في وقت ينصب فيه التركيز الإعلامي على الدعم الأميركي لإسرائيل، تبقى دول أخرى خارج الصورة حتى وهي تقدم إسنادا عسكريا يعد هائلا نسبة لحجمها الصغير، كما هو شأن صربيا التي تظهر بيانات من المصادر المفتوحة لحركة الطيران حصلت عليها وحللتها صحيفة هآرتس أنها من أهم الدول تسليحا لإسرائيل على الإطلاق.
وتشير البيانات إلى 15 رحلة حطت في قاعدة نيفاتيم جنوبي إسرائيل منذ بداية الحرب قادمة من العاصمة الصربية بلغراد ومدينة نيش، في حين تظهر أرقام الجمارك الصربية تصدير عتاد عسكري بعشرات ملايين الدولارات إلى إسرائيل.
وبالاستناد إلى أرقام الجمارك وتحليل بيانات حركة الطيران يتبين أن شركة التصنيع الحربي الحكومية في صربيا زادت صادرات الذخيرة إلى إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، فبلغ إجمالي ما ورّدت في يوليو/تموز الماضي مثلا 8 ملايين دولار من العتاد، نُقل على متن 5 رحلات من بلغراد.
تحقيق سابق
وأظهر تحقيق سابق لهآرتس بالتعاون مع شبكة تحقيق صحفية بلقانية مستقلة، أن الشركة أرسلت إلى إسرائيل ما قيمته 17.5 مليون دولار من السلاح منذ مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، مما يجعل إجمالي ما ورّدته هذا العام من الذخيرة والسلاح لإسرائيل نحو 25.5 مليون دولار، عندما تضاف إليه صادرات يوليو/تموز.
واستفادت إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة من جسر جوي صربي غير مسبوق لنقل آلاف الأطنان من الذخيرة من قذائف وصواريخ وقنابل وصواريخ اعتراض.
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية الأسبوع الماضي إن 500 طائرة شحن حطت في إسرائيل منذ بداية الحرب، دون احتساب حمولات السلاح المشحونة بحرا.
مصادر بيانات الطيران المفتوحة التي حللتها هآرتس تظهر أن قاعدة نافاتيم وحدها استقبلت 230 طائرة شحن منذ بداية العام، أغلبها تحمل شحنات مصدرها الاحتياطي الإستراتيجي الأميركي، وكان بين مئات الرحلات هذه 15 على الأقل انطلقت من بلغراد ونيش، وهو رقم يجعل صربيا من أبرز الدول تسليحا لإسرائيل.
صديق حقيقي
الحكومة الصربية رفضت طلبا تقدمت به هآرتس وشبكة التحقيق الصحفي البلقانية بموجب “قانون حرية المعلومات” للكشف عن طبيعة الأسلحة، وزعمت أن الموضوع مصنف في خانة السرية.
ورفض وزير الخارجية الصربي ماركو دجوريتش -في لقاء مع صحيفة جيروزاليم بوست- التعليق على الشحنات، واكتفى بالقول إن “صربيا ستدعو دائما إلى إنهاء العنف والمعاناة الإنسانية، وستدعم أي حل تتفق عليه أطراف القتال”.
كما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش -بعد مكالمة هاتفية بينهما في فبراير/شباط الماضي- أعقبت انطلاق شحنة صربية بـ”صديق حقيقي لإسرائيل”، وشكره على “دعمه غير المشروط قولا وفعلا”.
وقال سفير إسرائيل لدى صربيا مؤخرا إن تل أبيب لا تعترف بحصول إبادة ضد المسلمين في البوسنة، وإنها امتنعت عن التصويت لصالح قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في مايو/أيار الماضي لإعلان يوم عالمي لإحياء مذبحة سربرينيتشا، وهي خطوات تنظر إليها بلغراد على أنها تعبير عن الدعم.
تدفق متواصل
وتواصل تدفق الشحنات الصربية رغم دعوات مجلس حقوق الإنسان الأممي منذ أبريل/نيسان الماضي إلى وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل لـ”منع ارتكاب انتهاكات حقوقية وخرق القانون الدولي الإنساني”، وهي دعوة انضم إليها خبراء أمميون في يونيو/حزيران، قائلين إن تصدير السلاح قد يجعل الدول المُورّدة متواطئة في جرائم حرب “بما في ذلك احتمال حدوث إبادة جماعية”.
كما يأتي استمرار هذا الجسر الجوي الصربي في وقت تظهر فيه بيانات تراجعا في منح رخص تصدير السلاح الغربية إلى إسرائيل التي سجلت، في حالة بريطانيا مثلا، تراجعا حادا لم يعرف منذ 13 عاما، ناهيك عن قيود على هذه الرخص فرضتها دول أخرى مثل إيطاليا وكندا وهولندا.
المصدر : هآرتس