جدّد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، اليوم الأحد، تأكيد استعداد حركته لتحقيق الوحدة وتجاوز حالة الانقسام الداخلي، “حتى لو تطلب ذلك بناء جبهة وطنية فلسطينية تحمي الثوابت، وترعى المقاومة، وتشكل مرجعية على طريق إعادة بناء منظمة التحرير، إذا ما تعثرت الوحدة العامة”.
وجاء حديث هنية خلال كلمته في مؤتمر “السيادة الفلسطينية، المتغيرات الاستراتيجية والمسارات المستقبلية”، الذي تنظمه جامعة الأمة في غزة، والذي نشره الموقع الإلكتروني للحركة. ويبدو تلويح هنية بهذا الخيار الذي لم يسترسل فيه كثيراً مؤشراً على تحرك لحماس وآخرين لتشكيل إطار جديد، في ظل استبعاد إصلاح منظمة التحرير، وهو ما أشار إليه مسؤولون في السلطة و”فتح” أخيراً عن سعي “حماس” لتشكيل إطار يوازي منظمة التحرير، وهو ما لم تعلق عليه الحركة في حينه.
ودعا هنية “الاستراتيجيين وصنّاع القرار إلى الانتباه والتركيز على أربع متغيرات مهمة يجب التعامل معها ومع نتائجها لبناء الرؤية الاستراتيجية الفلسطينية المستقبلية”، مشيراً إلى أنّ “أُولى المتغيرات على صعيدنا الفلسطيني تتمثل في نتائج معركة سيف القدس التي شكّلت نقلةً نوعيةً وتحولاً استراتيجياً في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني”.
وأشار إلى أنّ هذه النتائج كانت واضحة جداً، سواء في إطار توحيد الأرض والشعب، وربط معادلة القوة التي تمثلها المقاومة، مع القداسة التي تمثلها القدس والمسجد الأقصى، لافتاً إلى أن القضية أيضاً استعادت مكانتها الاعتبارية على صعيد الأمة والاهتمام العالمي، وأن القدس والأقصى عادا من جديد يشكلان محور الصراع مع العدو.
وقال هنية كذلك إن المتغير الثاني يتعلق بالانكفاء الأميركي عن المنطقة في أكثر من ساحة، وخاصة الانسحاب الأميركي من أفغانستان، مشيراً إلى أنه “لا شك بأن القوة الأميركية المهيمنة على العالم لم تعد بهذه القدرة على بسط نفوذها العسكري والأمني والسياسي على مناطق مختلفة من العالم بما فيها منطقتنا العربية والإسلامية”.
وذكر ما سماه “الانكشاف الإسرائيلي في معركة سيف القدس، والانكفاء الأميركي في سياق إعادة تموضع الولايات المتحدة واهتمامها بملفات جديدة، من قبيل مواجهة الصين وروسيا، والقوى الصاعدة في العالم، ويشكل ذلك تغيراً مهماً جداً وله تأثيرات وأبعاد استراتيجية يجب أن نقرأها قراءة دقيقة وواعية”.
أما المتغير الثالث والمهم، وفق هنية، فهو الحرب بين روسيا وأوكرانيا، المعركة تبدو أنها بين هذين البلدين، لكن هي بين روسيا ومعسكرها وبين الغرب بشكل عام بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، هذه الحرب هي الحرب الأوسع والأبرز في صراع المعسكرات العالمية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية”.
وشدد على أنّ “العالم بعد الحرب لن يكون هو ذاته قبلها، وبالتأكيد أننا سنكون أمام عالم متعدد الأقطاب، وستنتهي حقبة القطب الواحد المتحكم في السياسات الدولية والعالمية، وهذا لا شك سيشكل متغيراً مهماً جداً ستكون له تأثيراته على منطقتنا العربية والإسلامية، وأيضاً على قضيتنا وعلى الصراع مع الاحتلال”.
وبيّن أن المتغير الرابع أن “منطقتنا العربية والإسلامية تموج بالتناقضات ما بين التطبيع ومحاولات الاختراق الإسرائيلي للمنطقة، وبناء التحالفات العسكرية والأمنية مع بعض الحكومات العربية، وبشكل بدا أن الموضوع تخطى قضية التطبيع إلى إدماج الكيان في المنطقة وإعادة تشكيلها وترتيبها”.
والأولويات الاستراتيجية في ظل المتغيرات الأربع، وفق هنية، لا بد أن ترتكز على أربعة أبعاد هي المقاومة، وبناء التحالفات الاستراتيجية، والانتقال بالشعوب من استراتيجية الإسناد إلى استراتيجية الشراكة في التحرير، بالإضافة إلى الانفتاح على المجتمع الدولي.
وشدّد على أن “المقاومة في غزة والضفة وأراضي الـ48 والخارج، على رأس الأولويات الاستراتيجية التي يجب أن تحظى بالدعم والإسناد من شعبنا وأحرار العالم”، مؤكداً أنها تشكل القبة الفولاذية لحماية القدس، والأقصى والضفة، والأسرى، وأهالي الـ48.
ولفت إلى ضرورة التحلي بالجرأة والشجاعة في إعادة بناء التحالفات الاستراتيجية التي ترتكز على استراتيجية الانفتاح على كل من يدعم المقاومة، مشيراً إلى الحاجة إلى أن تبني الأمة من جديد استراتيجية الشراكة والانخراط المباشر في متطلبات التحرير.
المصدر: العربي الجديد