إن الدمار البيئي في غزة لم يحدث بعد أي تأثير في الوعي العالمي بقلم توفيق الناصري

موقع مصرنا الإخباري:

إن الوضع في غزة رهيب، وتبدي المنظمات البيئية مخاوف بشأن الآثار الكارثية على النظم البيئية والتنوع البيولوجي في غزة.

إن الفظائع التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في غزة تشبه القصف المتواصل للمدن الألمانية من قبل قوات التحالف خلال الحرب العالمية الثانية. وفي أقل من سبعة أسابيع، من تشرين الأول/أكتوبر إلى كانون الأول/ديسمبر، أسقطت قوات الاحتلال عدداً مذهلاً من المتفجرات بلغ 30 ألف عبوة ناسفة في غزة. وهذا يعادل الكمية الإجمالية للقنابل التي أسقطتها القوات الأمريكية والبريطانية أثناء غزوها للعراق في عام 2003.

ولم يقتصر القصف المتواصل الذي تقوم به الدولة الصهيونية على مقتل أكثر من 32.000 من سكان غزة واحتجاز عشرات الجثث تحت أنقاض المباني المدمرة فحسب، بل ألحق أيضًا أضرارًا غير مسبوقة بالبيئة. وتلوث الذخائر والسموم التربة والمياه الجوفية، مما يحول مزارع الزيتون إلى أرض مضغوطة، ويسد البحر بمياه الصرف الصحي والقمامة، ويلوث الهواء بالدخان والجسيمات.

إن الوضع في غزة رهيب، وتبدي المنظمات البيئية مخاوف بشأن الآثار الكارثية على النظم البيئية والتنوع البيولوجي في غزة. وتزايدت المطالبات بتصنيف هذا الدمار على أنه “إبادة بيئية” واحتمال التحقيق فيه باعتباره جريمة حرب. إن العواقب البيئية والمدنية في غزة، رغم أنها لا يمكن مقارنتها بدقة بالدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، إلا أنها مثيرة للقلق وكبيرة.
برنامج الأمم المتحدة للبيئة غير قادر على التحقيق

على الرغم من أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يبحث بعمق في الأثر البيئي للحرب في غزة للحصول على صورة واضحة عن المستويات المرتفعة لتلوث الأراضي والتربة والمياه، إلا أنه لم يتمكن من الوصول إلى مستوى العالم. إجراء مسوحات ميدانية في غزة بسبب الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على الأهداف المدنية، بما في ذلك المستشفيات والأماكن السكنية.

وفي أواخر كانون الثاني/يناير، قالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، خلال كلمة ألقتها، إنها أعطت الضوء الأخضر لطلب رسمي من دولة فلسطين لإجراء تقييم الأثر البيئي في غزة. وفي الشهر الماضي، أظهرت أندرسن التزام برنامج الأمم المتحدة للبيئة الثابت خلال الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي، حيث التقت بالدكتورة نسرين التميمي، رئيسة هيئة جودة البيئة في دولة فلسطين.

في أوائل الشهر الماضي، أصدرت أديل خضر، المديرة الإقليمية لمنظمة اليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بياناً كشفت فيه عن روايات مؤلمة عن وفيات الأطفال الرضع بسبب الجوع والعطش في شمال قطاع غزة. وقالت إن هذه الوفيات المأساوية والبغيضة كان من الممكن منعها وأنها من صنع الإنسان، وذكرت أن المخاوف البيئية تتضاءل مقارنة بالمعاناة الإنسانية الهائلة. ومع ذلك، فقد ربطت الأزمة الإنسانية المستمرة بين هاتين الظاهرتين بشكل لا ينفصم. وقد نتج تلوث المياه عن التفجيرات، مما تسبب في نفاد مياه الشرب وزيادة الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه.

واستناداً إلى تقارير إعلامية، حاول برنامج الأمم المتحدة للبيئة الحصول على فهم أولي لحجم الأضرار البيئية من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، وجمع المعلومات من كيانات الأمم المتحدة الموجودة على الأرض، والاستفادة من المعرفة بتداعيات الصراعات السابقة (بما في ذلك الصراعات في غزة ومناطق أخرى). ). يمكن أن نستنتج من البيانات الأولية أن الصراع قد أدى إلى زيادة كبيرة في تلوث الأراضي والمياه والرواسب وإطلاق مواد خطيرة في النظام البيئي. وتكشف النتائج الأولية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة عن تصريف يومي لما لا يقل عن 100 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي ومياه الصرف الصحي على الأرض أو في البحر الأبيض المتوسط. تؤدي هذه التصريفات إلى ارتفاع تركيزات الكلوروفيل والمواد العضوية العالقة والطفيليات المعوية في المياه الساحلية.

وقد أدى السد المستمر إلى إزاحة ما يقرب من 27 مليون طن من النفايات، مما يشكل تحديات بالإضافة إلى تلوث الهواء والتربة والمياه. قد تشمل المخلفات والركام مواد خطرة مختلفة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الأسبستوس والمعادن الثقيلة وملوثات الحرائق والذخائر غير المنفجرة والمواد الكيميائية الخطرة.
من أين تحصل “إسرائيل” على السلاح؟

في أواخر العام الماضي، زُعم أن تقرير تحقيق أجرته صحيفة الغارديان أثبت أن حكومة الولايات المتحدة منحت “إسرائيل” إمكانية الوصول السري إلى المستودعات شديدة التأمين المقامة على الأراضي الإسرائيلية، والتي تحتوي على أسلحة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات. وفي الثمانينيات، أنشأت حكومة الولايات المتحدة المخزون، بهدف إمداد القوات الأمريكية بسرعة في الصراعات المستقبلية المحتملة في الشرق الأوسط. وتسمح حكومة الولايات المتحدة حاليا لـ”إسرائيل” بالاستفادة من احتياطياتها الهائلة. وحصلت “إسرائيل” على كميات كبيرة من الذخائر من المخزون لاستخدامها في صراعها مع غزة.

لقد أدت المخزونات المعنية إلى دفع إدارة بايدن إلى حالة من الترقب بعد التدقيق، تزامنا مع تصاعد الضغوط بشأن تأييدها للقصف الإسرائيلي لغزة. إن الطبيعة العشوائية للقصف الإسرائيلي على غزة تشكل مصدر قلق واسع النطاق. وتواجه الحكومة الأميركية حالياً استفسارات حول كميات وأنواع الأسلحة التي تزوّدها “إسرائيل” والنسبة المتوفرة من خلال المخزون المخفي والمجهز مسبقاً.

سعى اقتراح البيت الأبيض إلى تخفيف القيود المفروضة على أنواع الأسلحة الموضوعة في المخزون، وإعفاء حدود الإنفاق على تجديدها، ومنح البنتاغون مزيدًا من الحرية في نقل العناصر من ترسانة المشرعين المضطربين في واشنطن.

واحتجاجا على استمرار مساعدة واشنطن الفتاكة لـ”إسرائيل”، استقال جوش بول من منصبه في وزارة الخارجية. وذكر أن التغييرات المقترحة على المخزون تأتي في إطار جهود إدارة بايدن لإيجاد طرق جديدة لإمداد “إسرائيل”.
الاستخدام العدواني للقنابل الغبية

قصفت “إسرائيل” غزة بعشرات الآلاف من القنابل الغبية، فدمرت الممتلكات الخاصة والهياكل العامة والمستشفيات والمدارس، فضلاً عن التدهور البيئي وفقدان عدد كبير نسبياً من أرواح المدنيين. وتنشأ مخاوف كبيرة بشأن آثار “القنابل الغبية” غير الموجهة على السكان المدنيين والبنية التحتية في خضم النزاع.

وخلص تقييم استخباراتي أمريكي إلى أن ما يقرب من نصف الذخائر التي استخدمتها “إسرائيل” في غزة منذ بداية الصراع كانت عبارة عن متفجرات غير موجهة. وتساعد هذه النسبة، وفقاً لخبراء الأسلحة، في تفسير المعدل الفلكي للضحايا المدنيين في الصراع. ويتزامن هذا الكشف مع تكثيف المداولات بين السلطات “الإسرائيلية” والأمريكية بشأن الترتيب الذي تجرى به الحملات العسكرية طوال فترة الصراع. ويكشف تقييم حديث لمكتب مدير المخابرات الوطنية أن 55% إلى 60% فقط من الذخائر التي استخدمتها قوات الاحتلال في الفترة من 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول 2023 كانت موجهة بدقة، في حين كانت البقية عبارة عن “قنابل غبية”. وتشعر المنظمات الإنسانية وغيرها بالقلق إزاء العدد الكبير من القنابل غير الموجهة المستخدمة مع تزايد المطالب داخل الولايات المتحدة وخارجها على حد سواء بأن تقوم واشنطن على الفور بتخفيض الخسائر في صفوف المدنيين قبل تقديم المساعدة العسكرية الإضافية إلى “إسرائيل”.

الولايات المتحدة
إسرائيل
الإبادة الجماعية في غزة
غزة
فلسطين
قطاع غزة
البيئة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى