موقع مصرنا الإخباري:
يعرف من وصل إلى سن الأربعين من عمره أنه يقف عند مفترق طرق، فهو ينظر إلى ما مضى من سنوات عمره فيتحسر على ذهابها، ويتأمل القادم من أيامه فيشفق منها، إنها سن النبوة كما يقولون وسن الخوف، كما نشعر ونحس.
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الأحقاف “وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَى وَعَلَى وَالِدَى وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِى إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّى مِنَ الْمُسْلِمِينَ”، تختصر هذه الآية الكريمة عمر الإنسان منذ كان جنينًا فى بطن أمه إلى بلوغه الأربعين من عمره، وهو اختصار يوحى بأن سن الأربعين نهاية لشىء وبداية لشىء آخر، اختصار يفيد بأن كل ما مر بنا يمكن التعبير عنه فى جملة واحدة، وهو إحساس صعب فعلا، وذلك لأننا فى الأربعين نشعر بأننا عشنا كثيرًا، ومع ذلك لو شئنا أن نتذكر ما مضى فعشرة دقائق أو نصف ساعة كافية لاختصار هذا العمر، ولو قابلنا صديقا قديما وطالعنا فى ملامحه تغيرات الزمن على وجوهنا سنحزن وربما يصيبنا الفزع.
نعم، إن سن الأربعين مرحلة خطرة، فلا العقل يريد تسلم الراية وحده، ولا العاطفة تريد أن تكمل ما بدأته، وفيها نحاول أن نقنع أنفسنا بأن العمر مجرد رقم، وفى الحقيقة نحن نخدع أنفسنا بهذه الجملة، إن نتناسى عن قصد أن ما عشناه فى طفولتنا وشبابنا الأول وامتلأت به أرواحنا قد تغير وتبدل وذهب إلى مالا نهاية.
فى الأربعين من عمرنا يغلب علينا التمنى، نريد أن يطول العمر حتى نرى أطفالنا قادرين على حماية أنفسهم، بالطبع نخفى تحت هذه الأمنية خوفنا من الموت ورغبتنا فى العيش طويلا، وبمناسبة الحديث عن الموت، ف هذا العمر سندرك أن الموت أخذ الكثيرين جدا ممن عرفناهم، وإننا صرنا نشعر به كل صباح يلقى علينا التحية، فنصمت حتى يمر مبتعدا، آملين أن يتجاوزنا ولا يلتفت إلينا.
فى الأربعين فرصة كى يقف الإنسان مع نفسه، ويراقب نزقها وما مرت به من تناقض، ويحاول أن يختار طريقا واحدة يسير عليها، يقول لنفسه “لقد كبرت ويمكن الآن أن أختار بكل أريحية مذهبا وطريقا”، وعادة يفشل فى ذلك، ويعود يتحسر على ما مضى ويشفق مما هو أتٍ.
بقلم
أحمد إبراهيم الشريف