الرحلة من الأمل إلى خيبة الأمل: تأملات عربية أمريكية حول السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط

موقع مصرنا الإخباري:

إن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد تناقضت مع تصوري لالتزام البلاد بالقيم الإنسانية.

باعتباري مواطنًا عربيًا أمريكيًا، شرعت في رحلة إلى الولايات المتحدة بحثًا عن الحرية، وهو المكان الذي اعتقدت أن حقوق الإنسان والقيم فيه عزيزة. وكان الحلم الأميركي يلوح في الأفق بوعود المساواة والعدالة والفرص. ومع ذلك، مع مرور الوقت، أدت تصرفات وعواقب السياسة الخارجية الأمريكية، وخاصة غزواتها وتدخلاتها في العراق وليبيا وسوريا واليمن، إلى زعزعة إيماني بشدة بالتزام البلاد بحقوق الإنسان.

لقد ملأني وصولي إلى الأراضي الأمريكية بإحساس من الأمل والإيمان بأنني نجوت من القمع والاضطراب الذي ابتليت به منطقتي. لقد وقفت الولايات المتحدة كمنارة للحرية، وهي دولة تعتز بتنوع سكانها وتحترم الحقوق الأساسية لجميع الأفراد. وفي هذه البيئة كنت آمل أن أبني حياة جديدة وأن أساهم في بناء مجتمع يقدر الكرامة الإنسانية.

ومع ذلك، فإن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد تناقضت مع تصوري لالتزام البلاد بالقيم الإنسانية. لقد أدت الحرب في العراق، التي شنت تحت ستار تفكيك أسلحة الدمار الشامل، إلى زعزعة الاستقرار والفوضى التي لا تزال تنتشر في جميع أنحاء المنطقة حتى يومنا هذا. وأزهقت أرواح بريئة، وتمزقت المجتمعات، وتفاقمت التوترات الطائفية، مما ترك فراغا أدى إلى ظهور الحركات المتطرفة.

وعلى نحو مماثل، أدى غزو ليبيا، بحجة حماية المدنيين، إلى تفكك البلاد وأدى إلى ظهور الجماعات المسلحة. ولم يتسبب هذا في مزيد من المعاناة للشعب الليبي فحسب، بل أدى أيضًا إلى انتشار حالة عدم الاستقرار في جميع أنحاء شمال أفريقيا ومنطقة الساحل.

علاوة على ذلك، فإن الحرب المدمرة على سوريا، والتي أودت بحياة عدد لا يحصى من الأرواح وشردت الملايين، أدت إلى تآكل ثقتي في السياسة الخارجية الأميركية. إن النهج غير المتسق، والتحالفات المتذبذبة، والاستجابة غير الكافية للأزمة الإنسانية، جعلتني أشعر بخيبة أمل وأتساءل عن إعطاء الأولوية للمصالح الاستراتيجية على حياة المدنيين الأبرياء.

وشهدت الحرب المستمرة على اليمن قيام الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية. لا يمكن التقليل من التكلفة البشرية لهذه الحرب، مع وقوع خسائر واسعة النطاق في صفوف المدنيين، والمجاعة، ونظام الرعاية الصحية المتهالك. وبعد مشاهدة هذه المأساة، أصبح من الواضح بشكل مؤلم أن السياسة الخارجية الأمريكية كانت تسترشد في كثير من الأحيان بالتحالفات والمصالح الجيوسياسية بدلاً من الالتزام الحقيقي بحقوق الإنسان ورفاهية السكان المتضررين.

لقد أثرت هذه التجارب، إلى جانب التناقضات الصارخة بين الخطاب النبيل لحقوق الإنسان والحقائق على الأرض، بشكل عميق على إيماني بالسياسة الخارجية الأمريكية. إن التناقض بين المبادئ الواعدة التي تأسست عليها الولايات المتحدة والإجراءات التي تم اتخاذها لتحقيق المصالح الوطنية يبدو في بعض الأحيان غير قابل للتوفيق.

باعتباري مواطناً أميركياً عربياً لجأ إلى الولايات المتحدة، فإن رحلتي من الأمل إلى خيبة الأمل اتسمت بالتنافر بين القيم التي تتبناها حقوق الإنسان والعواقب التي تخلفها السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. لقد تركت الحروب في العراق وليبيا وسوريا واليمن ندوباً على المنطقة وأثارت تساؤلات حول البوصلة الأخلاقية التي توجه عملية صنع القرار.

والآن كفلسطينية أميركية.. متى سيتوقف؟

وقد ترك لدى الأميركيين من أصل فلسطيني انطباع بأنهم قد تم التخلي عنهم وخيبة أملهم نتيجة للدعم الثابت الذي تقدمه الولايات المتحدة لـ “إسرائيل”. وهذا الدعم مدفوع بالتحالفات الاستراتيجية والاعتبارات الجيوسياسية. وسرعان ما تبدد الأمل في أن تقوم الولايات المتحدة بدور الوسيط المحايد في الحرب، عندما أصبح من الواضح أن السياسة الخارجية الأمريكية كانت تحاول إفادة “إسرائيل” على حساب التجاهل التام للحياة الفلسطينية.

لقد اشتعلت مشاعر الألم والغضب من جديد نتيجة للأحداث الأخيرة التي تشهدها فلسطين، ولا سيما أعمال التطهير العرقي الجارية. ما زلت أجد صعوبة في استيعاب التعقيدات والتناقضات المتأصلة في السياسة الخارجية الأمريكية، والتي ساهمت في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني. لقد تزايدت شكوكي بشأن فعالية وصدق السياسة الخارجية الأمريكية في إقامة سلام دائم وحماية المصالح العربية، وخاصة مصالح الفلسطينيين، نتيجة لطبيعة هذه الحرب التي طال أمدها.إن رحلة الأميركيين العرب، وعلى وجه التحديد، الأميركيين الفلسطينيين من الأمل إلى خيبة الأمل هي رحلة معقدة عندما ننظر إليها في سياق السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. وذلك لأن الطريق من الأمل إلى خيبة الأمل قد تشكل من خلال شبكة معقدة من الأحداث التاريخية، والحقائق الجيوسياسية، والتحالفات المتغيرة. ومع استمرار تطور العلاقة، هناك حاجة ملحة لاستراتيجية أكثر شمولاً وتعترف بتنوع وجهات النظر داخل المجتمع العربي الأميركي. إن الجراح الناجمة عن خيبة الأمل لا يمكن أن تبدأ بالشفاء إلا بتطبيق المعرفة والتعاطف، مما يفتح الباب لمزيد من التفاعل المثمر بين العرب الأميركيين والقرارات المتخذة بشأن السياسة الخارجية التي تؤثر على حياتهم وتاريخهم.

الولايات المتحدة
قطاع غزة
فلسطين المحتلة
عملية طوفان الأقصى
فلسطين
أرض الحرية
غزة
الشرق الأوسط

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى