الزيارة الهادفة لقادة المقاومة الفلسطينية إلى إيران ..

موقع مصرنا الإخباري:

زار قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي طهران يوم الأربعاء الماضي، 26 آذار/مارس، لعقد اجتماعات مختلفة مع السلطات في الجمهورية الإسلامية.

صرح إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة حماس، في لقائه مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بأن القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي طالب بوقف غير مشروط لإطلاق النار في غزة، أظهر “العزلة غير المسبوقة لحركة حماس” إسرائيل منذ بداية الاحتلال”. وأكد هنية أن “إسرائيل فشلت في تحقيق كافة أهدافها الاستراتيجية، إلى جانب فقدان الدعم الدولي”.

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن مصادر في الاستخبارات الصهيونية اعترفت في الأسابيع الأخيرة بما كان واضحاً: تحقيق نصر حاسم على حماس هو هدف بعيد المنال. وقد أكدت السلطات الاستعمارية نفسها أن حوالي 80% من شبكة أنفاق حماس لا تزال سليمة على الرغم من أشهر من الغارات الجوية والعمليات البرية.

كما التقى هنية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي. وأشار رئيسي خلال هذا اللقاء إلى أن “قضية فلسطين تجاوزت النطاق الإسلامي لتصبح قضية إنسانية عالمية. ويشعر الناس في جميع أنحاء العالم بالاشمئزاز العميق تجاه النظام الصهيوني الموصوف بالمجرم وراعيته الرئيسية الولايات المتحدة، في حين أن إظهار التضامن والدعم لشعب غزة المضطهد”.

وشدد الرئيس الإيراني أيضًا على أن عملية حماس في 7 أكتوبر “كانت حدثًا غير مسبوق ومن المستحيل تجاهل عواقبه على النظام الصهيوني”. وأضاف: “ما شهدناه ذلك اليوم هو شرعية القضية الفلسطينية والموقف الثابت لحلفائها، بما في ذلك الجمهورية الإسلامية، وهذا يدل أيضا على أن النظام الصهيوني، الكيان الوهمي والإجرامي، هو مصدر كل هذه الجرائم”. عدم الاستقرار الإقليمي.”

وفي جزء آخر من ظهوره العلني بعد اللقاء مع إسماعيل هنية، أكد رئيسي على جهود إيران لتعزيز التضامن بين الدول الإسلامية لدعم شعب غزة المظلوم. وفي الوقت نفسه، انتقد الرئيس الإيراني تقاعس وسلبية بعض القادة السياسيين في المنطقة أمام جرائم النظام الصهيوني.

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن آخر الاستطلاعات التي أجريت بين الفلسطينيين تؤكد هذا التحليل. ويشير استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في ديسمبر/كانون الأول 2023، إلى تزايد الدعم لحركة حماس في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب تراجع كبير في دعم السلطة الفلسطينية (التي تدعمها عدة دول في المنطقة). وتكشف البيانات أيضًا عن تأييد واسع النطاق لأعمال حماس، بما في ذلك عملية 7 تشرين الأول (أكتوبر).

واختتم رئيسي تصريحاته بالتذكير بأن النصر “سيكون على الجانب الفلسطيني، والهزيمة ستكون مصير النظام الصهيوني وداعميه”. وأضاف: “الجمهورية الإسلامية الإيرانية تظل ثابتة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وستقف دائما إلى جانب الشعب الفلسطيني”.

من جانبه أعرب القيادي السياسي لحركة حماس عن امتنانه لحكومة وشعب إيران، كما أعرب عن تقديره لجهود الجمهورية الإسلامية الإيرانية في نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم. وأكد هنية أن هذا الدعم للقضية الفلسطينية يشكل إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

إن أهمية فلسطين في الأوساط الإسلامية الإيرانية تسبق تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979. فقبل خمسة عشر عاماً من الثورة الإسلامية، كان آية الله الخميني قد وضع فلسطين بالفعل في مركز اهتماماته السياسية. منذ أيامه الأولى كشخصية عامة وسياسية، نجح الإمام الخميني في مأسسة الخطاب حول فلسطين داخل الحركة الإسلامية الإيرانية، منتقدا النظام البهلوي المتحالف مع إسرائيل والولايات المتحدة. وكان هذا التحالف أحد الأسباب الأساسية التي دفعت الإمام الخميني إلى معارضة الشاه وسياسته الاقتصادية بشدة، بحجة أنها حولت إيران إلى سوق غارقة في الواردات الإسرائيلية، في حين أصبحت إسرائيل المستورد الرئيسي للنفط الإيراني.

ولهذا السبب، يمكن القول بأن الدافع الرئيسي وراء الثورة الإسلامية كان رد الفعل ضد الهيمنة الغربية، والتي لعبت إسرائيل من خلالها دورًا مهمًا في الخطابات الإسلامية. لذلك، يمكن التأكيد على أن الثورة الإسلامية لم تكن مجرد نضال من أجل التحرر ضد نظام مستبد، بل تميزت في المقام الأول بأنها ثورة معرفية ومعادية للإمبريالية. وبعبارة أخرى، لم يكن الهدف مجرد تغيير النظام، بل إزالة كل آثار النفوذ السياسي الغربي، حيث كان من المفهوم أن هذا النموذج كان مسؤولاً عن القمع الذي عانت منه إيران والدول الإسلامية الأخرى.

العودة إلى الزيارةوكان في استقبالهم قادة المقاومة الفلسطينية لإيران، قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي. وشدد آية الله خامنئي خلال اللقاء على مركزية فلسطين في الرؤية السياسية للجمهورية الإسلامية، قائلا إن “فلسطين هي القضية الأولى في العالم، والجمهورية الإسلامية لن تتردد في دعم القضية الفلسطينية”.

إن مركزية فلسطين بالنسبة لإيران مفيدة على المدى الطويل لسببين رئيسيين:

1- كان تاريخ التدخل الإسرائيلي والأمريكي في إيران قبل الثورة أحد الأسباب الرئيسية لسقوط النظام البهلوي، وبالتالي كان يُنظر إليه على أنه تهديد مستمر للأمن القومي للبلاد. ومن ناحية أخرى، فشلت إسرائيل منذ الثورة الإسلامية في فرض سياستها الإمبريالية في إيران، لأنها “مقيدة” بوجود المقاومة الفلسطينية وحزب الله.

2- تنظر السلطات الإيرانية إلى عدم وجود علاقات مع إسرائيل على أنه وسيلة لحماية أمنها القومي، وخاصة المبادئ التي يقوم عليها: الاستقلال والسيادة والكرامة. ولا ينبغي لنا أن نفهم هذه المبادئ باعتبارها قيماً مجردة، بل باعتبارها احتياجات استراتيجية ناشئة عن تجربة إيران التاريخية، كما رأينا في النقطة السابقة.

وقد أكد آية الله خامنئي نفسه، في تصريحاته التي أعقبت الصراع في غزة عام 2005، هذه الرؤية الاستراتيجية عندما ذكر أن الدعم الثابت للقضية الفلسطينية من شأنه أن يفيد الأمن القومي الإيراني، فضلاً عن أمن الدول الأخرى في المنطقة. وأعلن في نفس التصريحات أيضًا أن الحكومات الإسلامية التي لا تدعم فلسطين تواجه احتمالًا حقيقيًا لزعزعة الاستقرار الداخلي بسبب المكانة السامية لهذه القضية بين شعوبها.

كما أكد آية الله الخامنئي على ضرورة تطوير استراتيجية اتصال فعالة في هذا الصدد: “إن الجهود الدعائية والإعلامية للمقاومة الفلسطينية حتى الآن كانت فعالة للغاية ومتفوقة على جهود العدو الصهيوني. ويجب علينا مواصلة تكثيف هذه الجهود”.

وأخيرا، تجدر الإشارة إلى مشاركة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، في تجمع كبير مناصر للفلسطينيين أقيم في ملعب آزادي بالعاصمة الإيرانية. وقال النخالة خلال هذا اللقاء إن “فلسطين ستهزم إسرائيل بمساعدة إيران”.

وأشار نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، خلال هذا اللقاء، إلى أنه رغم أن قرار مجلس الأمن يعكس عزلة إسرائيل الدولية، إلا أنه من غير المتوقع أن يكون له تأثير عملي. كما أشار إلى أن أولوية حكومة نتنياهو هي مواصلة الحرب وليس إعادة الأسرى. وختم الهندي كلمته بالإعراب عن الامتنان لعمليات دعم فلسطين في لبنان من قبل حزب الله وفي البحر الأحمر من قبل جماعة أنصار الله اليمنية.

وفي الختام، فإن زيارة قادة حماس والجهاد الإسلامي إلى إيران تُفهم ضمن مركزية فلسطين المذكورة سابقًا في التعبير السياسي الإيراني. ولا تبرر هذه المركزية الدعم الثابت لحماس والجهاد الإسلامي فحسب، بل إنها تشكل أيضًا السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية برمتها. ولذلك فإن فلسطين تمثل النقطة المحورية الأهم التي تطور حولها إيران سياستها الإقليمية برمتها.

قادة المقاومة الفلسطينية
إسرائيل
إيران
حسين أمير عبد اللهيان
إسماعيل هنية

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى