موقع مصرنا الإخباري: في ذكراها الثانية والأربعين، يجب أن تظل مجزرة صبرا وشاتيلا جزءًا من الوعي الجماعي العالمي، لأن تصرفات “إسرائيل” في عام 2024 تعرض حياة الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء للخطر.
إن الذكرى الثانية والأربعين لمجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982 هي تذكير صارخ بالتطهير العرقي التاريخي الذي مارسته “إسرائيل” ضد الفلسطينيين واللبنانيين. في ذلك الوقت، غزا النظام الصهيوني لبنان وذبح الفلسطينيين والمسلمين في العاصمة بيروت. إن وحشية المذبحة وحجمها يصنفانها كإبادة جماعية وتظل محفورة في الوعي الجماعي الفلسطيني حيث يستمرون في تحمل القصف اليومي والقتل خارج نطاق القضاء والعنف من قبل نفس الكيان الصهيوني.
إذا فحصنا عن كثب، فهناك أوجه تشابه بين الإبادة الجماعية في صبرا وشاتيلا عام 1982 والهجمات “الإسرائيلية” المتواصلة ضد حزب الله في لبنان والتي تزامنت مع موجات القتل في غزة.
هذه التشابهات هي بالضبط السبب في أنه لا ينبغي لنا أبدًا أن ننسى مذبحة صبرا وشاتيلا التي ارتكبتها “إسرائيل”.
مذبحة 1982
أدى إنشاء “إسرائيل” في عام 1948 واحتلالها اللاحق للأراضي الفلسطينية إلى نزوح جماعي للفلسطينيين المهاجرين والسعي إلى اللجوء في لبنان. ومع ذلك، كانت التوترات العرقية والدينية تختمر في لبنان في عام 1975، ويرجع ذلك جزئيًا إلى التركيبة الديموغرافية الفريدة للبلاد، والتي تتكون من المسيحيين والدروز والشيعة والمسلمين السنة. وعلاوة على ذلك، كان الهيكل البرلماني في البلاد يفضل المسيحيين اللبنانيين على حساب الجماعات الدينية الأخرى، مما أدى إلى توسيع الانقسامات الدينية بعد عام 1975، وهو العام الذي انزلق فيه لبنان إلى حرب أهلية، والتي تفاقمت مع تورط قوى أجنبية مختلفة في الصراع الذي استمر لمدة 15 عامًا تقريبًا.
وفي هذا السياق، قررت “إسرائيل” متابعة أجنداتها الانتهازية والتوسعية. وشمل ذلك التدخل الأجنبي، والعدوان على السكان العرقيين على أرض أجنبية، والتدخل الصارخ في الشؤون الداخلية للبنان. وبعد مهاجمة وقتل مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان طوال السبعينيات، استشهدت “إسرائيل” بمحاولة اغتيال سفيرها في المملكة المتحدة، شلومو أرجوف، كذريعة لغزو لبنان ومهاجمة مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية. ولكن المؤرخين الإسرائيليين، ومن بينهم أولئك الذين يدافعون عن إبادة الفلسطينيين مثل بيني موريس، نفوا هذه الادعاءات وصرحوا بأن محاولة اغتيال أرجوف كانت على يد أبو نضال، المنشق عن حركة فتح التي يتزعمها ياسر عرفات داخل منظمة التحرير الفلسطينية والذي سبق أن قتل العديد من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الافتقار إلى الأدلة وإدانة منظمة التحرير الفلسطينية اللاحقة لمحاولة الاغتيال، غزت “إسرائيل” لبنان في عام 1982 بدعم من سياسيين لبنانيين مارقين مثل بشير بيير الجميل الذي ترأس القوات اللبنانية، وهي ميليشيا مسيحية يمينية قاتلت ضد المسلمين اللبنانيين أثناء الحرب الأهلية. وفي النهاية اغتيل الجميل على يد زميله المسيحي الماروني حبيب الشرتوني، عضو الحزب القومي الاجتماعي السوري. ومع ذلك، دفع اغتياله وزير الأمن الصهيوني آنذاك، أرييل شارون، إلى الدعوة إلى احتلال إسرائيل لبيروت الغربية في انتهاك لاتفاق “إسرائيل” السابق مع الولايات المتحدة بعدم احتلال عاصمة لبنان. في ظل الغضب الشديد الذي انتاب المسيحيين بعد اغتيال الجميل زعيم الكتائب، عمل أرييل شارون على تأجيج المشاعر السلبية واستغلال الغضب المسيحي بالدعوة إلى غزو صبرا وشاتيلا من خلال الترويج لخرافة مفادها أن منظمة التحرير الفلسطينية كانت مسؤولة عن مقتل الجميل.
كما صرح شارون بشكل سيء السمعة:
“سنقتلهم. لن نتركهم هناك. لن تنقذوهم. لن تنقذوا هذه المجموعات من الإرهابيين الدوليين. إذا كنتم لا تريدون أن يقتلهم اللبنانيون، فسوف نقتلهم”.
بعد غزو لبنان وحصار شارون لبيروت، وقعت إبادة جماعية وحشية في مجزرة صبرا وشاتيلا راح ضحيتها 3500 مدني، أغلبهم من الفلسطينيين والمسلمين اللبنانيين. وشمل ذلك قيام الإسرائيليين والكتائب بتشويه الجثث واغتصاب النساء والأطفال بشكل جماعي، مما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إعلان المذبحة إبادة جماعية. كما تم رفع دعاوى قضائية وإجراءات ضد أرييل شارون، والتي أدت في النهاية إلى تخلي شارون عن منصب وزير الأمن.
لقد شكل حجم المذبحة إرهاباً “مدعوماً من الدولة”. وإذا انتقلنا إلى عام 2024، فسوف نلاحظ أن حسابات “إسرائيل” الاستراتيجية تظل كما هي.
هجمات على أجهزة النداء في عام 2024 وميل “إسرائيل” إلى التدمير
إن الهجوم الإرهابي الإلكتروني الوحشي الذي شنته “إسرائيل” على مقاتلي حزب الله والمدنيين في بيروت في عام 2024 يوضح ميل النظام الصهيوني إلى تدمير لبنان وفلسطين كما حدث في عام 1982. وقد أسفرت هجمات أجهزة النداء عن سقوط آلاف الضحايا.
إن الهجمات الإسرائيلية على لبنان هي أحدث مثال على استخدام “إسرائيل” للحرب غير المتكافئة، وانتهاك سيادة الدولة، وتجاهل القانون الدولي لتحقيق هدفها الضيق المتمثل في القضاء على المقاومة ضد الاحتلال في كل من لبنان وفلسطين. إن الرغبة في تحويل بيروت إلى غزة كما عبر عنها نتنياهو نفسه تأتي في شكل تفكيك حزب الله، الكيان الذي ولد من احتلال “إسرائيل” للبنان في عام 1982 وهجماتها المروعة على صبرا وشاتيلا. من نواح عديدة، يمثل حزب الله مقاومة الشعب اللبناني، وقاعدة دعمه، وإخوانه الفلسطينيين الذين عانوا من احتلال “إسرائيل” و”الإرهاب الذي ترعاه الدولة” منذ عام 1948.
في الواقع، في عام 1982 كان هدف أرييل شارون القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بينما في عام 2024، تحول الاهتمام إلى مهاجمة حزب الله جنبًا إلى جنب مع حماس. تجدر الإشارة إلى أن الكيانين هما حركتا تحرير وكلاهما عانيا من أضرار جانبية من الإرهاب الإسرائيلي. إن المجازر التي وقعت في مخيمات اللاجئين عام 1982 تعكس حالات مماثلة من الهجمات ضد مخيم المغازي في غزة ومخيم رفح في عامي 2023 و2024، وهو ما يشكل دليلاً على محاولات “إسرائيل” الخبيثة للقضاء على السكان.
في الحقيقة، إذا كانت نكبة عام 1948 ترمز إلى الإبادة الجماعية الفلسطينية، فإن مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 هي دليل على الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” ضد الشعب اللبناني، ونفورها من المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وميلها إلى “إرهاب الدولة”.
في ذكراها الثانية والأربعين، يجب أن تظل مذبحة صبرا وشاتيلا جزءاً من الوعي الجماعي العالمي، لأن تصرفات “إسرائيل” في عام 2024 تعرض حياة الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء للخطر.
قطاع غزة
فلسطين المحتلة
فلسطين
اسرائيل
إبادة غزة
الكتائب
صبرا وشاتيلا
مذبحة صبرا وشاتيلا
غزو لبنان
لبنان
غزة