارة اللواء الركن مطر بن سالم البلوشي، قائد الجيش السلطاني العماني، إلى إيران يوم الاثنين نقاط حوار ووجهات نظر سياسية مثيرة للاهتمام.

ويمكن ربط الرحلة التي تزامنت مع مفاوضات الرياض وبعد زيارة بن سلمان إلى عمان، بالرحلات المختلفة المذكورة أعلاه ومحادثات السلام فيما يتعلق باليمن.

ورغم ما قيل أن مفاوضات الرياض تتضمن اتفاق وقف إطلاق النار وتوقيع عدد من مذكرات التفاهم، إلا أنها تشمل دفع رواتب الموظفين المدنيين اليمنيين، وإعادة فتح الطرق، وتوسيع الرحلات الجوية التجارية من مطار صنعاء إلى اليمن. خمس وجهات أخرى، فضلا عن حل المشكلة المعقدة المتعلقة بالسجناء والمعتقلين.

والذي يبدو أن الأمر كذلك هو أن وراء هذه القضايا المبلغ عنها هناك أمور أخرى تمت مناقشتها، ولن يخبرنا إلا الزمن بما ستؤول إليه الأمور.

السعودية
الإمارات
اليمن
عمان

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى