قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي -الذي يقود العمليات العسكرية في غزة وعلى الحدود اللبنانية وفي الضفة الغربية- حافظ على وهم الوحدة على رأس الدولة، فيما يعكس صورة الأمة الإسرائيلية الموحدة في الحداد وفي أكبر تعبئة عسكرية في تاريخها، ولكنها مشوشة ومنقسمة بشدة من الداخل. وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مراسلها بالقدس لوي إمبرت- أن هذه الهيئة المكونة من 5 أعضاء، وهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الأميركي رون ديرمر نائبه و”عقله الثاني” و3 جنرالات يرتدون ملابس سوداء منذ شهر ويقومون باستمرار بتوضيح ومناقضة تصريحات نتنياهو، وهم وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيسا الأركان السابقان بيني غانتس وغادي أيزنكوت -اللذان انضما من المعارضة إلى حكومة الوحدة الوطنية في اليوم الخامس من الحرب- ليكونوا بمثابة ضمانة حول رئيس الوزراء. عقل نتنياهو الثاني وذكر المراسل أن رون ديرمر المولود في فلوريدا -والذي يرافق نتنياهو منذ عام 2000- كان متدينا ولكنه لم يخدم في الجيش الإسرائيلي، وهو مسؤول عن العلاقات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يشارك مثل أسلافه في صنع القرار الإسرائيلي وقت الحرب. وكان ديرمر -الذي يعرف مسؤولين في إدارة بايدن عن كثب، لما لديه من عداوات مريرة معهم- قد عينه نتنياهو سفيرا في واشنطن عام 2013، وفكر مستشارو الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما في رفض أوراق اعتماده، معتقدين أنه ناشط سياسي في الحزب الجمهوري الأميركي أكثر مما هو دبلوماسي، وقد ساعد في إقناع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالخروج من الاتفاق النووي مع إيران لعام 2015. أما خامس أعضاء حكومة الحرب التي تتخذ قراراتها بالإجماع بتوجيه من قادة الجيش والأجهزة الأمنية فهو أرييه درعي زعيم حزب شاس الإسرائيلي المتشدد الذي أدين مرتين بالفساد والتهرب الضريبي، وهو يقود حزبا يرفض أغلبية ناخبيه الخدمة العسكرية، ويسعى إلى الحفاظ على الإعانات الحكومية الضخمة الممنوحة في الربيع. جنرالات الحرب واستعرضت الصحيفة سِير جنرالات مجلس وزراء الحرب، وأولهم غادي أيزنكوت صاحب عقيدة “الضاحية” العسكرية المناقضة لمبدأ الرد المناسب، وقد دمر ضاحية بيروت الجنوبية بالقنابل خلال حرب عام 2006 ضد حزب الله، وسلفه بيني غانتس الذي لم يف له نتنياهو بالوعد بأنه سيخلفه بعد أن انضم إلى حكومته، وهو يسعى الآن إلى مواجهة تأثير الوزراء اليمينيين المتطرفين الذين يرفض نتنياهو التخلص منهم، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي شكك في شرعية حكومة الحرب، كما أن بن غفير يعمل مع حليفه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على تأجيج الفوضى في الضفة الغربية. ويشترك جنرالات حكومة الحرب في أنهم حذروا رئيس الوزراء منذ أشهر من خطر وقوع هجوم كبير ضد إسرائيل، وفي الوقت الذي كانت البلاد ممزقة بسبب الإصلاح القضائي الذي يرغب فيه نتنياهو أشاروا إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ترى أن إسرائيل في حالة ضعف لم يسبق لها مثيل، وقد رفض نتنياهو استقبال رئيس الأركان هرتسي هاليفي الذي أراد أن يشاركه التحليلات المثيرة للقلق من قبل الاستخبارات العسكرية. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي وقف جنرالات حكومة الحرب مرتين ضد الاتهامات العلنية التي وجهها نتنياهو إلى رؤساء الأجهزة الأمنية، ثم لجنود الاحتياط وضباط سابقين رفيعي المستوى في الجيش تظاهروا ضد إصلاحاته، وانضم إليهم الآن حلفاء مهمون لرئيس الوزراء غاضبون من هذه الاتهامات، حتى إن عدة أصوات من صحيفة “إسرائيل اليوم” اليمينية المخصصة منذ فترة طويلة للدفاع عن نتنياهو دعت هذا الأسبوع إلى استقالته.
المصدر : لوموند