قالت نيويورك تايمز الأميركية إن الحكومة الإسرائيلية طلبت من إدارة الرئيس جو بايدن الحصول على 24 ألف بندقية هجومية، وأضافت الصحيفة أن الطلب أثار مخاوف لدى مشرعين أميركيين وبعض مسؤولي الخارجية الذين يخشون احتمال وصول الأسلحة إلى أيدي المستوطنين والمليشيات المدنية التي تحاول إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم مما قد يؤجج العنف بالضفة المحتلة.
وتبلغ قيمة الصفقة -بحسب نيويورك تايمز- 34 مليون دولار، وجرى طلبها مباشرة من قبل شركات صناعة الأسلحة الأميركية، لكنها تتطلب موافقة الخارجية وإخطار الكونغرس.
وتتزامن تلك الصفقة المفترضة مع توزيع الوزير اليميني المتطرف المشرف على الشرطة إيتمار بن غفير بنادق على المستوطنين بالضفة، وقيامه بتشكيل مليشيات خاصة تحمل اسم “فرق أمنية”.
ونقلت نيويورك تايمز عن مصادر مطلعة أن إسرائيل أكدت أن البنادق ستستخدم من قبل الشرطة، لكنها أشارت أيضا إلى إمكانية إعطائها للمدنيين.
وفي هذا السياق، أعرب المسؤولون العاملون في قضايا حقوق الإنسان بالخارجية الأميركية عن تحفظاتهم، في حين يعتزم المشرفون على مبيعات الأسلحة الموافقة عليها والإعلان عنها الأيام المقبلة.
وتبيع الولايات المتحدة بانتظام مجموعة كبيرة متنوعة من الأسلحة لإسرائيل، بما في ذلك الذخائر الفتاكة التي يستخدمها جيش الاحتلال حاليا لقصف غزة، وقد طلب الرئيس الأميركي مبلغًا إضافيًا قدره 14 مليار دولار من الكونغرس ضمن المساعدات العسكرية لإسرائيل، رغم تزايد الانتقادات لموقفه بين الديمقراطيين.
وتشتري إسرائيل أكثر من 3 أرباع البنادق من شركة كولت للتصنيع، وتشمل الطلبيات بنادق “إم 4 إس” (M4s) و”إم كيه 18 إس” (MK18s) وبعضها جاهز للشحن بينما لا يزال البعض الآخر بحاجة لتصنيع.
تعزيز ترسانة البنادق
وتسعى الشرطة الإسرائيلية لتعزيز ترسانة أسلحتها بعد أن تعهد المسؤولون بتزويد المدنيين بآلاف الأسلحة في ما لا يقل عن ألف بلدة ومدينة، بما في ذلك المستوطنات في الضفة المحتلة.
وتقول نيويورك تايمز إن العنف الذي يمارسه المستوطنون بالضفة -والذين يهدفون لإجبار الفلسطينيين على مغادرة مساحات إستراتيجية من الأراضي- ارتفع مؤخرا إلى مستوى أعلى كثيراً من مستواه السنوات الأخيرة حتى قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.
وعلى مدى سنوات عديدة، انتقل حوالي 500 ألف إسرائيلي إلى المستوطنات التي أصبحت تشكل حزاما يحاصر 2.7 مليون فلسطيني يعيشون في جيوب صغيرة منفصلة عن بعضها، بواسطة نقاط التفتيش العسكرية والأسوار وغيرها من إجراءات الاحتلال بالضفة.
وفي بيان صدر في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال حزب “القوة اليهودية” الذي ينتمي إليه بن غفير إن الوزير سيوزع 10 آلاف بندقية على المدنيين، بعضهم في مستوطنات الضفة. وفي مبادرة منفصلة، قال مجلس المستوطنين شمال الضفة يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إنه قام بشكل مستقل بتوزيع أكثر من 300 سلاح للمستوطنين المدنيين.
مخاوف “نكبة الضفة”
ويحذر مسؤول العمل الجماهيري بهيئة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة من تصاعد “جرائم المستوطنين” حاليا، وقال إنها مؤشر على مجازر كبرى تشبه مجازر الاحتلال إبان نكبة الفلسطينيين عام 1948.
وكشف أبو رحمة -في تصريحات سابقة للجزيرة نت- أنه تم تسليح 26 ألف مستوطن ببنادق رشاشة حديثة بدعم من بن غفير منذ بدء الحرب على غزة فقط، وتلقوا تدريبات مسبقة ومكثفة على العنف، ويحظون بحماية الجيش الذي يقيمون معه علاقات وصداقات لقربه منهم وعيشه معهم داخل المستوطنات.
ويضيف المتحدث ذاته “الآن حصل المستوطنون على الضوء الأخضر خاصة بعد المصادقة على قانون تغيير قواعد إطلاق النار وتصاريح باستخدام السلاح باستهداف أي فلسطيني دون أي حساب أو مساءلة”.
ويتابع أبو رحمة “منذ بداية 2023 والمستوطنون في صراع مع الوقت لتنفيذ مخططاتهم بالقتل والتهجير للاستيلاء على أكبر مساحة من الأرض، مستغلين وجودهم وتأثيرهم بالحكومة المتطرفة، والآن يرون في الحرب فرصتهم الذهبية التي لن تتكرر، ولذا سيصعدون عنفهم أكثر”.
ورغم تصاعد عنف المستوطنين مؤخرا، يعود تاريخ المليشيات الإسرائيلية لعقود، ففي أواخر 1998، تشكلت “شبيبة التلال” وساهم في تأسيسها وزير الأمن آنذاك أرييل شارون، ثم تأسست عصابة “تدفيع الثمن” عام 2008، واتخذت تلك المجموعات من قمم الجبال بؤرا استيطانية لها، وانطلقت لتنفيذ اعتداءاتها.
ورغم انتشار هذه الجماعات بكل مستوطنات الضفة والقدس المحتلتين، فإنها تركزت بمستوطنات شمال الضفة لا سيما “ألون موريه” و”تفوح” وإيتمار” و”يتسهار” والتي تحوي مركزا دينيا يسهم في تعليم وتخريج هذه العصابات وتدريبها، ومنها أيضا مستوطنات “تقوع” و”معاليه أدوميم” و”بيتار عيليت” جنوبا.
وبدا لافتا تصعيد المستوطنين هجماتهم خلال العامين الأخيرين، وتصاعدت أكثر مع تغول “الصهيونية الدينية” بقيادة الوزيرين بن غفير وبتسلئيل سموتريتش في حكومة الاحتلال، مما رفع وتيرة وحدّة هذه الاعتداءات منذ بدء العدوان على غزة.