لم تتأخر الحكومة الفرنسية، وبتوجيه من الرئيس إيمانويل ماكرون، وتنفيذاً لرغبات اللوبي الصهيوني القوي في فرنسا، عن إعلان الدعم الكامل والمساندة والتضامن مع “إسرائيل”، فيما انهالت الإدانات والتجريم على الفلسطينيين.
أوركسترا هائلة سياسية وإعلامية وثقافية حشدت كل طاقاتها للوقوف وراء حكومة اليمين الفاشي الإسرائيلي، لكنها لم تتمكن من كتم صوت الحق والحقيقة الذي تولته نخبة من السياسيين اليساريين في حزب فرنسا غير الخاضعة وباحثين ومفكرين ونشطاء ورجال قانون، نخبة قدمت رؤيتها للصراع الدائر حالياً لتضع الأصبع على الجرح وبشجاعة لافتة، مُدينة “إسرائيل” وتاريخ طويل من العنف والجرائم.
ماتيلد بانو رئيسة مجموعة اليسار الراديكالي بالجمعية الوطنية قالت: “أوقفوا إطلاق النار، هذه الرسالة وصلت من الأمم المتحدة والبابا ولولا دي سيلفا، لأن الأسوأ سيأتي عندما أمر وزير الأمن الإسرائيلي بمحاصرة غزة ليحرم مليوني شخص من الماء والغذاء والكهرباء، خارقاً القانون الدولي، وفي مواجهة ذلك، لا يمكن لفرنسا أن تصمت، لم تكن الشجاعة مهمة كما هي الآن، وبيان الرئيس وبيان الحكومة لم يذكرا كلمة سلام، فهل ستجد فرنسا لغة السلام؟”.
بول شانيوللو، رئيس معهد البحوث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط في فرنسا، قال إنّ “هدف الحكومة الحالية مع الفاشيين في الحكومة هو سحق الفلسطينيين، والرهيب هو أنهم يطلبون الذهاب إلى النهاية من دون هدف سياسي، ونتنياهو يريد تدمير أوسلو، إذاً من المهم أن مبادرة حماس هي قلب توازن القوى والوضع الجيوسياسي”.
فرنسوا دوبيسون، بروفسور قانون دولي فرنسي قال من جهته إنّ “يجب التذكير بأن عدم المساواة الذي ارتكبته إسرائيل بالحصار الشامل على غزة يخرق القانون الدولي، والاحتلال عموماً للأرض الفلسطينية يترافق مع استيطان متوسع وقمع للشعب، ويجب أخذ كل هذه الوقائع لفهم ما يجري، وأن حماس أرادت تحطيم الخطوط وقلب الأوضاع في مواجهة المجتمع الدولي الذي يواصل التعاون مع إسرائيل والحكومة الإسرائيلية المتطرفة، والتي يشارك فيها الفاشيون”.
القيادي في فرنسا غير الخاضعة والنائب الفرنسي مانويل بومبار قال إن “تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي غير مقبولة، إن الحصار المفروض على منطقة يعيش فيها أكثر من مليوني شخص من دون أي إمكانية للفرار هو جريمة حرب يجب على الحكومة الفرنسية أن تخرج عن صمتها، وعليه أن يتخذ موقفاً فورياً من أجل السلام”.
بدورها، قالت آنياس لوفالوا باحثة فرنسية إنّه “لا يجب فصل العملية التي قامت بها حماس عن التاريخ منذ 1948، هناك نفي لوجود الفلسطينيين وهناك عنف ممارس ضدهم منذ سنوات وسنوات عبر المستوطنين وعبر قضم أراضيهم، بسبب الاستيطان والطرق الالتفافية، وكل هذا العنف الممارس ضد الفلسطينيين يفضي إلى أن عملية حماس لم تنطلق من الفراغ، بل من تسلسل العنف الذي يمارسه المستوطنون ضد القرى والمزارع الفلسطينية ويقتلون الفلسطينيين، وهذه هي الحقيقة التي يجب أن تؤدي إلى الجلوس إلى طاولة بحثاً عن وسيلة لوقف العنف والمأساة”.
وقال جيرار ميلر بروفسور علم نفس وكاتب ومخرج فرنسي في حديثه في ندوة على القناة الفرنسية 5: “لقد كنت دائماً مناصراً لفلسطين، وأشير إلى العذاب الفلسطيني وأسلوب تعامل المستوطنين معهم في الضفة، وأسمعهم يتحدثون عن العرب في إحدى القنوات الإسرائيلية ولا أصدق ما أسمع، تماماً كما تحدث النازيون عن اليهود، يتحدثون عنهم كحشرات خالصة يجب القضاء عليها”.
برتران بادي مختص بالشؤون الدولية وبروفسور علوم سياسية في باريس تساءل: “ماذا يفعل الغرب والذين أدانوا الهجوم على المدنيين للمساهمة في حل سلمي للمأساة الفلسطينية المستمرة منذ ثلاثة أرباع القرن، فغالبية الفلسطينيين لم يعرفوا في حياتهم السلام، ماذا قدم الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة لهذه القضية، مع أننا رأينا 250 ضحية فلسطينية منذ بداية العام، ولم يكونوا كلهم إرهابيون ولكن أطفال ونساء، ولم نستطع أن نقف على قدم المساواة بين إنسان وإنسان ورجل وآخر، وأنّ ألم وعذاب عائلة فلسطينية مماثل لألم وعذاب عائلة إسرائيلية، لدينا شعور بغياب المساواة والفلسطيني في كل مكان يرى بأننا نقترب من إلغائه، ولا سيما منذ تأليف حكومة نتنياهو، وهذا ما يفجر عنفاً مخيفاً”.
دومينيك مواسي عالم جيوسياسي فرنسي ومستشار خاص في معهد مونتين قال إنّه “يجب إدانة البربرية التي حصلت ولكن يجب الوقوف على مسافة منها لفهم من أين تنطلق، لنقول إنها نتيجة للإذلال الأقصى، نعم اليأس يؤدي إلى التطرف وعندما لا يعود لدي شيء لأخسره سأضحي بحياتي من أجل قضية وأدخل معي الآلاف، وهناك انحراف إسرائيلي يبدو لي غير مبرر بعد أن دخلت شخصيات يمينية متطرفة إلى الحكومة وهي عنصرية”.
المصدر الميادين