سلَّط التعليق الأخير لبرنامج التجارة العادلة الضوء على قضية اقتصادية رئيسية “الانخفاض العالمي في إنتاج الكاكاو”، ليثير ذلك تساؤلات حول تأثيره على اقتصاد ساحل العاج والأسواق العالمية.
وبرنامج التجارة العادلة هو برنامج تجاري لإصدار الشهادات، يلتزم بمعايير معينة قبل بيع كاكاو ساحل العاج، من قِبل مجلس البن والكاكاو، وهو المؤسسة المخولة بإدارة جميع الأمور المتعلقة بهذه السلعة، وقد تم تعليق البرنامج بعد اكتشاف مجلس الكاكاو أن الحجم المعلن هو أعلى بمرتين أو ثلاث مرات عن الحجم الفعلي، ما يعد احتيالا.
أدى تعليق البرنامج إلى شعور بعدم اليقين بشأن تأثيره المستقبلي، ونشأ عن ذلك اتجاه ينذر بالخطر، وهو الانخفاض الكبير في إنتاج الكاكاو بساحل العاج، أحد أكبر المنتجين في العالم.
التقت الجزيرة نت ماماد كوني، أحد مزارعي الكاكاو في دالوا، الذي قال “إن القرار تسبب في انعدام الثقة بالمجتمع الزراعي”، واعتبر أن تعليق برنامج “فورتريس” أثار الشك في نفوس المزارعين. وأضاف “نحن نعتمد على الكاكاو لتلبية احتياجاتنا، واحتمال انخفاض الإنتاج يقلقنا كثيرا، فقد يؤثر ذلك على دخلنا، ويضر بقدرتنا على دعم عائلاتنا”.
أدى الانخفاض في الإنتاج إلى تداعيات ملموسة على السوق الدولية، فارتفع سعر الطن مسجلا 12012 دولارا للطن الواحد، وهذا الاتجاه التصاعدي أثر على المستهلكين واقتصاد ساحل العاج.
يُقدر حجم الانخفاض في معدلات الإنتاج بنحو 33% تقريبا من مجمل إنتاج كاكاو ساحل العاج، لتخسر الدولة نتيجة لذلك إيرادات ما بين 250 و450 ألف طن، وهذا الانخفاض من شأنه أن يعرّض ميزانية الدولة للخطر، ويهدد الوظائف في القطاع العام.
وسيكون لهذا الانخفاض في الإنتاج أيضا أثر كبير على الصادرات، والإيرادات الوطنية والتجارة الدولية.
تثير المخاوف بشأن جودة الشوكولاتة وأسعار المستهلك القلق بشأن القدرة التنافسية للقطاع، وتقول فاتوماتا دياباتيه، من مصدري الكاكاو، في مقابلة مع الجزيرة نت، إن الحكومة يجب أن تتخذ الإجراءات العاجلة، لضمان عدم تأثير الانخفاض على صادراتها إلى الخارج.
وأضافت “بصفتي من مصدري القطاع الخاص للكاكاو، أشعر بقلق عميق بشأن انخفاض الإنتاج، فقد يضر هذا بقدرتنا على احترام العقود الدولية، ويضر بسمعتنا في الأسواق العالمية، ويجب أن نتحرك بسرعة لعكس هذا الاتجاه، وحماية صناعة الكاكاو لدينا”.
وفي مواجهة هذه الحالة، يلجأ بعض المنتجين إلى محاصيل أخرى، مثل المطاط، لتنويع مصادر دخلهم، ويمكن أن يوفر هذا الانتقال إلى محاصيل جديدة فرصا اقتصادية بديلة، لكنه يتطلب استثمارات كبيرة.
ويقول أميناتا كوليبالي، مزارع في سوبري، “لقد قررت تنويع محاصيلي لحماية دخلي من تقلبات سوق الكاكاو، فالمطاط يقدم آفاقا واعدة، وأنا مقتنع بأنه يمكن أن يكون حلا قابلا للتطبيق طويل الأجل للمزارعين في المنطقة”.
يثير انخفاض إنتاج الكاكاو في ساحل العاج مخاوف مشروعة بشأن تأثيره على الاقتصاد الوطني والأسواق العالمية، ومن الضروري أن تتخذ السلطات تدابير فعالة لدعم القطاع، وتعزيز الممارسات المستدامة لضمان ازدهاره على المدى الطويل.
ولمعالجة هذه الحالة، ينصح كبار منتجي الكاكو باستكشاف عدة سبل لتنمية القطاع، من بينها الاستثمار الحكومي في البحث والتطوير لتحسين غلة مزارعي الكاكاو، وإدخال أنواع جديدة من الكاكاو، مقاومة للأمراض ومتكيفة مع الظروف البيئية المتغيرة، بالإضافة إلى دعم برامج التدريب والمساعدة الفنية للمزارعين، لتحسين الممارسات الزراعية وزيادة الإنتاجية.
يقول يوسف كوناتي، مزارع في ديفو، للجزيرة نت، “بصفتي مزارعا، أدرك أهمية حماية بيئتنا وتعزيز الممارسات الزراعية المستدامة، ويجب أن نعمل معا للحفاظ على مواردنا الطبيعية، وضمان مستقبل أفضل للأجيال المقبلة”.
المصدر : الجزيرة + وكالات