موقع مصرنا الإخباري:
ظلت بحيرة “عين الصيرة” سنوات طويلة في حالة من الإهمال والقبح، وتراكمت عليها علامات الزمن والإهمال، حتى تحولت من بحيرة يزورها المصريون والأجانب، ليستخدموا مياهها الكبريتية في الاستشفاء، إلى مقلب قمامة تتجمع به الحيوانات النافقة، ومياه الصرف الصحي، بعد أن زحفت العشوائيات واحتلت أطرافها، وجاء المتحف القومي للحضارة لبعث فيها الحياة، ويعيد للبحيرة مكانتها ووجهها المشرق، لتكون جزءا من الحاضر، مثلما ظلت جزءا من الماضي، وتفتح عينيها استعدادا لاستقبال زوارها والاستمتاع بجمالها.
د. محمد الخطيب استشارى تطوير منطقة عين الصيرة ومجرى العيون: البحيرة استعادت لونها الأزرق وتربط بصرياً بين المتحف والقاهرة التاريخية
البحيــــرة تشـــكلت بدايـــة القــــرن الماضـــى
والمصريون والأجانب استخدموها للاستشفاء
وحول بحيرة “عين الصيرة” التى تمتد على مساحة 28 فداناً أمام المتحف، يقول د. محمد الخطيب استشارى المشروع: البحيرة تم توسعتها حوالى 30 % وقمنا بحفر أجزاء كثيرة، لتصل إلى المتحف، حيث كانت متجهة نحو الطريق الخارجي، وهى تعد إضافة مهمة جداً للمتحف، وتضفى منظراً ساحراً وخلاباً للمنطقة من أعلى، والمفهوم الأساسى لتطوير البحيرة، يتضمن فتح العلاقة بين المتحف والقاهرة التاريخية الممتدة أمامه، حيث قبة الإمام الشافعى أحد الأئمة الأربعة، ومقابر العائلة العلوية من أسرة محمد علي، ومقابر المماليك.
بذلك يكون للمتحف علاقة بصرية مهمة بالقاهرة التاريخية، وذلك ما جعلنا لا نضيف فى المشروع أى مبانٍ فى مسار تلك الرؤية، حتى يخرج الزائر من المتحف ليرى القاهرة التاريخية، وفى الوقت نفسه يستطيع المارة فى الشارع الخارجى رؤية المتحف والبحيرة والحديقة، والاستمتاع بهذا المنظر الجمالي، سواء بالسيارة من أعلى الكوبرى أو سيراً على الأقدام فى الشارع .
ويضيف د. الخطيب قائلاً: لأول مرة تكون هناك إرادة سياسية حقيقية لتطوير المنطقة، بالشكل الذى يعود بالفائدة على البلد والمواطن، وتهتم الدولة بعلاقة المتحف بمحاور الحركة من حوله، حيث قامت لجنة وزارية تضم وزراء السياحة والآثار والإسكان ومحافظ القاهرة، بتوجيه من د.مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، بوضع تصور لتطوير المنطقة بالكامل، وكان التصور فى البداية إنشاء حديقة ضخمة تربط حديقة الفسطاط بحديقة الأزهر، على أن يتم تطوير المنطقة بأكملها.
ولكن هذا الجزء من التطوير شمل توسيع البحيرة، وأعمال التنظيف والتطهير، وإنشاء حديقة على مساحة كبيرة لزوار المتحف من المصريين والأجانب، وزوار البحيرة، وتم نقل سكان عزبتى “عين الحياة” و”خير الله” إلى منطقة الأسمرات، وحصلوا على سكن بديل، وقامت الهيئة العربية للتصنيع بعمل محطة تنقية للمياه تقام على البحيرة، لعمل قياسات دورية للمياه، حتى نضمن تماماً نظافة ونقاء المياه فى البحيرة، وهذه المنطقة بها أثر مهم هو “آل طباطبا” وهو الأثر الوحيد المتبقى من الدولة الإخشيدية، إلى جانب مجموعة من الأولياء المعروفين، وكان غارقاً تحت الماء لمسافة 4 أمتار، وتقوم حالياً وزارة الآثار بنقله إلى منطقة تبعد حوالى 200 متر خلف المتحف.
وقد انتقلت ملكية المشروع بالكامل إلى وزارة الإسكان، ويتولى التشغيل والنظافة والصيانة الدورية شركة متخصصة، حتى لا تتدهور مثل حديقة الفسطاط، حيث يضم التطوير إنشاء مواقف سيارات وممشى وملاعب أطفال، ومجموعة مطاعم مفتوحة ومغلقة، ليجد الزائر مجموعة أنشطة يستطيع الاستمتاع بها وقضاء يوم كامل فيها، كما سيقام فى الجزء الواقع بين شارع صلاح سالم وبحيرة عين الصيرة فندق سياحى.
وقد ارتفعت القيمة العقارية فى المنطقة حوالى 4 أضعاف، بعدما أصبحت تطل على حديقة جميلة أشبه بملاعب الجولف، وتلال خضراء تؤدى إلى البحيرة، التى كانت عبارة عن مقلب قمامة، وتغير لون البحيرة من اللون الأسود، إلى اللون الأزرق الجميل، واختفت الرائحة الكريهة التى كانت تفوح منها، وعادت إليها الأسماك.
وحول منطقة “كوم غراب” الواقعة قرب المتحف من ناحية الكوبرى القادم من المعادى، يقول: هناك مشروع متكامل لإزالة العشوائيات فى تلك المنطقة وتطوير الطريق وتوسيع الكوبري، ولكن لم تكن هناك فرصة للتنفيذ قبل الافتتاح، لذلك أقيم السور المرسوم بزخارف فرعونية، حتى لا يشوه الرؤية أثناء مرور موكب المومياوات.
ويروى د. الخطيب تاريخ بحيرة عين الصيرة قائلاً: تشكلت البحيرة نتيجة لزلزال وقع فى عشرينيات القرن الماضي، أى منذ حوالى 100 عام، ونتج عنه بحيرة عين الصيرة وبحيرة الفسطاط، وخرجت منها مياه كبريتية لها خواص علاجية جيدة، وظلت تستخدم فى الاستشفاء من الأمراض للمصريين والأجانب، لكنها تحولت مع الزمن إلى مقلب للقمامة، فى حوالى سبعينيات القرن الماضى تقريباً، حيث بدأت تظهر حولها العشوائيات بسبب التنمية العمرانية، وما ينتج عنها من مخلفات بناء كانت تلقى فى البحيرة، إلى جانب الصرف الصحى لعزبة “خير الله”، والحيوانات النافقة التى تلقى بها، حيث إن عزبة “عين الحياة” اشتهرت بالعربجية، وسائقى الكارو، الذين كانوا يستخدمون البحيرة أيضاً فى تنظيف الدواب.