BBC : إثيوبيا كانت تسعى للتحكم في مياه مصر والسودان منذ 60 عاماً وإنجلترا رفضت

موقع مصرنا الإخباري:

كشفت وثائق بريطانية أفرج عنها مؤخراً، ونشرتها هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» عن محاولات إثيوبية ترجع لأكثر من 60 عاماً، لتشكيل جبهة من دول حوض ومنابع النيل، ضد دولتي المصب مصر والسودان.
وتقول الوثائق البريطانية إن أديس أبابا في عهد الإمبراطور هيلا سيلاسي، حاولت إقناع بريطانيا بالانضمام إلى الجبهة المأمولة، وهو المقترح الذي تقدم به «بتدريديس» مستشار الحكومة الإمبراطورية الإثيوبية لشؤون المياه، على السفارة البريطانية في أديس أبابا، غير أن لندن رفضت المسعى «حرصا على العلاقات مع مصر» و«خشية الإضرار بمساعي التوصل إلى أرضية مشتركة في التعامل مع النيل».

وحسب الوثاق التي نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية، فإن السفارة تعاملت بجدية مع عرض بتدريديس، اليوناني الجنسية الذي كانت بريطانيا تعتبره «الشخص الوحيد في الحكومة الإثيوبية الذي لديه دراية تفصيلية بقضية مياه النيل».

وفي تقرير إلى الخارجية في لندن، آنذاك، قالت السفارة إن «بتدريديس» أبلغها بأنه أعد بالفعل ورقة لمجلس الوزراء والإمبراطور توصي «بضرورة أن تتعاون الحكومة الإثيوبية مع حكومة جلالة الملكة (البريطانية) ودول منابع النيل عموما لصياغة سياسة مشتركة».
ولفتت الوثائق إلى أنه في هذه الفترة كانت هناك مباحثات تُجرى في الخرطوم، برعاية بريطانية، بين دول شرق أفريقيا ومصر والسودان بشأن أمور فنية متعلقة بمياه النيل. وفي هذه المباحثات كانت بريطانيا، باعتبارها قوة مستعمرة، تتحدث باسم دول شرق أفريقيا الثلاث كينيا وأوغندا وتنجانيقا (تنزانيا الآن) وتسعى للتوصل إلى اتفاق بين هذه الدول من ناحية والسودان من ناحية أخرى بشأن مياه النيل الأبيض.

ورأت لندن في الاقتراح الإثيوبي محاولة لإبرام اتفاقات فيما بين دول المنبع بشأن مياه النيل بعيدا عن دولتي المصب.

ووفقاً للوثائق فقد صدرت تعليمات إلى السفارة البريطانية في أديس أبابا بأن تبلغ المستشار الإمبراطوري بأنه «من المستبعد بدرجة كبيرة أن ترغب حكومة جلالة الملكة، في هذه المرحلة من التاريخ، في التوصل إلى اتفاقات سياسية نيابة عن أراضي شرق أفريقيا»، التي كانت تحت الاستعمار البريطاني.

ووفق تقرير شامل للخارجية البريطانية عن مشكلة مياه النيل، فإن المستشار قال إنه «في ضوء الاتفاق المصري السوداني (في عام 1959) لتبني سياسة مشتركة بشأن مياه النيل، فإنه يبدو ضروريا أن تتعاون دول المنبع بالطريقة نفسها».

ففي عام 1959، اتفقت مصر والسودان على تقسيم المياه التي تصل إلى البلدين عبر النيل الأزرق، مصدر حوالي 80% من مياه النيل، وتبلغ 84 مليار متر مكعب.

ووفقاً للاتفاق، الذي أيدته بريطانيا لكنها لم تكن طرفا فيه، اتفق على أن تكون حصة مصر 55.5 مليار متر مكعب سنويا، ويكون نصيب السودان هو 18.5 مليار متر مكعب، أما الـ 10 مليارات الباقية فتضيع في البحر.
وأعدت وزارة الخارجية البريطانية، بعد دراسة متأنية، مذكرة تفصيلية بشأن العرض الإثيوبي وتأثيره ليس فقط على مباحثات الخرطوم الرامية للتوصل لتسوية الخلافات بشأن مياه النيل، ولكن أيضا على علاقات المملكة المتحدة مع كل من مصر والسودان.

واعتبرت بريطانيا، وفق المذكرة، أن عدم مطالبة إثيوبيا بالمشاركة في مباحثات الخرطوم «خطوة في الاتجاه الصحيح».

انطلقت المذكرة، التي تضمنت رأي وزارة شؤون المستعمرات، من الموقف البريطاني الأساسي الذي يقول «من غير المرجح أن تُحل مشكلة مياه النيل حتى تقبل دول الحوض (الإحدى عشرة) خطة فنية تقوم على افتراض أن النيل وحدة هيدروليكية (مائية) واحدة».

وأجمعت الآراء على رفض العرض الإثيوبي، الذي وصف بأنه «يدعو للأسف وإن كان غير مفاجئ بتشكيل جبهة» في مواجهة مصر والسودان لأنه «سوف يعقد الأمور».

وطُلب من السفارة البريطانية في إثيوبيا بأن تبلغ «بشكل غير رسمي» مستشار الإمبراطور بأن «على الإثيوبيين أن يراعوا أن أي محاولة لتشكيل جبهة مع دول المنبع سوف يثير شكوك المصريين، ما قد يؤدي بدوره إلى أن تكون أي مفاوضات مستقبلية معهم صعبة، إن لم تكن مستحيلة.. ولا ضرورة لذلك».

وتبنت الخارجية البريطانية وقتذاك، في مذكرتها، الرأي بأن أفكار الإثيوبيين غير معقولة ولا يمكن قبولها. وقالت إن «الاعتراضات على عرض تبني سياسة مشتركة مع الإثيوبيين (جبهة واحدة في مواجهة المصريين) ستكون أقل لو كانت الأفكار الإثيوبية بشأن الموضوع (مشكلة مياه النيل) معقولة».

وفي تقييمها للعرض الإثيوبي، خشيت بريطانيا أيضا على مستقبل علاقاتها مع مصر وليس فقط مع دول شرق أفريقيا التي كانت تدافع عن مصالحهم المائية.

وخلصت مذكرة الخارجية إلى أنه «في ظل هذه الظروف، فإن أي اقتراح بتشكيل جبهة مشتركة بيننا وبين الإثيوبيين لن يقضي فقط على احتمالات إجراء مفاوضات ناجحة مع المصريين بشأن احتياجات (دول) شرق أفريقيا من مياه النيل، بل ستضرأيضا بالعلاقات الانجليزية المصرية كليا».

ورأت الخارجية البريطانية أن يُقدًّم للإثيوبيين ثلاث نصائح: الأولى هي «أن يقترحوا هم التفاوض مع المصريين والسودانيين بشأن مياه النيل الأزرق»، والثانية هي «أن يتذكروا حساسية المصريين تجاه النيل». والنصيحة الثالثة هي إدراك «الأخطار التي تنطوي على أن يبدو الأمر وكأن هناك حشدا لتشكيل جبهة ضد دول المصب».

ولفتت السفارة البريطانية في الخرطوم النظر إلى أن خطة إثيوبيا تشكيل جبهة من دول المنبع في مواجهة دول المصب، سوف تؤثر سلبا على موقف السودان، الذي كان يتمتع بعلاقات ودية للغاية مع إثيوبيا.

وكتبت السفارة في تقييمها إن «أي محاولة لتشكيل سياسة (جبهة) موحدة بين دول المنبع سوف يهدد بفقدان نية السودان الحسنة تجاه ما هو أبعد من مياه النيل، ومن ثم سوف تضر، وفق رؤية الأمر من الخرطوم، بمصالح إثيوبيا العامة».

وبذلك فإن الموقف البريطاني يتلخص في أنه «إذا رغبت الحكومة الإثيوبية في الدخول في مناقشات بشأن مياه النيل، فإن الطريق الأفضل والأوضح لذلك هو الاتصال بالسودانيين». أما إجراء هذا الاتصال فهو «أمر يعود إلى الإثيوبيين أنفسهم».
وصرح وزير إثيوبي امس الاثنين إن بلاده أكملت مرحلة الملء الثاني لسد النهضة الضخم الذي تبنيه على النيل الأزرق، وتقول إثيوبيا إن السد الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار ضروري للتنمية الاقتصادية وتوفير الكهرباء.

وقال سيليشي بيكيلي، وزير المياه والري والطاقة في إثيوبيا، الاثنين: “اكتمل الملء الثاني لسد النهضة والمياه تتدفق”، مضيفاً على حسابه في موقع “تويتر”: “هذا يعني أن لدينا الآن كميات المياه الضرورية لتشغيل التوربينين”، وهو ما يكفي ليبدأ مشروع السد في توليد طاقة كهربائية.
وفي وقت سابق من اليوم، ذكرت هيئة الإذاعة الإثيوبية أن الملء الثاني لسد النهضة “سيكتمل في غضون بضع دقائق”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى