موقع مصرنا الإخباري:
كشفت معركة طوفان الأقصى حجم فشل الدولة الخطأ استخباراتياً وعسكرياً وميدانياً على كافة الأصعدة، مع تحول الهشاشة الاجتماعية القائمة للكيان إلى هشاشة أمنية وعسكرية. للمرة الأولى انتقلت المواجهة إلى داخل حدود 1948، حيث تحطمت إلى الأبد صورة الدولة الخاطئة باعتبارها الدولة الجبارة والمتفوقة.
والحقيقة هي أن الدور الوظيفي الذي خلقته الدولة الخطأ قد عفا عليه الزمن، بسبب الضعف المتأصل في الكيان الذي تم إنشاؤه كقاعدة استعمارية عسكرية متقدمة، بحجم دولة لخدمة القوة العظمى الغربية في ذلك الوقت. إن المسؤولية الأدبية والأخلاقية تقع أولا على الوعد بإنشاء هذا الكيان على يد بريطانيا من خلال وعد بلفور، الذي تيسّر لها عندما كانت رائدة الاستعمار في العالم، ثم على الجهات العالمية التي ساهمت في الاعتراف بهذا العار ودعمه، سواء في الغرب والشرق.
لقد تم تسهيل الحلم الصهيوني من خلال إنشاء الكيان كعصا انضباطية لحماية المصالح الغربية في المنطقة المهمة، لكن الواقع هو أن الدولة الخاطئة تحولت من حماية المصالح الغربية إلى حاجة إلى الحماية الآن. إن قوة الكيان ليست جوهرية، بل هي ممنوحة لهم وأثبتت أنها أكبر من حجمهم. ومع تطور التطورات والمصالح، لا بد أن تتغير السياسات؛ فالغرب يتعامل على أساس استمرار السياسات القديمة، لكن إنكار موازين القوى على الأرض وغض الطرف عن الحقائق يؤدي إلى التعامل مع الوضع الخاطئ. إذا أراد الغرب أن يحقق مصالح أفضل في منطقة غرب آسيا، عليه أن ينتبه إلى المتغيرات الجارية، ويتعامل مع قوى العمل الحقيقي التي تمثل شعوب المنطقة؛ وهنا تكمن المصالح الفعلية للغرب.
والحقيقة هي أن الدولة الخاطئة لا تتقلص فحسب، إذ سعت إلى حماية نفسها من خلال جدار حول غزة انهار خلال ساعات من المعركة، بل إن هذا الكيان مرفوض من شعوب المنطقة، حتى في دول الخليج الفارسي التي بعضهم لديه علاقات طبيعية. وبما أنه من دوافع الغرب التعامل في اتجاه شعوب منطقة ما، فقد حان الوقت للغرب للتعامل مع الحقائق على الأرض، والاعتذار والتكفير عن أخطائه، والتخلي عن غطرسته والابتعاد عن السياسة. رعاية العدوان، إذ أن الدولة الخطأ لا يمكنها أن تعمل إلا بالاعتماد على الضمانات الغربية.
والحقيقة أن الغرب لا يستطيع، على المدى الطويل، أن يعتمد على كيان هش لتحقيق مصالحه، ويصبح التخلي عن الكيان خياراً فعالاً، كما أصبح عبئاً وعبئاً. وما لم يسعى الغرب إلى التخفيف من حدة الهجرة المعاكسة وحمايتها، فإن المصالح الحيوية في المنطقة الحيوية تصبح أكثر أهمية. بدت الدولة الخاطئة قوية لأنه لم تكن هناك قوة تواجهها، لكن تشكلت قوى من دول المنطقة لا تقبل الهيمنة المفروضة عليها. إن سياسة الهيمنة والعمل على احتكار هذه القوى وحدها هي التي أدت إلى تماسك هذه القوى في المقام الأول. فالسياسة لا تقوم على النوايا الطيبة أو السيئة، بل العالم يسير على القوة والقدرة. وحتى سيطرة اللوبي الصهيوني ليست فطرية بل هي مقدمة لهم من القوة العظمى. إن سيطرة اللوبي هي صدى للصوت الذي يمثل حقيقة الدولة الخطأ؛ فإذا كان الصوت ضعيفا فالصدى ضعيف.
وفيما يتعلق بالتطورات في أعقاب معركة طوفان الأقصى، فإن المؤشرات تشير إلى أن هذه المواجهة لن تتوسع إلى حرب شاملة، إذ أن القوى الراعية والمساندة للدولة الخاطئة لا تريد مواجهة شاملة. والحقيقة هي أن التدخل الأمريكي له علاقة كاملة بتهدئة التوترات وضمان عدم التصعيد. وإذا حدثت تغييرات كبيرة، فإن أمريكا ترغب في الإشراف على الأمور وإدارتها، حتى لو كان ذلك يستلزم إنهاء الدولة الخطأ من خلال تحرير الأراضي المحتلة، مقابل ميل ميزان القوى على أيدي اللاعبين في المنطقة.
والحقيقة أن الأمر يستغرق سنوات حتى تتطور الأمور على هذا النحو ويحدث التغيير، لكننا نشهد بداية نهاية الدولة الخطأ. لقد حققت القوى المناهضة للدولة الخطأ نتائج في إظهار هشاشة الكيان وفشله أكثر مما تتصور وتعتبره انتصارا لها. إيران تعزز نفوذها ولا تريد مواجهة شاملة؛ ولذلك فمن المرجح أن تنتهي هذه الجولة إلى تسوية بعد الكثير من دماء الفلسطينيين الأبرياء. لكن إذا لم يراجع الغرب مواقفه، فإنه سيجد نفسه بعد فترة خارج دائرة النفوذ.
بنيامين نتنياهو
فلسطين
غزة
طوفان الأقصى
إسرائيل