موقع مصرنا الإخباري:
مصانع صغيرة في منازل بقرى الصعيد، الهدف منها إنتاج «الشابو» المخدر، الذي يغزو عقول الشباب، ويدمر حياتهم، فتارة يعرضهم للتفكير في الانتحار، وتارة يجعلهم يرتكبون جرائم عدة، من أبرزها القتل والسرقة، فهنا الإبن يقتل والدته، والأخ يقتل أشقائه الثلاثة ثم يموت قتيلًا بعد مطاردة الشرطة له، وهنا الشاب يتعدى على أقاربه، بعدما يخيل له أنه الأقوى والأفضل، إذ لا يكون في وعيه، أو على دراية بما يفعل، في حق نفسه وحق المجتمع.
فهنا حدثت جرائم مات فيها من مات، وحُبس فيها من حُبس، شباب في زهرة حياتهم، سلكوا طريق تعاطي وادمان الشابو المخدر، الذي أصبح يغزو عقول الشباب، فتارة يقتلون وتارة يسرقون، في محاولة منهم لشراء هذا المخدر الذي انتشر بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
وبالرغم من ارتفاع سعر الشابو المخدر إلى 2000 جنيه للجرام الواحد، إلا أن اقبال الشباب على شرائه أكبر من المخدرات التي كان يتناولها المتعاطين والمدمنين قبل ذلك، مثل الحشيش والبانجو والأفيون أو الأقراص المخدرة، والتي يكون سعرها أقل من الشابو المخدر.
وفي رحلة البحث عن “الشابو المخدر”، تبين وجود مصانع صغيرة في منازل داخل قرى بالصعيد في قنا وسوهاج، وغيرها من المحافظات، لصناعة هذا السم القاتل، الذي دمر الشباب وساعد في انتشار الجريمة، والذي يصنع من مواد كيمائية خطيرة مثل من الميثا أمفيتامين التي تعتبر من المنشطات شديدة الإدمان، ويحتوي على مزيج من المواد الكيميائية الخطيرة، التي تعمل في البداية كمنشط للجسم، لكنها تتحول بعد ذلك إلى سلاح فتاك يسبب أضرارًا صحية بالغة، ومن أهم اضراره فقدان الذاكرة، والسلوك العدواني.
تبين أيضًا أن مروجي هذا المخدر، يقومون ببيعه عن طريق مناديب لهم في أماكن متفرقة، ويخبئونه في منازل مهجورة أو في أماكن مخفية في منازلهم، وصغر حجمه وبيعه بالجرام يساعدهم في بيعه ، للعديد من الشباب، كما أنهم يتخذون أماكن مخفية في منازلهم أو في منازل مهجورة لصناعة هذا المخدر، ونجحت الأجهزة الأمنية من ضبط كميات كبيرة من هذا المخدر قبل ترويجه، إلا أن هناك العديد من التجار، ما زالوا يبيعونه في مختلف القرى، مما ساعد في انتشار الجريمة.
أضرار الشابو
ومن أضرار الشابو، أنه يحول المتعاطي لشخص عدواني، ويصاب بالهزال الجسدى فهو يقضى على شهية الشخص لتناول الطعام ويجعله في كثير من الأحيان لا يتناول الطعام لأيام، ويؤدى إلى زيادة ضربات القلب والرجفة القلبية بشكل قد يؤثر على المتعاطي بل قد يؤدى إلى موته المفاجئ، كما يؤدى إلى زيادة فى ضغط الدم قد تصل إلى حالة ارتفاع ضغط الدم بشكل يخرج عن السيطرة، ويؤثر وجدانيا ونفسيا على الشخص ويجعله متقلب المزاج ومندفع السلوك بل قد لا تستطيع التنبؤ بما قد يصدر من متعاطي الشابو فى أى وقت، كما يؤدي إلى حالات تسمم جسدية شديدة الخطورة، وتساقط الأسنان، ويسبب حدوث الشلل الرعاش، ويظهر على متعاطي ومدمني الشابو علامات الشيخوخة المبكرة.
مدمن يروي تجربته
تواصلنا، مع أحد المتعاطين والمدمنين للسم القاتل، والذي أوضح قائلًا: لجأت للشابو المخدر بدلًا من تعاطي المخدرات الأخرى، فالشابو له القدرة على أن يجعلني قويًا في لحظة احتياجي للقوة، يجعلني أستيقظ يومين، وأنام مثلهما، يجعلني السيد في كل موقف، فأنا المتحدث في أي ” قعدة ومش بحب غيري يتكلم”، وأنا الشخص العدواني الذي لا يستطيع أحد مقاومتي”.
ويتابع متعاطي الشابو، والذي بالطبع رفض ذكر اسمه خشية الملاحقات الأمنية قائلًا: ” بشتري الشابو بالجرام من أماكن معلومة وبيجيلي لحد عندي .. الجرام الواحد الكريستال التقليد بـ 1200 جنيه، أما الكريستال الخليط فمن 800 إلى 1000 جنيه، أعلم أن سعره مرتفعًا ولكن مع اعطائه وادمانه والحالة التي تعيش فيها بسببه لا يفرق هذا شيئًا، وأعلم أن ربما أسرق أو أقتل أعز أقاربي، ولكن لن أستطيع التخلي عنه، حتى لو كان ذلك سيكلفني حياتي، لافتًا أن من لا يستطيع السيطرة على نفسه بعد تناول الشابو ” عيال فرافير لسه طالعين في الكيف وملهومش فيه وجابولنا العار”.
ويقول سيد عوض، أستاذ علم الاجتماع بجامعة جنوب الوادي، إن متعاطي الشابو أو المخدرات عامة، هو ضحية من ضحايا المجتمع، خاصة في الصعيد، فالمخدرات بكافة أنواعها، تتلف خلايا المخ وتؤثر على الشخص، والجميع ينظر إلى الأسرة بأنها سبب من أسباب تعاطي المخدرات، إذا تفككت على سبيل المثال، ولكن الحقيقة عكس ذلك، فلا توجد أسرة في الصعيد، ترغب في أن ترى ابنها من المتعاطين أو من تجار المخدرات، لأن هذا يجلب لهم العار، وقتله أهون عليهم من ارتكابه هذه الجريمة في حقه وحق أسرته، ولكن المتهم الرئيسي في القضية هو المجتمع، فلا يوجد توعية لخطورة المخدرات، وحتى إن وجدت كيانات أو مؤسسات أو حتى أفراد، لا يكونون على قدر من الكفاءة لقيامهم بذلك.
ويطالب أستاذ علم الاجتماع، بضرورة تفعيل قصور الثقافة والإعلام ومكافحة المخدرات، في التوعية ومنع انتشار هذه المخدرات وسط الشباب، مطالبًا الدولة بكافة أجهزتها في التصدي بكل قوة لمنع انتشار المخدرات ، واعلانها الحرب على هذه المواد المخدرة، التي لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب و الكورونا والثأر وغيرها.
ويشير محمود الحفناوي محام، إلى أن القانون نص على تغليظ العقوبة لتجار وجالبي المواد المخدرة، والتي تصل إلى الإعدام شنقًا، لافتًا أن قوانين المخدرات واحدة ، وكل فترة يكون هناك تنسيق بين وزارتي الصحة والداخلية لإدراج أدوية بعينها ضمن أدوية ” الجدول”، وبناء عليه يتم تطبيق القانون سواء بالتعاطي أو بالاتجار.
ويشير إلى أن الشابو ليست مشكلة قانونية بقدر كونها مشكلة طبية ، بمعنى أن التامول في الأول كان مصرح بتناوله، ولكن بعد ذلك أصبح غير مصرح به لكشف مواد به تؤثر على خلايا المخ، وهناك مواد مخدرة صعب على الأجهزة الأمنية كشفها في البداية لأن هناك صور متنوعة لها منها الصلبة أو العادية، فضلًا عن اختلاف الصور الكيميائية التي يتم التصنيع بها.
ويتابع الحفناوي، أن عقوبة التعاطي تكون ما بين 24 ساعة و 3 سنوات، وعقوبة الاتجار من 3 سنوات وحتى المؤبد، وعقوبة الجلب تصل إلى الاعدام، حسب ما يترآه القاضي وحسب الكمية المضبوطة وهل هناك سابقة من عدمه في الاتجار، مطالبًا بتعديل قانون الاجراءات الجنائية فيما يتعلق بقوانين المخدرات، من خلال توسيع دائرة الاشتباه، وايضًا دعم الأجهزة الشرطية بأجهزة حديثة لمعرفة مكونا المواد المضبوطة.
وتمكن مكتب مكافحة المخدرات بقنا، في الآونة الأخيرة، برئاسة العميد فهد محمود حفني، وتحت إشراف اللواء عاطف أبو الوفا، رئيس الأمن العام بقنا، واللواء محمد ياسر، مدير المباحث الجنائية، برئاسة اللواء محمد أبو المجد ، مدير أمن قنا، من ضبط 2833 جرام من الشابو المخدر، بحوزة متهمين، تتخطى قيمتها 5 ملايين جنيه.
وتمكنت الحملات الأمنية المكبرة، والتي داهمت أوكار المجرمين، خلال الفترة الماضية، والذين يروجون لبيع الشابو المخدر، والذي تسبب في العديد من الجرائم، من ضبط المتهمين وإحالتهم للنيابة العامة لتتولى التحقيقات.