موقع مصرنا الإخباري:
الحقيقة لم تعد خدمة للعملاء بقدر ما هى وسيلة لتعذيب العملاء أو تعطيل العملاء، أو تطفيش العملاء، أو قل ما شئت، فما دامت الخدمات لا تستند إلى رأى الجمهور، ولا تستمع إلى صوته، ولا تستطلع احتياجاته، فإنها أبداً لن تكون خدمة عملاء، وهذا حال قطاع كبير من الشركات والمؤسسات والبنوك فى مصر.
الظروف التى مر بها العالم مع فيروس كورونا، ومانتج عن ذلك من اتجاه نحو الاستثمار فى التجارة الإلكترونية، وهذا دعم بصورة مباشرة فكرة التعامل مع موظفي خدمة العملاء، إلا أن واقع الأمر يكشف تراجع هذه الخدمة بصورة ملحوظة خلال الفترة الماضية، خاصة في قطاع البنوك، فقد بات الوصول إلى الموظف المسئول عن الخدمة أشبه بالوصول إلى الفانوس السحرى، فمعدلات الانتظار على الهاتف لن تقل عن 10 دقائق في أحسن الظروف، وعمليات الإحالة من خدمة لأخرى حتى تحصل على ما تريد ستجعلك تندم أشد الندم على إقبالك وسعيك نحو خوض التجربة.
في السابق كانت خدمة العملاء في البنوك يتم اللجوء إليها بالضغط على رقم “صفر”، لكن بعض البنوك تنبهت إلى هذه القضية وألغت هذه الخدمة، واستبدلت موظف خدمة العملاء بالرد الآلى من خلال كمبيوتر يضع لك مجموعة خيارات وعليك الضغط عليها، إلا أنها لا تشمل الخدمة التى تبحث عنها غالباً، خاصة أنك أحياناً قد تحتاج إلى التحدث مع عنصر بشرى يستطيع أن يتفهم ويدرك ما تأمل الوصول إليه.
بعض البنوك جعلت الوصول إلى خدمة العملاء يرتبط فقط بالإبلاغ عن البطاقات المفقودة أو المسروقة، وإذا حاول العميل الوصول إلى هذه الخدمة حتى يجد من يتحدث معه ويعرض شكوته سيجد الرد الصادم من الموظف المسئول:” هذه الخدمة تخص فقط البطاقات المفقودة أو المسروقة، ولن أستطيع التعامل فى أى مجال آخر”، وهذا بالطبع يجعل العميل يغلق الهاتف أو يتوجه إلى مقر البنك أو يفكر فى حلول خارج الصندوق كأن يحول حسابه لبنك آخر أكثر اهتماماً بخدمة العملاء، ويسعى لخلق تعاملات راقية مع زبائنه.
المشكلة الإضافية فى استراتيجية خدمة العملاء أن بعض الموظفين باتوا أكثر حدة وعصبية، ولا أعلم السبب، وخلال المكالمة قد يصل أحدهم إلى حد إغلاق الهاتف فى وجهك، مستخدما عبارة “شرفتنى يافندم”، وهى البديل اللائق لـ “اقفل الخط”..
أداء الموظفين أكثر ما يهدد أى منظومة عمل في العالم، فلا يمكن أن ترى حريقاً مشتعلاً ولا تحاول الإطفاء تحت دعوى أنه خارج ورديتك أو في أوقات فراغك، وهذا ما يحدث فعلياً في منظومة خدمات العملاء، فالبعض يتصور أنها جزر منعزلة، وكل يعمل في نطاق اختصاصه فقط، وهذا يقتل فكرة روح الفريق والعمل الجماعي والنظرة الإبداعية، وعلى المؤسسات المختلفة أن تتيح صلاحيات وتضع حلولاً في يد مسئولى خدمة العملاء، دون أن تحولهم لمجرد موظفين لا حول لهم ولا قوة ولا يجيدون سوى حفظ مجموعة من العبارات المكررة أثناء الرد على الهاتف.