موقع مصرنا الإخباري:
في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، استولت القوات المسلحة اليمنية على سفينة شحن مرتبطة بإسرائيل في طريق شحن حيوي في البحر الأحمر واحتجزت أفراد طاقمها كرهائن بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة. وبهذه الخطوة، يكون اليمنيون قد أجبروا الدول الكبرى على إعادة النظر في دعمها المطلق للإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة. كما أشار الجيش اليمني إلى أن الكيان الإسرائيلي يتورط من خلال أعماله الوحشية في تخريب التجارة العالمية التي يمر 12% منها عبر مضيق باب المندب.
ووفقا لمسح أجرته إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عام 2018، يمر ما يقرب من 6.2 مليون برميل من النفط يوميا عبر البحر الأحمر. إلى جانب ذلك، يشكل إجمالي تدفقات النفط عبر هذا المضيق حوالي 9% من إجمالي النفط المنقول بحراً؛ ويتحرك عبره أيضًا نحو 3.6 مليون برميل يوميًا نحو أوروبا، بينما يتدفق عبره 2.6 مليون برميل يوميًا إلى الأسواق الآسيوية مثل سنغافورة والصين والهند. وتمر عبر المضيق سنويا أكثر من 21 ألف سفينة بحرية، بمعدل 57 سفينة يوميا، وهو ما يشكل 12% من حجم التجارة العالمية. كما أن 98% من البضائع الواردة التي تمر عبر قناة السويس تمر عبر باب المندب. ومن هنا تكمن أهمية هذا المضيق في أنه ممر إلزامي لتقليل تكاليف شحن البضائع والنفط. وهو ليس الممر الوحيد للشحنات، بل هو أقصر مسافة وزمن بين مصادر النفط والدول المستهلكة، بحسب البيانات المجمعة من وكالة بلومبرغ لتتبع الناقلات. ومن المؤكد أن ذلك سيؤثر على الأسعار في وقت يعاني فيه العالم من أزمة اقتصادية غير مسبوقة. ولذلك فإن صمت المجتمع الدولي على الإبادة الجماعية المروعة في غزة لن يكون في مصلحتهم، ويجب عليهم اتخاذ خيار استراتيجي عاجل.
لمزيد من التفاصيل، أجرى موقع مصرنا الإخباري مقابلة حصرية مع اللواء عبد الله الجفري، أحد كبار قادة الجيش اليمني والمتحدث السابق باسم القوات الجوية اليمنية.
1- بداية، في أي سياق تضعون عملية الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية؟
وطبعاً نضعها في إطار تنفيذ توجيهات قائد الثورة سماحة العالم والمجاهد السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي (حفظه الله تعالى)، فضلاً عن تنفيذاً لتصريحاته على الأرض، حيث وجه في أكثر من خطاب للقيادة العسكرية في صنعاء بضرورة الاستيلاء على أي سفينة إسرائيلية، مدنية كانت أو عسكرية، تحمل العلم الصهيوني، أي كل سفينة في اليمن. ويعتبر الكيان الصهيوني هدفا. وبناء على ذلك تم تنفيذ هذه العملية؛ عملية شجاعة وبطولية ومشرفة رفعت رأس كل مواطن يمني وعربي ومسلم وكل حر في العالم في ظل مواجهة اليوم مع هذا الكيان الصهيوني الغاصب الذي يرتكب جرائم بشعة عار على الإنسانية وتصل إلى مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي تستهدف الأطفال والنساء الفلسطينيين. فمن منطلق المسؤولية الدينية والوطنية والأخلاقية والإنسانية والتاريخية، أعلنت اليمن ذلك بصوت عالٍ، عبر وسائل الإعلام، ورسمياً بالدخول المباشر في المواجهة مع الكيان الصهيوني. وقد استهدفت عددًا من العمليات العسكرية ضد العمق الاستراتيجي للكيان الصهيوني. وبعد أن يتعرض قطاع غزة للعدوان الإسرائيلي الأمريكي، واستجابة لمطالب الشعب اليمني أيضا، خرج أكثر من مليون شخص في مسيرة نصرة لفلسطين.
وهذا القرار (الضبط) اتخذه قائد الثورة اليمنية السيد الحوثي، وتم تنفيذه على الأرض من خلال القوات العسكرية للجيش واللجان الشعبية اليمنية، وتحديداً من القوات البحرية ووحدة الدفاع الساحلي. ومن الواضح أن العدو الصهيوني يدرك أن اليمن لن يقف مكتوف الأيدي، حيث أكد قائد الثورة للشعب الفلسطيني أنه ليس وحيداً، انطلاقاً من روابطنا العربية والإسلامية والدينية الوثيقة، ومع كل الخيارات العسكرية الممكنة. في هذه الأثناء، لا تزال السفينة قيد التحقيق مع جميع أفراد الطاقم الموجود على متنها (يقدر عددهم بنحو 52 فردا)، وخلال الأيام المقبلة ستكون جميع السفن الإسرائيلية تحت المراقبة. وأنا هنا أتحدث عن السفن الإسرائيلية لأن البعض يحاول تصوير هذا العمل المقاوم على أنه قرصنة أو عمل إرهابي يهدد السلم والأمن الدوليين، ويهدد مصدر الطاقة العالمي، كما يزعمون. ليست هذه هي القضية. وسبق أن حث البيان الرسمي اليمني جميع دول العالم على عدم التعامل مع أي سفن إسرائيلية -سواء كانت مدنية أو عسكرية- لأنه سيتم استهدافها في مضيق باب المندب. “السن بالسن والعين بالعين” هي القاعدة التي أرساها اليمنيون، أي المطلوب فتح معبر رفح في المقابل لباب المندب. وهذه هي القاعدة التي سارت عليها القيادة اليمنية الثورية والعسكرية، التي هددها الأمريكيون – عبر عمان – بعدم الاستمرار في معركتها مع الكيان الصهيوني، مقابل بعض التنازلات، بما في ذلك فتح مطار صنعاء بشكل كامل، وصرف الرواتب، وصرف الرواتب. عدد من الامتيازات المتعلقة بالوضع الإنساني.
2- كيف تردون على من يتهم اليمن بتهديد حركة الشحن الدولي؟
ومن خلال رصد وسائل الإعلام العبرية التي أصدرت مثل هذه التصريحات، أدركنا أن العدو يعيش حالة من الإرباك وحالة من الفشل الذريع أيضاً. ولذلك ترى اليوم نداءات استغاثة من واشنطن والناتو لأنها تعلم أنه لولا هذا الدعم سواء على المستوى العسكري أو الاقتصادي أو المادي أو اللوجستي أو الاستخباراتي لما استطاعت الصمود 24 ساعة أمام المجاهدين كافة. الفصائل الموالية للمقاومة. فالعدو لا يريد فتح أي جبهة عسكرية خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن هنا فإن الهدف من هذا الخطاب التحريضي هو تشكيل تحالف دولي يدافع عنه. ويريد الكيان الصهيوني أن يتدخل ما يسمى بالمجتمع الدولي لحماية هذا الممر الملاحي الدولي، معتبراً أن هذه مسؤولية العالم وليس إسرائيل. من ناحية أخرى، لم تقم القوات المسلحة اليمنية والجيش واللجان الشعبية بمهاجمة أي سفينة سواء كانت مدنية أو عسكرية تابعة لأي دولة أخرى، كما أكد ذلك البيان العسكري الصادر عن العميد يحيى سريع. فالمسألة تتعلق بالكيان الصهيوني فقط، ولا تهدد مصالح المجتمع الدولي. لكن العدو يبحث عن مخرج من هذا المأزق الذي وقع فيه. ولم تعد مثل هذه التصريحات تنطلي على أحد، فهذه التصريحات الكاذبة تشبه الخطابات التحريضية لتحالف العدوان على اليمن وهو عدوان إسرائيلي. لقد غزوا اليمن لتأمين ما يسمى «الشرعية»، وفي النهاية فشل هذا المشروع. لقد ألقى التحالف بما يسمى بالشرعية ورئيسها عبد ربه منصور إلى مزبلة التاريخ وداسها بالأقدام. لقد ارتقى الشعب اليوم إلى مستوى عالٍ من الوعي وأدرك تماماً هذه المؤامرة وخطورتها وأهدافها وبعدها التاريخي لا أقل ولا أكثر.
3- برأيك ما هي نتائج هذه العملية؟ إلى أي مدى سيشارك اليمن في معركة الدفاع عن فلسطين؟
لقد وقف الشعب اليمني وقيادته الثورية والعسكرية إلى جانب أشقائه الشعب الفلسطيني المظلوم في قطاع غزة لأن هذا موقف مبدئي وثابت ينطلق من مسؤوليته الدينية والوطنية والأخلاقية والتاريخية والإنسانية. كما أن هذا أحد الأهداف الأساسية لـ«ثورة 21 سبتمبر»، وأهمها ضمان تحرير واستقلال كل شبر من الأراضي المحتلة، حيث تتجاوز «ثورة 21 سبتمبر» الحدود الجغرافية. إنها ثورة الأمتين العربية والإسلامية. وهي تدافع عن العدالة لجميع مواطني هذه الأمة في مواجهة الغزو والاحتلال الصهيوني الأمريكي البريطاني الفرنسي. إننا اليوم نواجه ما يسمى بالإرهاب المجرم، وهم عصابة استعمارية تحاول تهديدنا من خلال قوانينها المنافقة التي دأبوا على صياغتها لتأمين مصالحهم وأطماعهم الاقتصادية في المنطقة. لقد أصبحنا اليوم في مرحلة «حرب العصابات»، وتنطبق علينا قوانين الطبيعة في ظل الجرائم المرتكبة بحق الأطفال والنساء، وتدمير البنية التحتية، وانتهاك حقوق الإنسان. لقد أصبحت القوانين الدولية شعارات فارغة. إنهم يزعمون أنهم يحاربون الإرهاب، في حين أنهم هم أنفسهم من يصنعون الإرهاب. وهم اليوم هم الذين ينتهكون كل هذه المواثيق والقوانين والمواثيق الدولية. أين نحن من الأمم المتحدة التي لم تنفذ قراراتها حتى الآن منذ عام 1969، وتحديدا القرارين 242 و338؟ كما شنوا عدواناً على اليمن بذرائع واهية. وفي الوقت نفسه، يطبق الغرب معايير مزدوجة؛ فهي لا تمارس القوة إلا على من لا يملك القدرة على الدفاع عن سيادته الوطنية. ونؤكد عبر موقع مصرنا الإخباري أن اليمن خاض هذه الحرب من حيث المبدأ وسيستمر في ذلك لأن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية لشعب هذه الأمة العربية والإسلامية وليست قضية الشعب الفلسطيني فقط. “ثورة 21 سبتمبر” ملتزمة بالقضية الفلسطينية المركزية حتى التحرر من الاحتلال الصهيوني القذر. ولا نعترف بأي من تلك الاتفاقيات التي يتحدثون عنها دائماً في إعلامهم وعبر أنظمتهم العربية الرخيصة التي تخدم هذا الكيان الصهيوني، وخاصة ما يسمى بـ”اتفاقية كامب ديفيد”، “اتفاقية وادي عربة”، “مؤتمر مدريد”، “أوسلو” وغيرها، التي تضفي الشرعية على بقاء الكيان الصهيوني جاثما على صدور الشعب الفلسطيني واحتلال هذه الأراضي الفلسطينية المقدسة. ونحن نعمل وفق تلك المبادئ والثوابت وروابط الدم وأيضا عقيدتنا الإسلامية السمحة التي تتطلب منا حماية المقدسات. لا توجد خطوط حمراء، وليس هناك وقت محدد.