كل يوم حدوتة (3).. لماذا استعان زامورا بشجر الكافور فى بناء الزمالك؟

موقع مصرنا الإخباري:

الأساطير الرياضية فى تاريخنا لا حصر لها، من حيث المهارة الكروية، إلا أن قليلين جدا الذين يتمتعون بالبقاء فى الذاكرة مهما مر الزمان، وأسلط الضوء خلال سلسلة مقالات على حكايات أهم هؤلاء الأساطير، وأواصل اليوم الحديث عن الراحل محمد حسن حلمى رئيس نادى الزمالك الأسبق والشهير بـ”حلمى زمورا”.

حلمى زامورا أشهر رئيس نادٍ جاء فى تاريخ الزمالك، فهو عاش طوال حياته يخدم “القلعة البيضاء” منذ كان لاعباً دون انتظار أى مقابل، واشتهر فى كل الأوساط الرياضية بلقب “المهندس الفقير”، لأنه لم يكن يملك سوى راتبه من وظيفته مهندس فى وزارة الزراعة، ومع ذلك فقدم لناديه الكثير والكثير، وحقق فى عهده العديد من الإنجازات سواء إنشائية أو الحصول على بطولات.

فى مقال اليوم أتحدث عن أشهر حكاوى زامورا بعد اعتزاله اللعب، وكيف اتجه للعمل فى مجال التحكيم، وماهى أول إنجازاته كإدارى داخل الزمالك والدور الكبير الذى لعبه لإنقاذ الزمالك من الضياع عقب تنحى حيدر باشا عن رئاسة النادى بعد ثورة يوليو.

لم تتوقف طموحات حلمى زامورا عند ارتدائه الفانلة البيضاء، فقد ظل دؤوباً على التألق من أجل الانضمام للمنتخب القومي، والذى شارك معه عام 1936 فى دورة برلين الأوليمبية، وفى نفس الوقت لم ينس حصته التعليمية حتى تخرج فى كلية الزراعة وحصل البكالوريوس فى عام 1938.. وعندما أدرك أنه أدى دوره كلاعب اعتزل فى صمت عام 1942، لكن بعدها ظل فى حيرة من أمره هل يستمر فى السلك الرياضى فقط.. أم يسلك طريقاً آخر بالشهادة التى حصل عليها؟.. الإجابة بكل تأكيد لا تحتاج إلى تفكير لأن طموحة مثل زامورا لا تقف أمام الصعوبات، فهو قرر أن يمشى فى الطريقين، وإنخرط فى مجال الإدارة الكروية بنادى الزمالك وفى نفس الوقت عمل كمهندس زارعي.

من حكاوى حلمى زامورا الشهيرة- وفقاً لحواراته الصحفية والتليفزيونية السابقة- أنه فى ذات ليلة فؤجئ بالكابتن محمود بدر الدين أفضل حكم مصرى – والذى كان يرتبط معه بعلاقة صداقة- يتحدث معه ويحاول إقناعه بدخول مجال التحكيم، فرفض فى البداية،ولم يستسلم الحكم لمحاولاته حيث قال له :” فكر فى الآمر ولا تتعجل قرارك”.. وبعد استشارته للمقربين منه تراجع عن رفضه وتقدم لامتحانات الحكام ونجح كالمعتاد، وظل يترقى فى سلك التحكيم حتى أصبح حكماً دولياً فى عام 1957 واعتزل التحكيم نهائياً فى عام 1962 لبلوغه سن الخمسين وطوال فترة عمله بالتحكيم عرف بنزاهته وحياده الكامل.

حلمى زامور بدأ حياته الادارية داخل نادى الزمالك عضوا فى لجنة الكرة فى عام 1948، وأختير عضو للنادى فى أول جمعية عمومية عام 1952، وتولى بعد ذلك منصب سكرتيراً عاما للنادي، ومدير الكرة وعضوية مجلس الادارة، وفى عام 1966 قررت الجمعية العمومية للنادى تعيينه مديرا متفرغا للنادى وفى ذات الوقت اختير مديرا للمنتخب الوطني.

أبرز حكاوى زامورا خلال توليه منصب سكرتير عام بالقلعة البيضاء، دوره الكبير فى بناء نادى الزمالك بميت عقبة،فقبل ثورة يوليو 1952، كان نادى الزمالك يحمل اسم الملك فاروق بعد أن تم تغييره من “المختلط” إلى “نادى فاروق”، وبعد الثورة أصبح يحمل اسم الزمالك فقط، وكان وقتها مبنى النادى لم يكن أكثر من مبنى صغير يضم أربع حجرات، وكان هناك أيضا ملعب الكرة، به حجرتان لخلع الملابس ومدرجات لا تسع بكل فئاتها أكثر من ستة الآف متفرج مدرجات الدرجة الأولى تتكون من أربع درجات وفوقها تندة خشبية، وكانت مدرجات الدرجة الثانية والثالثة من الطين ولم يكن يفصل النادى عن جاره الترسانة إلا حاجز من الصفيح به باب صغير يصل بين ملعبى الناديين، كان الملعب لا يصلح بالطبع إلا للمباريات المحلية، أما المباريات الدولية فكانت تقام فى النادى الأهلى، ثم زادت مشكلات الزمالك فقد تم انشاء مجموعة من العمارات السكنية الجديدة خلف الناديين معا وكان التخطيط الجديد للمنطقة يقضى بإقامة شارع لوصل هذه العمارات بعضها بعضاً، وكان الشارع أيضا يفصل بين الناديين وعندما لم تتم اقامة الشارع لجأ سكان العمارات إلى القضاء وحصلوا على أحكام قضائية تمنحهم تعويضات من مصلحة الأراضى التى لجأت للناديين للاتفاق على اقامة الشارع بعرض عشرة أمتار، فتنازل الزمالك عن سبعة أمتار وترك الترسانة ثلاثة أمتار وأقيم الشارع، ومع اقامة الشارع أصبح الناديان مكشوفين من الخلف، وأصبح من الضرورى اقامة سور جديد لكل ناد، كان ذلك فى مايو 1952 ولم يكن فى خزينة النادى مليم واحد، وازدادت الأمور تعقيداً فقد تنحى حيدر باشا عن رئاسة النادى عقب الثورة، ووقتها قررت الجمعية العمومية إسناد مهمة رئاسة النادى إلى الدكتور محمود شوقي.

ويقول حلمى زامورا :”ذهب وفد من أعضاء مجلس ادارة النادى لمقابلة حسين الشافعى وزير الشئون الاجتماعية فى ذلك الحين لطلب إعانة لبناء السور الجديد، وقدم الرجل مبلغ خمسمائة جنيه ومثلها لنادى الترسانة، وتم طرح بناء السور فى مناقصة رست على مقاول من أعضاء النادى هو السيد الطحاوى وبدأ العمل فى بناء السور “.

ودار حوار بين رئيس الزمالك الراحل والطحاوى حول تطوير مدرجات النادى، فقال زامورا: عايزين نهدم المدرجات القديمة ونبنى مدرجا جديدا من 21 درجة يسع 20 الف متفرج، بس مفيش و لا مليم فى النادى ..فرد الطحاوى :”اللى تأمر بيه، أنا تحت أمر الزمالك، بس تضمن لى حقوقى ويكون البناء بتكليف رسمى من مجلس الادارة”.

ويضيف زامورا :” دعوت مجلس الادارة للاجتماع باعتبارى سكرتير النادى، فلم يحضر إلا أربعة أعضاء، فقمنا بتأجيل الاجتماع لأن باقى الأعضاء كانوا بالمصايف، وحددنا موعد الجلسة الثانية بعد أسبوع، ولم يكتمل العدد فى الجلسة الثانية ايضا، رغم أننى كنت قد أعددت مذكرة بالموضوع وبموافقة الطحاوى أن يحصل على مستحقاته من ايراد المباريات، مرة عشرون جنيها، ومرة عشرة جنيهات، ومرة مائة جنيه فى المباريات الكبرى مثل مباراة الأهلى، وقررت أن أحصل على موافقة أعضاء مجلس الإدارة بالتمرير، بدأنا العمل قبل اكتمال التوقيع، وكنت أفكر فى ذلك، فقد ابتلع السور مبلغ الاعانة الذى منحه لنا حسين الشافعي”.

توفير الأموال ظل هو الشغل الشاغل فى تفكير زامورا، ووفقاً لما قاله فى حواراته السابقة، بأنه كان يسير فرأى خلف مدرجات الدرجة الأولى “شجر كافور” عمر كل منها يزيد على 52 عاماً، فدارت فى ذهنه فكرة بيع هذه الأشجار والاستفادة بثمنها فى بناء المدرجات، ويضيف :” أعددت مذكرة للإدارة، وتمت الموافقة، وقمنا ببيع شجر الكافور بمبلغ ألف جنيه دفعناها للطحاوى الذى بدأ فى البناء وظل يحصل على حقه من ايراد المباريات لمدة خمس سنوات، فهو كان رجلا زملكاويا حتى النخاع “.

“كنا نعمل فى بناء مدرجات الزمالك نهاراً وليلاً على ضوء الكلوبات”، هكذا تحدث زامورا على تلك الفترة، ويضيف قائلا: الحركة كانت الحركة لا تهدأ، سيارات تحمل الدبش والأسمنت، والعمال يعملون والناس تتساءل هل وجد نادى الزمالك كنزا، ووقتها قلت نفسى ولماذا لانبنى أيضا مدرجات الدرجتين الثانية والثالثة حتى ننافس النادى الأهلى ..ثم سألت الطحاوى .. ممكن ؟ .. ووافق، وفى شهر أغسطس انتهى العمل فى المدرجات، وقمنا بدعوة حسين الشافعى لافتتاح المدرجات الجديدة، وكان قد شاهد النادى فى صورته السابقة فى شهر يوليو عندما شهد مباراة أقامتها هيئة التحرير بمناسبة العيد الأول للثورة واقيمت فى ملعب الزمالك، وقال الشافعى :”هذا هو العمل الثورى الذى نريده فى كل مكان “.. للحديث بقية.

بقلم
حازم صلاح الدين

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى