موقع مصرنا الإخباري:
الدبلوماسية فى معناها العام هى إدارة العلاقات الدولية من خلال التفاوض، فى إطار ما يقره القانون والعرف الدولى.
هناك صور متعددة للدبلوماسية، حيث لم يعد تنويع مسارات العمل الدبلوماسى رفاهية، بل صار ضرورة ملحة تفرضها تطورات النظام الدولى، ومعضلات الأمن الإقليمى. إنها دائرة مفرغة من المصالح والفاعلين فى عالم متشابك ومتداخل، أساسه القوة والمعلومات والعلاقات.
أولا: مصطلح “دبلوماسية الإكراه”.. قدمه الباحثان توماس شيلينج وألكسندر جورج، وهو يشير إلى اتباع الاستراتيجية التفاوضية لتحقيق مصالح الدولة، مع الاعتماد على تهديد القوة – العسكرية، الاقتصادية- أو استخدام محدود لها، والتصاعد إذا لزم الأمر.
لقد كان سياق الحرب الباردة، وما مثله من عدم وضوح الخط الفاصل بين الدبلوماسية والعنف فى إدارة العلاقات الدولية، مناخاً مناسباً لبروز مفهوم الدبلوماسية القسرية أو دبلوماسية الإكراه، باستخدام التهديدات أو القوة المحدودة فى الإقناع الدبلوماسي.
ومنذ ذلك الوقت وهناك اعتماد كبير على هذا النوع من التفاوض، خاصة من قبل القوى الكبرى، والذى بدا واضحا فى إدارة أزمة البرنامج النووى الإيراني وصولا إلي الاتفاق النووى عام 2015، وهو ما سوف يستمر خلال التفاوض القادم مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
ثانياً: “الدبلوماسية العامة”.. وهى تعكس مساعى الحكومة للتواصل مع الجماهير فى البلدان الأخرى، والتأثير عليها بهدف تعزيز المصلحة الوطنية، كجزء لا يتجزأ من الدبلوماسية بين دولة وأخرى.
وقد أعطت ثورة الاتصالات والتكنولوجيا التى تميز القرن الحالى دفعة قوية لهذه الآلية الخاصة فى إدارة العلاقات الدولية. بعد أن فقدت الحكومات كثيرا من سيطرتها على المعلومات لصالح الرأى العام والمؤسسات الفاعلة غير الرسمية، كمراكز الأبحاث، والجامعات، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام..
يرجع تاريخ المصطلح إلى ستينيات القرن الماضى، ويشمل العلاقات الرسمية مع غير الرسمية خارجيا، كبرامج التبادل التعليمى للعلماء والطلاب، وبرامج التدريب على اللغة، والفعاليات الثقافية، والبث الإذاعى والتليفزيونى.. وتركز هذه الأنشطة عادة على تحسين صورة الدولة المرسلة، كطريقة لتشكيل بيئة السياسة الأوسع فى البلد المتلقى.
وهناك تصور أوسع لنطاق المجال من خلال تطوير مفهوم “الدبلوماسية العامة الجديدة”، بحيث يتسع النطاق من مجرد كونها نشاط فريد للدولة ذات السيادة، لتشير إلى الاتجاهات الناشئة فى العلاقات الدولية، حيث توجد مجموعة من الجهات الفاعلة غير الحكومية.
ثالثاً: “الدبلوماسية الموازية”.. وهو مصطلح قديم يعود إلى عشرينيات القرن الماضى. ويشير إلى النشاط الخارجي للكيانات دون الدولة القومية، وهو يسير جنبا إلى جنب مع الدبلوماسية التقليدية، ويتحداها فى بعض الأحيان المحدودة، كالدولة الفاشلة والضعيفة، كما فى حالة التنظيمات المتطرفة أو الجماعات الانفصالية.
هناك إضافة كبيرة للدبوماسية الموازية للحكومات المحلية والإقليمية، فى الأنشطة الاقتصادية وترويج الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة الدولية، فضلا عن الجوانب السياسية والبعثات الثقافية إلى الخارج.
لقد أصبحت السياسة الخارجية فى القرن الحادى والعشرين عملا معقدا للغاية. وتحتاج الدولة إلى بذل أقصى طاقاتها لاستخدام كل الوسائل التقليدية والجديدة من أجل تحقيق أهدافها فى الاستقلال والاستقرار والتنمية. وهو ما تدركه الدولة المصرية التى تمتلك مؤسسات عريقة تدرك الثابت والمتغير فى ذلك الحقل الشائك من العلاقات الدولية.
بقلم د. إنجى مهدى. كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة