موقع مصرنا الإخباري:
إن غزة مليئة بالقصص المفجعة والمروعة. ولكن من بينها، هناك بعض الروايات التي ستظل محفورة إلى الأبد في السجلات المؤلمة لمعاناة غزة.
طفل صغير فقد كل شيء ولكن عليه المضي قدمًا
لفتت حور انتباه إحدى الصحافيات في غزة وهي تجلس بمفردها على سرير مستشفى شهداء الأقصى، وعيناها البريئتان تتأملان الوجوه غير المألوفة من حولها.
لقد تحطم عالم حور عندما ضربت قنبلة إسرائيلية منزل عائلتها في دير البلح في 27 يناير/كانون الثاني. ومن المؤسف أنها كانت الناجية الوحيدة التي تم انتشالها من تحت الأنقاض التي كانت تؤوي والدها الحبيب وأمها وإخوتها الثلاثة.
إن الفظائع التي تعرضت لها حور تمتد إلى ما هو أبعد من الندوب العاطفية التي تحملها. كما أن الخسائر الجسدية واضحة بشكل صارخ – فقد بُترت يدها اليسرى بالكامل، وتأثرت أصابع يدها اليمنى بسبب آثار الحرب القاسية. تشوه الجروح رأسها وساقيها، مما يشهد على الوحشية التي كان عليها أن تتحملها في مثل هذه السن الصغيرة. لكن حور لا تملك الرفاهية للتأقلم مع وضعها الجديد. الموت يلاحقها في كل مكان، ويجب على عمتها، العضو الوحيد المتبقي في عائلتها، التأكد من أن مصير حور سيكون مختلفًا بطريقة ما.
عائلات بأكملها تُباد في غزة
إن شن هجوم يُنظر إليه على أنه إبادة جماعية يعني أن العديد من العائلات في غزة ستترك وجه الأرض إلى الأبد. في المشهد المؤلم لقطاع غزة المحاصر، تتردد أصداء الخسارة والدمار من خلال قصص عدد لا يحصى من العائلات الفلسطينية. ومن بين أولئك الذين حطمتهم الغارات الجوية الإسرائيلية الوحشية، تقف عائلة التاتاتبي كمثال صارخ على المأساة التي لا يمكن فهمها والتي حلت بأجيال من الفلسطينيين في هذه المنطقة المحاصرة.
في عرض مذهل للعنف، استهدفت المدفعية الإسرائيلية منزلين يقعان داخل مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وكانت النتيجة مجرد كابوس – فقد تم انتزاع ما لا يقل عن 36 روحًا تنتمي إلى عائلة تتاتبي بلا رحمة من هذا العالم في لحظة.
لا تزال أجيال بأكملها تُخمد في لمح البصر، تاركة وراءها فراغًا لا يمكن ملؤه أبدًا، وجرحًا غائرًا في نسيج الوجود.
صرخة لم يتم الرد عليها للمساعدة
ربما في ظل الفوضى والدمار الذي لا يزال يجتاح غزة، يظل ما حدث لفتاة فلسطينية تدعى هند هو الحادث الأكثر رعبا في أذهان الناس الذين يتابعون غزة من بعيد.
وجدت هند البالغة من العمر خمس سنوات نفسها في سيناريو مرعب قبل شهرين، عندما حوصرت داخل سيارة مع جثث أفراد عائلتها الذين كانوا رفاقها الوحيدين.
وحيدة، خائفة، ومحاطة بصمت الموت الذي لا يطاق، استجمعت هند شجاعتها وتواصلت مع الهلال الأحمر الفلسطيني، وكان صوتها الخافت يرتجف من الخوف ولكنه حازم في مناشدته للخلاص. وفي تسجيل مؤلم لطلب المساعدة، ترددت كلمات هند اليائسة وسط الفوضى: “من فضلك تعال وخذني. أنا خائفة جدًا، من فضلك تعال!”
وكانت والدتها وسام حمادة قد أخبرت أصدقاءها أن هند تطمح لأن تصبح طبيبة. لن يصبح هذا الحلم حقيقة أبدًا، حيث تم العثور في النهاية على جثة هند داخل السيارة التي طلبت المساعدة فيها. وحاولت سيارة إسعاف الوصول إلى الطفلة البالغة من العمر 5 سنوات بعد طلبها للمساعدة، لكنها أصيبت بنيران إسرائيلية وهي في طريقها إلى المستشفى. إنقاذ الروح البريئة.
وأصبح الآن عشرات الآلاف من الأطفال في غزة أيتاماً
منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، تكشفت حقيقة مروعة في حياة الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، مما تركهم أيتاماً وتائهين في عالم يشوبه القصف الإسرائيلي والحصار الذي لا هوادة فيه. ومن بين هذه الأرواح البريئة تقف جوليا، البالغة من العمر أربع سنوات فقط، والتي ترسم قصتها صورة مؤثرة للمأساة والبقاء على قيد الحياة وسط فوضى دير البلح.
في نسيج اليأس الذي يلف حياتها الصغيرة، تجد جوليا نفسها يتيمة على يد القوات الإسرائيلية القاسية التي اختطفت حياة والديها. يعكس القدر القاسي المأساة الماضية لوالدها، مصعب، الذي عانى في عام 2004 من مصير مماثل عندما قتلت القوات الإسرائيلية والده.
ويشهد وسام نصار، ابن عم جوليا، على الألم الذي يجتاح أسرتهم، ويروي الخسارة الفادحة التي لحقت بهم. “لقد تُرك مصعب يتيما عندما اغتالت القوات الإسرائيلية والده في عام 2004… والآن، غادر مصعب هذا العالم، تاركا وراءه ابنته الثمينة، جوليا، البالغة من العمر أربع سنوات. حبه لها لا يزال قائما، وروحه تتشابك إلى الأبد معها.”
جوليا، غافلة عن الحقائق القاسية التي أودت بعائلتها، تتصارع مع الغياب الذي يحدد وجودها الآن. تمتمت ببراءة: “لقد تعرضت أمي للقصف”، وترسم كلماتها البريئة تناقضًا صارخًا مع الحزن العميق الذي يخيم على حياتها الصغيرة.
قتل سكان غزة أثناء محاولتهم الحصول على الطعام لشنقهم أطفال راي
في قطاع غزة المحاصر، يتربص الموت في كل ظل، في انتظار سكان غزة عند كل منعطف. لقد وجه شهر شباط/فبراير ضربة مدمرة حيث فقد أكثر من 100 فلسطيني أرواحهم وأصيب 700 آخرون في مأساة مؤلمة.
وفي شارع الرشيد، وهو مكان تجمع المنتظرين لشاحنات المساعدات التي تحمل الطحين، عمت الفوضى. وتحدث شهود عيان عن الرعب عندما فتح الجيش الإسرائيلي النار المميتة على الحشد. وفي غياب سيارات الإسعاف، سارع المتطوعون لنقل الجرحى وسقوطهم إلى بر الأمان.
ووصف مراسل الجزيرة في مكان الحادث العواقب المروعة، حيث دحرجت الدبابات الإسرائيلية الجثث، مما أدى إلى تفاقم المأساة. وكانت الطرق غير سالكة، والمراكز الطبية مكتظة بتدفق الضحايا. وترددت أصداء إطلاق النار وصرخات الاستغاثة في أنحاء غزة بينما بقي الموت في الهواء كرفيق قاس في كفاح الناس اليومي من أجل البقاء.