موقع مصرنا الإخباري:
فرق كبير بين نجوم عصر الكاسيت الأقرب إلى الوعظ وإلهاب عواطف الجماهير بالكلمات الرنانة واستدعاء المشاعر الجياشة.. وبين الراسخين في العلم الذين تحدث عنهم النص القرآني الحكيم.. “وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ” (سورة آل عمران: آية 7). والرسوخ من الثبات وهم الأكثر علما وتفقها، وقدرة على التأويل والاجتهاد واستباط الأحكام وليسوا مجرد حفاظا للنصوص، َوتميزا في الإقناع والأداء.. العالم الحقيقي حسن السمت والسمعة..متواضع في عزة.. يعرف قدره ومكانته َلا يتاجر بعلمه فهو عالم وليس سمسارا ولا تاجرا وضريبة العلم نشره.. وأما العالم الرباني فهو الذي يخشى الله ويعمل بعلمه.. فتفتح له أنوار الحق وأبواب العلم..والعالم الرباني يتصف بالاخلاص لذلك تصل رسالته إلى قلوب وعقول الناس، فيصدقونه .. وأما النجوم المزيفون فعمرهم قصير و سرعان ما يكتشف الناس تناقضات مواقفهم، وعدم مصداقيتهم.. لا علم بدون إخلاص وشفافية ونورانية.. وأذكر أن أول درس تلقيته في بداية الالتحاق بالدراسات العليا على يد استاذنا الراحل الدكتور مصطفى الشكعة أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس (من ليس له شيخ فشيخه الشيطان).. وكان يؤمن بأن العلم يتلقى عن طريق أستاذ وليس عن طريق الكتب فقط، ومعظم النجوم المزيفين لم يتلقوا العلم عن طريق أساتذة عظام، بل صنعوا نجومية من الكاسيت قديما والتليفزيون حديثا وثقفوا أنفسهم من كتب التراث قديما والانترنت حديثا.. ولم تكن لهم مرجعيات علمية يستشهد بها، لقد كنت أذهب للدكتور الشكعة في فيلا متواضعة بجسر السويس وأمكث في مكتبته ساعات وكان يحفظها عن ظهر قلب ويعرف مكان الكتب.. وفي مسألة ما احتار في فهمها يقول افتح كتاب الإمام محمد أبو زهرة صفحة كذا.. و كنت رغم أني شاب في سنة أولى بحث علمي أمام علم الشكعة أختلف معه وكان يتقبل ويناقشني حجة بحجة َدليلا بدليل عقلي..وكانت المنهجية ولغة الحوار أول شيء تعلمته من الشكعة، و فيما بعد انفتحت على مدارس غربية في الدراسات الإسلامية، فظلت معي منهجية ولغة الحوار الأولى التي تعلمتها، ولم أهمل التراث مهما انتقدته.. فلا توجد شجرة سامقة بدون أصل ثابت.. أما ما نراه من اعترافات لبعض نجوم الدعوة المزيفين من أنهم لم يتلقوا العلم على يد شيخ أو استاذ ولم يلتزموا بمنهجية..لعله يكون درسا للمغفلين والمخدوعين الذين صدقوهم ومنحوهم عقلوهم وقلوبهم.. فرق كبير بين الراسخين في العلم وبين المدعين.. فرق كبير بين الثابت على الحق الذي لا تزعزعه هزات ولا عواصف َمهما كانت، وبين فاقدي الثقة في أنفسهم لأنهم صناعة زمن الكاسيت أو الإنترنت.. أفلا تعقلون؟
بقلم محمد ثروت