ما أهمية الاعترافات السرية للجنرال كوخافي؟ بقلم توفيق الناصري

موقع مصرنا الإخباري:

في كشف يكشف عن طبقات السرية المحيطة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وشؤونها السياسية، ظهر مؤخراً شريط صوتي من اجتماع سري يكشف الآليات الداخلية للقيادة الصهيونية.

وشاركت شخصيات رئيسية، بما في ذلك أفيف كوخافي، رئيس الأركان العامة السابق للجيش الإسرائيلي، في هذا الاجتماع رفيع المستوى، حيث سلط الضوء على العمليات العسكرية والمناقشات الاستراتيجية.

كوخافي شخصية مؤثرة في الجيش الإسرائيلي. ودوره كمهندس لخطة “تنوفا”، التي تهدف إلى مواجهة تهديدات محددة من إيران، يؤكد تركيز الجيش على تعزيز المعدات والأسلحة. ودعت خطة “تنوفا” المزعومة إلى اقتناء صواريخ جديدة وطائرات بدون طيار ومركبات مدرعة وبطاريات دفاع جوي ومروحيات وسفن جديدة على نطاق واسع إلى جانب تحديث المعدات الإسرائيلية الحالية. وكان من المفترض أن يتم كل هذا من أجل ردع التهديدات من إيران ومحور المقاومة في العراق وسوريا واليمن.

عند ترك الخدمة والتنحي عن منصب رئيس الأركان، أخبر كوخافي خليفته أنه قد أنجز تقريبًا جميع جوانب خطة “تنوفا”. ومع ذلك، فإن الشريط المسرب يلقي بظلاله على ادعاءات كوخافي السابقة بنجاح تنوفا، الذي كان من المقرر أصلا أن يتم في عام 2025، حيث كشفت النكسات الإسرائيلية اللاحقة عن عيوب وإخفاقات الحملة العسكرية. ولم يترك كوخافي الخدمة الفعلية إلا مؤخرًا، لكن هجوم 7 أكتوبر أظهر أن جميع توقعاته وحساباته كانت خاطئة طوال الوقت.

من المهم الإشارة إلى أنه بمجرد انتهاء الحرب وتمكن إسرائيل من فهم ما حدث لها، من المتوقع أن يتم استجواب كوخافي حول الفترة التي شغل فيها منصب رئيس الأركان من عام 2019 إلى يناير 2023. هناك العديد من الإسرائيليين الذين يصدقون تصريحات كوخافي إن قيادته وافتقاره إلى وجهات نظر واقعية هي أحد العوامل المهمة التي أدت إلى الهزيمة الإسرائيلية الفادحة في أكتوبر. يبدو أن الجنرال المخلوع يشعر بالقلق بشأن مستقبله، ومن ثم يقدم اقتراحات ذات فرصة ضئيلة للنجاح في ساحة المعركة.

ومن بين ما كشف عنه الشريط الصوتي، أقر كوخافي بمرونة المقاومة الفلسطينية، وسلط الضوء على التصميم الثقافي على مقاومة الاحتلال.

وكما لاحظ خبراء آخرون، فحتى في مواجهة إبادة حماس، ما دام الفلسطينيون لا يستسلمون للإرادة الشريرة للمحتلين، فإن القوات الإسرائيلية لا تستطيع أن تدعي أنها منتصرة. في مثل هذا المناخ، من الممكن أن تحل مجموعات وحركات أخرى محل حماس. وحتى لو تحققت رغبة إسرائيل في القضاء على حماس، فسوف يتم استبدال الجماعة بجماعة مقاومة أخرى في أقصر وقت ممكن.

نقطة أخرى أشار إليها كوخافي هي كيف أن إسرائيل قادرة على التوصل إلى أهداف وهمية في محاولة لمواصلة حملة القصف غير المشروعة ضد غزة. ويحب القائد الأعلى السابق استخدام مصطلح “تصنيع أهداف جديدة” لتلطيف تصرفات إسرائيل. وهذا هو التكتيك الذي يسمح لإسرائيل بقصف المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والمنازل ومخيمات اللاجئين في جميع أنحاء غزة، دون إثارة انتقادات من الدول الغربية. وقد استخدم النظام هذا التكتيك أثناء تقديم المساعدة والمشورة للسياسيين الآخرين أيضًا. في حرب المملكة العربية السعودية ضد اليمن، على سبيل المثال، ساعد الصهاينة السعوديين على إطالة أمد الحرب من خلال تقديم أهداف وافتراءات وهمية كل يوم. وكانت هذه الاستراتيجية أيضًا نقطة مهمة في خطة “تنوفا” المذكورة أعلاه. ويمكن استخدام التصريحات التي أدلى بها كوخافي في الملف الصوتي كدليل ضد السياسيين والمسؤولين العسكريين الإسرائيليين في المحاكم الدولية.

علاوة على ذلك، أكد كوخافي على أهمية نشر القوات في جميع أنحاء غزة للسيطرة على القطاع. وهذا يدل على أن إسرائيل لم تغير سياستها الاحتلالية في مواجهة انتفاضات الشعب الفلسطيني.

وشدد كوخافي أيضًا على المهمة المهمة المتمثلة في تأمين دعم المجتمع العالمي الذي، كما لاحظ، “تقوده” الولايات المتحدة. لقد تمت صياغة هذا البيان بطريقة تظهر أن موقف إسرائيل حتى تجاه مؤيديها يتسم بالفخر الشديد، ويتجاهل مصالح الدول الأخرى. لكن ما فشل الجنرال المتقاعد في أخذه بعين الاعتبار هو أن الحرب المطولة ضد غزة ستكون في نهاية المطاف على حساب الدول الغربية، التي لا ترغب في المخاطرة بصراع أوسع نطاقا.

علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة ليست بأي حال من الأحوال زعيمة المجتمع العالمي. لقد تم تحدي هذه الفكرة بشكل علني وتجاهلها من قبل القوى العالمية، وهي تظهر فشل إسرائيل الأساسي في إدراك الوضع الراهن، على الصعيدين المحلي والعالمي.

وإلى جانب تصريحاته، يصف الجنرال السابق الوضع الحالي في الأراضي المحتلة بأنه “مرض مزمن”، معربا عن قلقه من احتمال نزوح الإسرائيليين بسبب تدهور الأوضاع المعيشية. كما أدت عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول التي نفذتها حماس إلى تحطيم الشعور الهش بالأمن لدى أولئك الذين يعيشون في المناطق المحتلة وقد أدى ذلك إلى خروج أكثر من 230 ألف إسرائيلي بحلول أوائل نوفمبر/تشرين الثاني. لم يعد الإسرائيليون قادرين على العيش في محيط غزة ولبنان، وكما يذكر كوخافي نفسه، حتى لو قرر الناس البقاء في أجزاء أخرى من الأراضي المحتلة، فمن المرجح أن تظل الأجزاء الشمالية والجنوبية من فلسطين المحتلة مهجورة.

في جوهره، يعد هذا الشريط الصوتي المسرب بمثابة شهادة على انهيار النظام الاستشاري الاستراتيجي الداخلي في إسرائيل. فهو يكشف سنوات من الأعمال العسكرية المثيرة للجدل، ويكشف عن درجة من النفاق وعدم الكفاءة في إدارة الصراع. كما يوثق سنوات من سلوك إسرائيل الشرير في قمع شعب غزة، واستهداف المواقع المدنية، والقتل الجماعي للنساء والأطفال.

وبينما تواجه إسرائيل نكسات وصراعات للسيطرة على الوضع، فإن إحجام المجتمع الدولي عن تقديم دعم لا يتزعزع قد يشير إلى هزيمة وشيكة للنظام الإسرائيلي.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى