كشفت مصادر مصرية خاصة، عن تحركات من قِبل القاهرة، للسيطرة على الموقف السوداني الذي تراه متراجعاً بشأن ملف أزمة سدّ النهضة الإثيوبي. وبحسب تلك المصادر، فإن الحكومة السودانية بقيادة عبد الله حمدوك نجحت أخيراً في انتزاع فرصة من المكون العسكري في مجلس السيادة السوداني، لإعادة ترتيب العلاقة مع إثيوبيا بشأن السد، بالشكل الذي يضمن أكبر استفادة للخرطوم، وهو ما يعني إضعاف الموقف المصري في أي مفاوضات مقبلة. وأوضحت المصادر أنه “بعد إتمام إثیوبیا الملء الثاني للسد في شهر يوليو الماضي، تصاعد توجّه داخل الحكومة السودانية يقوده رئيس الوزراء نفسه، للتوصل إلى حلّ أحادي مع أديس أبابا يؤمن مصالح الخرطوم، باعتبار أن إنجاز وتشغيل السدّ بات أمراً واقعاً، في ظلّ نجاح السياسة الإثيوبية بإدارة الملف لصالحها في أكثر من اتجاه”.
وأشارت المصادر إلى أن ملامح التوجه السوداني الجديد، تتمثل في فتح قنوات مع إثيوبيا لحلّ الجزئية الخاصة بتبادل البيانات والمعلومات بشأن تشغيل السد، عبر آلية محكمة ودائمة، بالطريقة التي لا تسّبب أضراراً للسودان، في مقابل حصول الخرطوم على امتيازات بشأن الحصول على كهرباء السد. وقالت المصادر إن المساعي المصرية تضمنت اتصالات رفيعة بين قادة ومسؤولي البلدين، مضيفة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تواصل مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، للتباحث حول الأمر، قبل أن يكلف رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، بزيارة إلى الخرطوم يوم الإثنين الماضي.
وفي الوقت الذي كشفت فيه المصادر عن صدور تعليمات جديدة لوسائل الإعلام وكبار الكتّاب، بعدم التطرق إلى أزمة السد في الوقت الراهن، بسبب الموقف المتعثر في القضية، قالت إن اللواء عباس كامل أطلع المسؤولين في الخرطوم على خطة تحرك مصرية جديدة خلال الفترة المقبلة، يستلزم نجاحها استمرار الوحدة في الموقف بين البلدين، مؤكداً للمسؤولين في الخرطوم أن تلك الخطة تضمن مكاسب متعددة للسودان، ليس في ملف السد فقط، ولكن في أزمته أيضاً مع أديس أبابا بشأن منطقة الفشقة الحدودية. وأوضحت المصادر أن القاهرة تعوّل خلال الفترة القريبة المقبلة على تغيير مواقف بعض القوى المؤثرة على الساحة، في ضوء تطور مواقف تلك القوى مع مصر في إطار المصالح المتبادلة بشأن ملفات إقليمية ودولية مختلفة. ولفتت إلى أن الشغل الشاغل للقاهرة في الوقت الحالي، هو ضمان استمرار الموقف السوداني الداعم للقاهرة، واستمرار وحدة التحرك بين البلدين بشأن الأزمة.
وقام عباس كامل، بزيارة مفاجئة إلى العاصمة السودانية الخرطوم، يوم الإثنين الماضي، استغرقت بضع ساعات وتمت بشكل غير معلن من الجانب المصري الرسمي. وبحث كامل مع المسؤولين السودانيين، آخر التطورات بشأن سد النهضة، بعد توقف المفاوضات الخاصة بالسد، وعدم صدور قرار أو بيان داعم للسودان من مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدت في شهر أغسطس الماضي، وتنفيذ إثيوبيا للمرحلة الثانية لملء السد بصورة أحادية. وحمل كامل خلال الزيارة رسالة من السيسي للبرهان، قبل أن يلتقي مدير الاستخبارات السودانية، الفريق جمال عبد المجيد.