الدعم وليس التدخل هو استراتيجية جبهة المقاومة

موقع مصرنا الإخباري:

من المفاهيم المهمة التي طرحها السيد نصرالله في خطابه الأول بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، وحدة جبهة المقاومة، التي أوضح أنها لا تنفي استقلال المقاومة في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وغيرها.

وذكر أنه لا توجد جهة تتلقى أوامر مباشرة من إيران وكل جبهة تقوم بتقييم وضعها قبل تنفيذ العمليات. معركة طوفان الأقصى برزت على أنها قرار المقاومة الغزية، من دون استشارة محور المقاومة الأوسع، وبالتالي فهي الكيان الذي يتحمل تبعات العملية والانتصارات التي تلتها.

فإذا كانت المقاومة الغزية قادرة بمفردها على إضعاف كيان الاحتلال الإسرائيلي، فإن ذلك أقوى مما لو قامت جبهات متعددة بذلك، كما يسلط الضوء بشكل أكبر على هشاشة الكيان. إن نجاحات 7 أكتوبر ونتائجها، بما في ذلك الهجرة العكسية وإخلاء المستوطنات حول غزة والغلاف الشمالي، بالإضافة إلى انهيار الاقتصاد، أظهرت للعالم حقيقة هذا الكيان الضعيف.

وشدد السيد نصرالله على أن فتح الجبهات أمر مرن لا يتم إلا عند الضرورة، لمنع إضعاف أي جبهة تحت الضغط. ولمن تساءل عن سبب توسيع الجبهات، قال السيد نصر الله إنه إذا انكسرت غزة فإن لبنان هو التالي، وفي هذا السياق فإن دعم المقاومة الغزية هو في مصلحة لبنان وسائر الدول في محور المقاومة. ولأولئك الذين شككوا في دور الجبهة اللبنانية حتى الآن، سلط الضوء على كيفية قيامها بتخفيف الضغط عن المقاومة في غزة، من خلال استيعاب ثلاث كتائب عسكرية من النخبة على الحدود اللبنانية، والتي كان من الممكن أن تضع استراتيجية لهزيمة المقاومة في غزة. لذلك، فإن تدخل محور المقاومة يهدف إلى دعم إطلاق العملية الأصلية، مقابل فتح جميع الجبهات للتدخل في وقت واحد.

فيما يلي ثلاثة أسباب لعدم فتح محور المقاومة الأوسع جبهة الحرب مع بداية 7 تشرين الأول/أكتوبر:

1) تحقيق النصر على يد المقاومة الغزية هزيمة أعظم من الهزيمة على يد محور المقاومة مجتمعة.

2) لقد تم توضيح مدى صمود الفلسطينيين وصمودهم للعالم وكان بمثابة درس.

3) إظهار الوجه الحقيقي الشرس لكيان الاحتلال الإسرائيلي.

ولو تدخل محور المقاومة الأوسع بكل قوة، لكانت المعادلة حرباً بين دول و«مصالح»، على عكس الوجه الحقيقي للاحتلال الذي يظهر نفسه. وقد أوضحت هذه الحرب أن المحور مستعد للتدخل وتوسيع الحرب في ظل الظروف المناسبة، وأن وحدة الجبهات تتطلب استمرار الدعم للكيان الذي يتعرض لإطلاق النار.

لقد بعثت دماء غزة من جديد وحشدت العالم بطريقة لم يسبق لها مثيل من قبل؛ لقد سمح لحجم القمع الفلسطيني بالظهور. لقد كشفت عن العار التاريخي الأصيل للقوى العظمى العالمية، التي تآمرت لإنشاء هذا الكيان على أنقاض الشعب الفلسطيني المطهر عرقياً. صبر غزة جعل الملايين يتساءلون عن سرها ومصدرها.

إن التدخل الكامل لمحور المقاومة برمته يتعارض مع المصلحة العامة. ويهدف محور المقاومة إلى تحقيق النصر الكامل عندما تسمح الظروف بذلك. إن الاستعداد للحرب هو في حد ذاته العامل الأكثر أهمية لضمان النصر. وإذا سعى كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى توسيع دائرة الصراع للقضاء على المقاومة الغزية، فإن المشاركة تصبح إلزامية.

ورغم أن هذه الورقة مطروحة على الطاولة بالنسبة للمعسكر الغربي الذي كان يتوقع المزيد من التدخل من المحور، مع هبوط أكثر من تسع طائرات عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي في لبنان استعدادا لهذا السيناريو، إلا أنهم غير مهتمين بحرب شاملة، لأن ذلك من شأنه أن يعرض للخطر استقرار المصالح الأمريكية في المنطقة.

وأوضح السيد نصر الله في خطابه الثاني منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر أن تدمير غزة هو رسالة ردع، وأن مثل ذلك سيحدث لأي دولة تجرؤ على التمرد. لكن أميركا تسعى إلى تحقيق نصر عسكري ضد المقاومة في غزة، لأن الضغط العسكري مطلوب للوصول إلى هدف نقل السلطة في غزة إلى كيان صديق للغرب. والهدف الأميركي هو أن تتحول المقاومة الغزية من سلطة حاكمة إلى كيان مقاوم بلا سلطة، مثل الجماعات الموجودة داخل الضفة الغربية. ليس لكيان الاحتلال الإسرائيلي أي مشكلة مع المقاومة في غزة التي تحكم، إذا كانت لا تشكل خطراً أمنياً على كيان الاحتلال، لكن بعد 7 أكتوبر، لم يعد بإمكان كيان الاحتلال الإسرائيلي أن يثق بالمقاومة في غزة.

والمنطقة مهمة بالنسبة لأميركا، لدرجة أنها سعت إلى تثبيت حضورها المباشر من جديد، لأن كيان الاحتلال الإسرائيلي ليس قوياً بما يكفي لتغطية مصالحه وتهديداته.ولذلك تسعى أميركا إلى سد النقص الذي خلفه فشل الكيان. لقد كشفت هذه الحرب مدى هشاشة كيان الاحتلال الإسرائيلي غير القادر على تحقيق أهدافه العسكرية، رغم أن أمريكا منحته كل الوقت والمساحة للقيام بذلك، من خلال تأخير وقف إطلاق النار لضمان النصر على البعض. مستوى.

وبالتالي فإن الحرب ستستمر حتى تتخلى المؤسسة الأميركية عن احتمال إضعاف المقاومة في غزة عسكرياً وستسعى إلى المضي قدماً نحو حل سياسي على أمل تهميش المقاومة. ولذلك فإن الهدنة خدمت أهدافاً تكتيكية، ولو أن الحرب توقفت بوقف نهائي لإطلاق النار في هذه المرحلة الحالية لكان محور المقاومة قد حقق هدفه.

والحقيقة أنه حتى لو تمكن كيان الاحتلال الإسرائيلي من إضعاف المقاومة في غزة، فإن روح المقاومة، بالإضافة إلى التحول في الرأي العام العالمي، يعني أنه لا عودة إلى الوضع الراهن. لقد أصبح مفهوم المقاومة أمراً طبيعياً عالمياً، خاصة في الدول العربية التي مارست ضغوطاً داخلية على حكوماتها تهدد المصالح الغربية.

علاوة على ذلك، فقد تراجعت سنوات من الدعاية والطائفية ضد إيران ومحور المقاومة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، حيث يشهد العالم أن كيان الاحتلال يفقد نومه على محور المقاومة، والمقاومة الفلسطينية تشكر المحور علناً على دعمه الحاسم.

وهناك تهديد بتوسع جبهة المقاومة من خلال تشكيل مجموعات شبه عسكرية صغيرة في الدول العربية المجاورة، تؤيد طريق المقاومة وترفض خيانة حكامها العرب. وينطبق هذا بشكل خاص على مصر التي تأثرت إلى حد كبير بحقيقة أن المحور المنظم الوحيد الذي يقف إلى جانب فلسطين هو أولئك الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى