معركة الإعلام والأخلاق!

موقع مصرنا الإخباري:

يتلقى الصهاينة اليوم جزءاً من ثمن دعمهم لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا طوال الثلاثين عاماً الماضية؛ ومع ذلك فهم لا يفهمون ما ينتظرهم من جميع البشر الأحرار على هذا الكوكب في السنوات والعقود القادمة.

وتساءل “هل يتقاسم بايدن ونتنياهو نفس الشقة؟! هل يعيش الرئيس الفرنسي في نفس الطابق؟ هل رئيس الوزراء البريطاني في نفس المبنى؟ أم أن هناك آلاف الآلاف بينهم وبين إسرائيل؟”

وفي مقابلة مع عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن محمد علي الحوثي، أجراها مذيع من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، ألقى السيد الحوثي درسا في أخلاقيات الإعلام للجمهور الغربي والشرقي.

وأظهر تفوقاً فكرياً وأخلاقياً وتاريخياً على هيئة إذاعية تدعي أنها الأقدم والأكثر قدرة على إيصال المعلومة. كشفت ردود السيد الحوثي عن تناقض كبير بين المحاور السطحي والمتفاعل والمتحيز عنصريًا والذي يفتقر إلى فهم قيمة وأهمية التعقيدات الثقافية التي كانت تتحدث عنها، وشخصية ذات سلطة تتماشى بشدة مع قضيته في الفكر. الروح والأداء.

ولم تتردد المذيعة في اعتبار نفسها ممثلة للاحتلال الإسرائيلي بكل جرائمه ومجازره بحق المدنيين بما فيهم الأطفال والنساء، حيث قالت: “ما يحدث في البحر الأحمر لم يؤثر على الاحتلال الإسرائيلي ليوقف الحرب”. على غزة.” وفي رد جريء رد الحوثيون قائلا: “إذا كان الأمر لا يؤثر عليهم فلماذا شكلوا تحالفا دوليا؟” وردا على سؤال المذيعة حول العلاقة بين الحوثيين وفلسطين رغم بعدهم أميالا عما يحدث في غزة، قال الحوثيون: “هل يعني أن بايدن ونتنياهو يتقاسمان نفس الشقة؟! هل يعيش الرئيس الفرنسي في نفس الطابق؟” وتساءل “هل يقيم رئيس الوزراء البريطاني في نفس المبنى؟ أم أن هناك آلاف الأميال بينهم وبين إسرائيل؟” وفي هذه الردود الذكية والثاقبة، يكمن عرض واضح للمنطق الاستعماري المتغطرس والمشين الذي يستخدمه الغرب ضد العالم العربي والشرق، ويستخدمه دون توقع تطبيق المعادلة نفسها في المقابل. وإذا حاول المتحدثون الحكم على نظرائهم الغربيين بنفس المعايير التي فرضوها، فإنهم سيخلقون فجوة كبيرة في النهج.

إن نقطة البداية يجب أن تكون الغرب الجاهل الذي يعتمد على سياسات عنصرية مشينة وتاريخ استشراقي لا يمت بصلة إلى واقعنا. والنقطة الثانية تتلخص في فضح الأوهام التي زرعها الغرب في أذهان الناس في مختلف أنحاء العالم، زاعماً أن وسائل إعلامه موضوعية ومحايدة وقوية ومتحضرة. لقد أثبتت السنوات الأخيرة، خاصة مع ردود أفعال الغرب (حكومات وإعلام ومؤتمرات وبرلمانات)، والمذبحة الأسوأ في التاريخ في غزة، أنه كيان مهزوم، سطحي، عنصري متمحور بالكامل حول الغرب. لا تقدر مبادئ وأخلاق وحياة غير الغربيين على الإطلاق.

مذيع بريطاني آخر، كان من المفترض أن يجري مقابلة سياسية مع السيد مصطفى البرغوثي، تحول إلى فتاة وقحة، تتعثر في الجهل الذي تغذيه افتراضات الاستشراق المضللة. لقد أظهرت مزيجاً مؤسفاً من الجهل المتأصل والافتقار المخزي للآداب، الناتج عن تنشئة عنصرية مسيئة تدعم المشاعر المعادية للعرب.

واتهمت السيد البرغوثي برفض الحديث معها لأنها امرأة، في إشارة إلى أن العرب لا يحترمون المرأة ولا يقدرونها. لقد حملت كلماتها جهلاً مشيناً بالعرب وتاريخهم، وانحيازاً مشيناً للاستشراق البغيض الذي افترى على العرب سلسلة من الأكاذيب. ويواصل الغرب إدامة هذه الأكاذيب لعدة قرون دون أن يتوقف ليكشف الخداع والتضليل المتأصل في هذا المنظور الاستشراقي.

أقول لهذا المذيع: “حكمت امرأة عربية إمبراطورية تدمر التي ازدهرت قبل ثلاثة آلاف عام. أنشأت المرأة العربية الأندية الأدبية منذ آلاف السنين. في التاريخ الحديث، كان لدى المرأة العربية أكثر من عشرين ألف مجلة قامت بتأليفها وطباعتها وتوزيعها قبل الحرب العالمية الأولى، في وقت كانت فيه المرأة الأوروبية في ظلام دامس. المرأة العربية لها تاريخ من الحضارة والرقي والأخلاق، والرجال العرب هم أعمدة دعم للمرأة العربية ونفتخر بهم. لا تحاولوا فرض جهلكم وعنصريتكم البغيضة على جمهوركم!

وظهرت الفوارق الثقافية الكبيرة بيننا وبين الغرب بين هذه الفتاة قليلة الأدب والناشط الأخلاقي الذي يحترم نفسه ويمتنع عن رفع صوته رغم أنها تصرفت معه بمنتهي الأخلاق الحميدة.

هذا هو الغرب الذي أنهى المؤيد الشعبي غرام المذيع الموهوب مهدي حسن، مع ثلاثة مذيعين مسلمين آخرين، فقط لأنهم تجرأوا على قول الحقيقة. وهذا هو الغرب نفسه الذي لم يكتف بطرد رئيسة جامعة هارفارد، بل ادعى أيضاً أنها لا تستحق حتى أن تكون رئيسة جامعة، وأنها حصلت على المنصب فقط لأنها ذات بشرة سوداء، ومن أجل التعبير عن التنوع. في المجتمع الأمريكي.

الاستنتاج الواضح والصريح من مئات الأمثلة المماثلة، التي سلطت الضوء على حرب الإبادة الجماعية الصهيونية على غزة، هو أن فكرة الإعلام الحر في الغرب قد تراجعت بشكل كبير. إن جهل الغرب بالوضع الفعلي أمر مشين، ومزاعمهم المتكررة بالتفوق الفكري والأخلاقي ليست أكثر من دعاية رخيصة لإقناع الآخرين بالخضوع لهم. وهذا يعني أننا وصلنا إلى النقطة الحاسمة التي لم يعد فيها أي مجاملة أو تردد أو غموض في الموقف مقبولا. يجب أن تكون المواقف واضحة؛ فلا فائدة من الظهور في وسائل الإعلام الغربية، ولا حاجة على الإطلاق لشرح قضايانا على منصاتهم لأن هدفهم الوحيد هو استخدام من يظهر معهم لتبرير وجهات نظرهم، وليس لاستكشاف أي حقائق أو الدخول في حوار جاد. التي تلقي الضوء على معلومات جديدة أو قيمة.

ولا بد لنا، بالإضافة إلى مقاطعة المنتجات الغربية وتجنب الجلوس في المقاهي التي تدعم العدو الإسرائيلي، من مقاطعة الإعلام الغربي بشكل كامل. ولا فائدة من التعامل معهم، خاصة أنهم يفتقرون إلى القدرة على إجراء محادثة هادفة أو مناقشة أو احترام الآخرين. ولعل هذا من بين الاستنتاجات العديدة التي سيتوصل إليها العالم في السنوات المقبلة نتيجة لحرب الإبادة الوحشية الحالية التي يشنها الغرب ضد المدنيين الأبرياء في غزة، بهدف استعمار أرضها واستيطان الغربيين فيها.

إن حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، والتطهير العرقي الصهيوني الشنيع للشعب الفلسطيني، لن يكون لها عواقب عسكرية أو سياسية فحسب، بل سيكون لها أيضًا تداعيات تاريخية وثقافية واجتماعية يتردد صداها عالميًا. اليوم، لا يمكن للعالم أن يكون حراً حقاً ما لم تتحرر فلسطين، ولا يمكن للإنسانية اليوم أن تكون حرة ما لم تتخذ موقفاً واضحاً وداعماً لحق الشعب الفلسطيني في الحياة والحرية والكرامة.

“جنوب أفريقيا لا يمكن أن تكون حرة حتى تتحرر فلسطين”، هذا الشعار رفعته جنوب أفريقيا منذ عهد الزعيم العالمي نيلسون مانديلا، الذي أصر على أن حرية جنوب أفريقيا لن تكتمل دون حرية الشعب الفلسطيني. حاليا جنوب أفريقيا ترفع دعوى إبادة جماعية ضد الصهاينة المجرمين في محكمة العدل الدولية، وهي الخطوة الأولى نحو إدانة الصهاينة المجرمين، وستظهر محاكم كثيرة في العالم لإدانتهم وإدانة كل من وقف معهم ودعمهم. أو صمتوا عن جرائمهم والإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

إن مثل هذه الجرائم الوحشية لا تنتهي عند دفن الشهداء؛ وسوف يستمر صدى آثارها في ضمير الإنسانية، وستستمر رحلة الإنسان نحو إيجاد وسائل ردع ضد المجرمين. إن دماء الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ والنازحين الطاهرة، ودماء الطواقم الطبية والإعلامية التي نذرت نفسها لخدمة إخوانها في الإنسانية، ستنير دروب التحرر من الهيمنة الغربية. وسوف تعمل على تسريع ولادة عالم متعدد الأقطاب، على أساس الأساس الإنساني الرائد الذي اقترحه الرئيس الصيني شي جين بينغ، والذي يتضمن بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، والعمل بشكل مشترك على تحقيق مستقبل أكثر إشراقا للعالم. عالم يتمتع بالسلام الدائم والأمن العالمي والرخاء المشترك، عالم مفتوح وشامل ونظيف وجميل. عالم يعارض الهيمنة، وسياسات القوة، والأحادية، وعقلية الحرب الباردة.

إن الغضب الذي يشتعل في قلوب الملايين من البشر في كل القارات بسبب الحرب الصهيونية العنصرية الإجرامية غير المسبوقة ضد الفلسطينيين الأبرياء، إلى جانب الانحياز الغربي الأعمى والمخزي إلى القتلة، وعجز النظام الدولي عن اتخاذ إجراءات ملموسة لوقفها فالقتل والدمار، سيجد طريقه، وسيترجم إلى أفعال ملموسة وواضحة وبناءة عندما تصبح الحقائق واضحة لا لبس فيها.

إن صرخات الأطفال وتوسلاتهم المريضة في غزة وفلسطين سوف يتردد صداها في آذان الأجيال القادمة، وتدفعهم إلى الأمام لتحقيق الحرية والكرامة ليس فقط لفلسطين ولكن للروح الإنسانية في كل مكان. وستبقى فلسطين منارة لتحرير الإرادة الإنسانية من أغلال الاستعمار والوحشية والجهل والاستشراق الغربي.

إن من يؤيد الحق والعدالة في فلسطين سيكون محظوظا، لأنه سيصبح منارة للتغيير الجريء والنبيل. ومن يقف مع فلسطين يقف مع نفسه ومع إنسانية البشرية جمعاء. أولئك الذين يدافعون عن الأقصى وكنيسة القيامة يدافعون عن أنفسهم وعن القيم الإنسانية النبيلة. وفي هذه المرحلة تتساقط الروايات الغربية الجاهلة والمنافقة كأوراق الخريف الصفراء، ولن تجدي نفعاً. ويتلقى الصهاينة اليوم جزءاً من ثمن دعمهم لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا طوال الثلاثين عاماً الماضية؛ ومع ذلك فهم لا يفهمون ما ينتظرهم من جميع البشر الأحرار على هذا الكوكب في السنوات والعقود القادمة.

اليمن
فلسطين
إسرائيل
الولايات المتحدة
انصار الله

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى