التباين بين دعم المقاومة والتشفي: صراع بين الكرامة والتبعية في العالم العربي
هناك فارق كبير بين من ينتظر رد محور المقاومة العربي على الجرائم الإسرائيلية من منطلق الثقة بأن المقاومة هي الأمل الوحيد للحفاظ على الكرامة والدفاع عن القضية الفلسطينية، وبين من ينتظر هذا الرد بنية التشفي والتندر، متمنياً انهيار المقاومة وتفككها. بينما تسعى بعض الأنظمة العربية إلى تحويل المنطقة إلى مدينة ترفيهية ضخمة تديرها إسرائيل وتحت حراسة أمريكية، تبقى المقاومة متمسكة بتاريخها ومقدساتها، مدركة أهمية الحفاظ على الكرامة والثأر.
في هذا السياق، لا يمكن لأحد أن يبتز محور المقاومة بأسئلة تافهة حول توقيت أو حجم ردها، ولا يمكن أن يسخر من تأخيرها، إلا من أولئك الذين يلتفون حول محور الترفيه العربي المتصهين. هؤلاء يبثون سمومهم ليل نهار مدعين انتهاء مشروع المقاومة في غزة، ولبنان، والعراق، واليمن. لكن الحقيقة الواضحة هي أن المقاومة ما زالت قادرة على الرد، ومواصلة النضال، وإلحاق الأذى بالعدو، ومواجهة المحور المعادي الممتد من واشنطن إلى الشرق الأوسط، والذي يشمل غالبية الأنظمة العربية التي ألقت بكل ثقلها في حضن إسرائيل، معتبرةً التطبيع معها ضرورة وجودية ومعركة مصيرية.
أعاد زعيم المقاومة اللبنانية، حسن نصر الله، التأكيد على ثوابت هذه المعركة، مشيراً إلى أن “طوفان الأقصى” لم يكن مغامرة عابرة، بل معركة ممتدة ما دام الاحتلال الصهيوني قائماً. وأكد أن المقاومة لن تستسلم أو تبحث عن مكان في المشهد الترفيهي العربي الممول أمريكياً وإسرائيلياً.
خطابات نصر الله والمقاومة الفلسطينية واليمنية أثارت ذعراً كبيراً داخل المحور الإسرائيلي-الأميركي-العربي، ما دفعهم إلى إعادة تفعيل جهود الوساطة والتهدئة بعد إعلان فشلها رسمياً. هذا الذعر الذي يعيشه الاحتلال يعكس القلق من الرد القادم من إيران أو لبنان، والذي تحدث عنه نصر الله بيقين، مع استعداد نتنياهو وحكومته بتجهيز المخابئ.
أكثر ما يميز حديث المقاومة هو تجديد الثقة لدى المواطن العربي في نفسه وفي قدرة المقاومة على التصدي للعدوان. وكما فاجأت المقاومة الفلسطينية العدو بـ”طوفان الأقصى”، فهي قادرة على توجيه ضربة أخرى قوية رغم الحرب الشرسة التي تشنها الأنظمة العربية الرسمية ضدها.
توسع التطبيع العربي مع إسرائيل يعكس مستوى غير مسبوق من التبعية للكيان الصهيوني. هذا التوجه تجسد في اعترافات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في عام 2023 حول التنسيق المصري-الإسرائيلي لقمع ثورة 25 يناير. هذا التعاون المستمر يعكس حالة متزايدة من التبعية لإسرائيل، حتى بعد أن كانت تلك الأنظمة تسعى للتطبيع عبر أميركا، انتهى بها المطاف إلى التبعية المباشرة لتل أبيب.
انتفاضة الطائرات الإيرانية بدون طيار ضد الاحتلال في إبريل/نيسان الماضي أكدت المخاوف حول عمق العلاقات بين محور التطبيع العربي وإسرائيل. الرد الحتمي الذي تلوح به المقاومة الآن يعمق هذه المخاوف ويزيد من عزلة المحور المتعاون مع الاحتلال.
أحمد آدم