موقع مصرنا الإخباري:
لم يفشل الجيش الإسرائيلي في توجيه ضربة كبيرة للمقاومة الفلسطينية فحسب، بل جعل المستشفيات أهدافه الأساسية أيضًا.
بعد مرور أسابيع على التوغل البري الإسرائيلي في قطاع غزة المحاصر، يمكن الاستنتاج أن هدف النظام الصهيوني هو استهداف المدنيين والتخلص من فكرة هزيمة حماس عسكرياً. لم يفشل الجيش الإسرائيلي في توجيه ضربة كبيرة للمقاومة الفلسطينية فحسب، بل جعل المستشفيات أهدافه الأساسية أيضًا.
في بداية الحرب على غزة، وفي أعقاب العملية التي قادتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ “سحق” حركة المقاومة الإسلامية في قطاع غزة المحاصر. وكانت اللغة التي استخدمها أيضا وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، مماثلة، حيث وصف سكان غزة بأنهم “حيوانات بشرية”. ويكفي أن نقول إنه منذ البداية، تعهد النظام الصهيوني علنًا بمعاقبة جميع سكان غزة بشكل جماعي، وقطع المياه والغذاء والكهرباء والغذاء والمساعدات الطبية، ثم حرمانهم لاحقًا حتى من وسائل الاتصال بالعالم الخارجي. إذا تتبعنا التصريحات العامة الإسرائيلية، سواء كانت صادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير الأمن أو الرئيس، فقد كان هناك إعلان واضح وصريح بأنهم يستهدفون الشعب الفلسطيني في غزة وليس فقط جماعات المقاومة.
فحين يتحدث الإسرائيليون والمتآمرون معهم من الأميركيين عن “القضاء” على حماس، فإنهم لا يذكرون صراحة على الإطلاق كيف قد يبدو هذا السعي المزعوم “لسحق” حماس. وإذا ذهبنا إلى التصريحات العلنية التي صدرت عن الجيش الإسرائيلي وقيادته السياسية، وحتى ممثلي إدارة بايدن الأميركية، فسنرى أن الأهداف تتطور وتتحول باستمرار. لقد سمعنا عن خطط لإعادة احتلال قطاع غزة، ورأينا أيضاً أن الأميركيين يخرجون معارضين لهذه الفكرة. ثم نسمع عن احتمال تدمير البنية التحتية للأنفاق التابعة للمقاومة الفلسطينية، إضافة إلى الحديث عن اغتيال قيادات بارزة في حماس. وكانت هناك في بعض الأحيان مؤشرات على أن الجيش الإسرائيلي يسعى أيضاً للوصول إلى أسرى الحرب وإعادة أسرهم.
على الرغم من عدم وضوح مجموعة الأهداف، أو بالأحرى التطلعات، للحرب العسكرية الإسرائيلية على غزة، فإن الواقع على الأرض يبدو مختلفا تماما. ما يمكن ملاحظته هو الرفض الواضح للقوات المسلحة الصهيونية لنشر عدد كافٍ من المشاة بجانب مركباتها العسكرية، الأمر الذي ترك دباباتها وناقلات الجنود المدرعة والجرافات العسكرية مفتوحة للهجوم في ساحة المعركة. كشفت اللقطات التي شاهدناها، والتي نشرتها فصائل المقاومة الفلسطينية، وأبرزها سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وكتائب القسام التابعة لحركة حماس، عن عشرات الهجمات التي أدت إلى إلحاق أضرار بآليات عسكرية إسرائيلية أو تدميرها. ، مع وجود أدلة على وقوع هجمات من مسافة صفر ضد تجمعات القوات الإسرائيلية. من ناحية أخرى، أظهرت مقاطع الفيديو التابعة للجيش الإسرائيلي ضربات الدبابات على أهداف، دون دليل على وجود مقاتل فلسطيني هناك، وحتى مقاطع الفيديو التي تم نشرها عن إطلاق المشاة النار لم تظهر إصابات مباشرة على أي مقاتلين مؤكدين.
إن عدد الضحايا في كل من المقاومة الفلسطينية والقوات المسلحة الصهيونية غير واضح حاليًا، ولكن ما يمكننا قوله هو أنه في حين أن أداء فصائل المقاومة يفوق قدراتها المتوقعة بشكل واضح، لم تكن هناك ضربة عسكرية واحدة كبيرة تم توجيهها لها. حماس. أمضت “إسرائيل” وحلفاؤها الأمريكيون، المسؤولون عن هذه الحرب، أسابيع في بناء رواية مفادها أن المواقع الرئيسية ومراكز القيادة للمقاومة الفلسطينية كانت تقع داخل المستشفيات أو تحتها. وزعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية وقيادتها، إلى جانب البيت الأبيض، أن مستشفى الشفاء في مدينة غزة كان موقعًا رئيسيًا لحركة حماس.
كان استيلاء الشفاء متوقعا. في الواقع، كنت شخصيًا، خلال الأسبوع السابق، ذكرت مرارًا وتكرارًا أن الجيش الإسرائيلي سيظهر لالتقاط صورة تذكارية ويرفع العلم الإسرائيلي فوق مرافق المستشفى بينما يدعي أنهم عثروا على أسلحة. وليس من المفاجئ أن هذا ما حدث بالضبط. ما لم أتوقعه أنا وآخرون هو الطبيعة غير الجادة للتجهيزات المزيفة لمسرح الجريمة التي أنشأها الجيش الإسرائيلي، والتي تعرضت للسخرية على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب عروضها التقديمية الشبيهة بمسلسل لوني تونز.
حتى الآن، الأهداف الوحيدة الواضحة للهجوم على غزة هي كما يلي:
1- يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى كسب الوقت من أجل بناء الحجج اللازمة للبقاء في منصبه أو حماية مستقبله عندما تنتهي الحرب.
2- تسعى “إسرائيل” وأمريكا إلى استعادة صورة الردع في المنطقة، وهو ما يتم على حساب السكان المدنيين في غزة والبنية التحتية للقطاع.
3- يسعى الكيان الصهيوني إلى توجيه ضربة إلى السكان المدنيين تستلزم إما تطهيراً عرقياً جماعياً لشعب غزة خارج الإقليم، أو خلق حقائق جديدة على الأرض من شأنها، نظرياً، إضعاف السلطة الفلسطينية. مقاومة.
4- إن الهجوم الإبادة الجماعية المضطرب على سكان غزة هو رسالة مباشرة إلى إيران وحزب الله وحركات المقاومة الإقليمية الأخرى.
المجازر التي ترتكب كل يوم في غزة ليست عشوائية؛ إنها مصممة لترويع وإذلال وإحباط الشعب الفلسطيني لأن الصهاينة يفهمون أنهم لا يستطيعون هزيمة المقاومة الفلسطينية. لن يكون هناك سحق لحماس؛ إنها مهمة مستحيلة، لذا يحاول الجيش الإسرائيلي سحق قطاع المجتمع المدني في غزة، وتفكيك الإدارة المدنية، والضغط على السكان المدنيين. إنها استراتيجية وحشية وغير إنسانية تعتبر الشعب الفلسطيني برمته أهدافا عسكرية مشروعة. ويسعى إلى معاقبتهم جميعًا بشكل جماعي كما يفعلون مع المقاتلين النشطين.
والأمر الواضح هو أنه لا يوجد طريق لتحقيق نصر عسكري في قطاع غزة بالنسبة للإسرائيليين، ولذلك فهم يسعون إلى تحقيق النصر على الشعب. ومع ذلك، كلما واصلوا حملتهم القاتلة، زادت فرصة نشوب صراع إقليمي من شأنه أن يبتلع الكيان ببطء في النيران. استراتيجية المقاومة هي حرب عصابات واضحة المعالم، تجعل العدو ينزف حتى ينهار أو يتراجع، بينما تقوم قوى المقاومة الإقليمية برفع درجة الحرارة ببطء من أجل إقناع الولايات المتحدة بالتدخل لإيقاف الإسرائيليين أو إجبار الإسرائيليين على ذلك. أنفسهم للانهيار تحت الضغط. هناك طريقتان يمكن أن تنتهي بها هذه المعركة: انسحاب إسرائيلي تحت إشراف الولايات المتحدة ووقف إطلاق النار أو صراع إقليمي من شأنه أن يعني نهاية النظام الصهيوني تماما. سيكون الخيار الأخير دمويًا للغاية من جميع الجوانب. ومن المرجح أن تشمل الولايات المتحدة بشكل مباشر ويمكن أن تؤدي إلى استخدام الأسلحة النووية. الوضع واضح جداً؛ إن الحرب الإسرائيلية على غزة هي حرب إبادة ضد السكان المدنيين، وهي تجري بدعم من الولايات المتحدة وبطلب منها.