كيف سيتعامل الجيش الإسرائيلي مع حرب الشوارع في قطاع غزة؟

موقع مصرنا الإخباري

أحد الأسئلة الرئيسية التي تطرح الآن حول الأحداث الجارية في فلسطين تتمحور حول ما إذا كانت إسرائيل ستغزو بالفعل غزة برا في الوقت القريب. وفي هذا السياق، يقدم مقال بمجلة “فورين أفيرز” الأميركية تلخيصا لجوانب قتال الشوارع والصعوبات التي ستواجهها إسرائيل إن هي قررت المضي قدما في خطوة الغزو. ووفقا لكاتب المقال أستاذ الدراسات الدولية والسياسية بجامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية ديفد كيلكولين، فإن حرب الشوارع تمثل معضلة تكتيكية صعبة، إذ يتعين على الجهة المقاتلة تأمين كل غرفة وزاوية وشارع وسطح منزل قبل الانتقال إلى المنطقة التالية، مما يتطلب أعدادا هائلة من القوات وكمية كبيرة من الأسلحة في البر والجو والبحر، كما أن نتائج هذا الغزو ستختبر دعم المجتمع الدولي لإسرائيل. ويشير الكاتب إلى أن معظم الصراعات التي وقعت في هذا القرن حدثت في المساحات الحضرية مثل مدن الفلوجة والموصل والرمادي العراقية، ومدينة ماراوي الفلبينية، ومدينتي باخموت وماريوبول الأوكرانيتين، وذلك لأن الحروب تجري حيث يعيش الناس، أي في المدن. ولأن معظم الناس يعيشون على السواحل، فإن ساحة الحروب الحضرية تتضمن البر والبحر والجو. ومع تزايد نطاق الأسلحة البعيدة المدى التي تمتلكها الجيوش، أصبح من الممكن استهداف المناطق الداخلية برا بواسطة الأسلحة البحرية، مما يعني أنه يمكن أيضا استهداف السفن باستخدام الأسلحة البرية، الأمر الذي يعني أن البحر الأبيض المتوسط سيتأثر بشكل كبير بالغزو. ويقول الكاتب إن قتال المدن يستهلك العديد من الموارد الحربية والبشرية، وبالتالي عادة ما يكون المتخصصون كالمخططين العسكريين والقناصين والمسعفين، عرضة للهجوم لأهميتهم، كما يستخدم هذا النوع من القتال المركبات المدرعة ووحدات المشاة لحمايتها، والمدفعية وقذائف الهاون والصواريخ. إستراتيجية هجوم ويتيح هذا التنوع رصد الأهداف عن قرب وعن بعد، وخلق إستراتيجية هجوم تشتت العدو وتكشف نقاط ضعفه، حيث يهدف المخططون لخلق وضع يعرض العدو فيه نفسه لنوع من الأسلحة مثل المسيرات من الأعلى أثناء محاولته تجنب تهديد آخر، ومثل مواجهة فرقة مشاة أو دبابة على الأرض، ولكن يصعب تنفيذ هذه الخطط على أرض المعركة.  ويؤكد المقال أن حرب المدن تحدث برا وجوا وبحرا. أما برا، فيواجه كل من الجنود والمدنيين المشاركين في القتال بالمناطق الحضرية تحديات جسدية ونفسية شديدة، حيث يؤثر الإحساس بالخطر المستمر والتعب والتهديد الدائم من جميع الاتجاهات، ورعب القتال عن قرب أيضا، سلبا على نفسية وفكر المقاتلين، وعادة ما تكون المعارك مربكة وقصيرة، وغالبا ما تتضمن اشتباكات مع أهداف في نطاق قريب لا يزيد عن 50 مترا. وفي الجو، تستخدم الغارات الجوية لمهاجمة العدو وتفريقه، مما يجعله عرضة للهجمات البرية. كما تعد المراقبة واستطلاع أجهزة الاستشعار الجوية والفضائية أمرا بالغ الأهمية للمناورة في البيئات الحضرية المزدحمة والمعقدة. والأنظمة البحرية مهمة أيضا حيث تمكّن السفن الحربية، وحاملات الطائرات والمسيرات والصواريخ المطلقة من البحر، المقاتلين من المناورة عن طريق البحر خارج البيئة الحضرية المعقدة، وتسمح السيطرة البحرية أيضا بإنزال القوات البرمائية المحمولة بالمروحيات في مواقع غير متوقعة، مما يؤدي إلى زعزعة دفاعات العدو. ولفت الكاتب إلى أن كلا من حماس وإسرائيل تمتلك بعض أو كل هذه الأنظمة البحرية. إذ تمتلك البحرية الإسرائيلية زوارق هجومية سريعة وسفنا حربية وقوات خاصة بحرية، مشيرا إلى أن للجيش الإسرائيلي خبرة في حرب المدن اكتسبها في جنين بالضفة الغربية عام 2002، وجنوبي لبنان خلال الحرب مع حزب الله في عام 2006، والأراضي الفلسطينية. كما أن لدى حماس وحدات النخبة، وهي قوات خاصة بحرية قادت غارة بحرية على شاطئ زيكيم في إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، واستولت على قاعدة عسكرية جنوب عسقلان. جثث لفلسطينيين قُتلوا في استهداف إسرائيلي للمستشفى المعمداني وسط غزة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول الحالي (الفرنسية) وأشار إلى أن أحداث 7 أكتوبر بدأت كهجوم صادم ومباغت، ولم يكن من المتوقع أن تتصاعد إلى معركة مكلفة وطويلة الأمد، وستصعب البيئة المعقدة والحضرية الكثيفة في غزة فهم ما سيحدث للقوات البرية، ويشعر مخططو الجيش الإسرائيلي بالقلق من انضمام لاعبين إقليميين آخرين، مثل حزب الله في لبنان أو المليشيات المدعومة من إيران في سوريا، مما قد يخلق حربا متعددة الجبهات، وقد يدفع ذلك إسرائيل إلى شن ضربة استباقية على اللاعبين الإقليميين قبل دخول غزة، ولكن مثل هذه الضربة ستكون مقامرة عالية المخاطر. خسائر بين المدنيين كما تنطوي الحملة البرية في غزة على مخاطر إستراتيجية، فتدمير الممتلكات وقتل المدنيين وطرد السكان -وهي أفعال يعدها الكثيرون تطهيرا عرقيا- قد تضر بشرعية إسرائيل الأخلاقية وسمعتها، وتؤدي لفرض وقف سياسي للهجوم بغض النظر عن التقدم العسكري على الأرض، ونرى مثالا لذلك في معركة الفلوجة الأولى في العراق عام 2004، حيث تم إصدار قرار سياسي بوقف الجنود ومشاة البحرية الأميركية، لأن التأثير الإستراتيجي لفقدان الشرعية الأخلاقية يمكن أن يكون شديدا على إسرائيل وحلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة. وعلق الكاتب بأن “الجيش الإسرائيلي كان يهدف في البداية إلى فصل مقاتلي حماس عن المدنيين في غزة، وذلك في المقام الأول لحماية السكان وتحديد الأهداف المشروعة، ولكن تبيّن لاحقا صعوبة تحقيق ذلك بسبب قوات العدو التي غالبا ما تكون متوزعة بين المدنيين الذين قد يستخدمون كدروع بشرية”. وقد صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانيال هاغاري بأن تركيز إسرائيل قد تحول من الدقة في الهجوم إلى الضرر والدمار لجعل غزة قاعدة مستحيلة لحماس. وأردف أن الجهود الإسرائيلية الرامية إلى تشجيع المدنيين على المغادرة عبر نقاط العبور الرسمية أو الممرات الإنسانية المحددة، لن تنجح كليا استنادا لما حصل في ماراوي في الفلبين والموصل في العراق. وختم المقال بأن كل هذه العوامل تشير إلى أن الهجوم البري على غزة من المرجح أن يكون مروعًا، مع عواقب وخيمة. ولكن كما يعلم كل جندي، قد يظل ذلك ضروريًا، وقد يبدأ قريبًا جدا.

المصدر : فورين أفيرز

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى