بعنف اقتحم العشرات من جنود الاحتلال منزل عائلة عدي العواوده (30 عاما)، في قرية كَرمة الفلسطينية، جنوبي الضفة الغربية، فكان والده الستيني “فيصل” أول فريسة لهم، إذ سارعوا إلى تقييد يديه بقيود بلاستيكية ووضعوه في زاوية المنزل تحت حراسة مشددة، ثم ألحقوا به باقي أفراد العائلة.
بضحكات مستفزة وكلمات عبرية يفهم منها الاستهزاء، قلب الجنود المستنفرون المنزل رأسا على عقب، وخرّبوا وحطموا معظم محتوياته، قبل أن يصطحبوا معهم عدي الذي أمضى سابقا أكثر من 6 سنوات في الاعتقال، مقيد اليدين ومعصوب العينين.
ما حصل مع عائلة عدي، تكرر مع كثيرين منذ معركة “طوفان الأقصى” منهم عائلة الأسير أسامة شاهين، من جنوبي الخليل، إذا خرّب الجنود أغلب محتويات المنزل بما في ذلك الأثاث والمطبخ فضلا عن الصراخ على زوجته وأطفاله، ومصادرة جهاز الحاسوب وهاتفه النقال، وفق شقيقه أديب متحدثا للجزيرة نت.
ترافق كل ذلك مع نشر صفحات على فيسبوك -يعتقد أن المخابرات الإسرائيلية تديرها- صورا للمعتقلين مصحوبة بنصوص تشير لاعتقالات في صفوف حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتحذيرا من الاقتراب من أعضاء الحركة، ومقاطع فيديو تتضمن ألفاظا بذيئة خلال اقتيادهم معتقلين فلسطينيين.
رهائن وانتقام
يضاف إلى ما سبق، اعتقال الأقارب كرهائن لحين تسليم المستهدفين بالاعتقال أنفسهم للجيش، وهذا حصل مع القيادي نايف الرجوب عضو المجلس التشريعي المحلول.
يقول نجله يوسف للجزيرة نت “داهموا المنزل فجر الخميس ولم يكن والدي موجودا فيه، هددني الجنود بالاعتقال أنا ووالدتي إذا لم يحضر والدي ويسلمهم نفسه”.
وتكرر المشهد ذاته وأحيانا أسوأ منه في الأسبوعين الأخيرين مع مئات المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومعظمهم معتقلون سابقون محسوبون على حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ونواب في المجلس التشريعي المحلول على رأسهم رئيس المجلس الدكتور عزيز الدويك.
ويقول مدير نادي الأسير الفلسطيني الزغاري، للجزيرة نت إنه بموازاة الحرب الشاملة التي تقوم بها قوات الاحتلال في غزة، تجري حملة اعتقالات واسعة وغير مسبوقة بالضفة “يتخللها اعتداءات على المواطنين وتخريب بيوتهم وتكسير أثاث المنازل”.
وأشار إلى “ارتفاع كبير في عدد المعتقلين يصل إلى 930 مواطنا في أسبوعين، أغلبهم معتقلون سابقون وبينهم كبار في السن، إضافة إلى 4 آلاف معتقل من عمال غزة الذين لم يتمكنوا من العودة إلى القطاع بسبب العدوان”.
ووصف الاعتقالات بأنها “اعتقالات انتقامية وعقاب جماعي بحق الشعب الفلسطيني ” محذرا من استفراد الاحتلال بالأسرى، ومطالبا “بتوفير الحماية الأمنية والقانونية لهم”.
وأشار مدير نادي الأسير إلى “حالة تخبط بعد إخضاع السجون لإدارة الجيش، حيث العزل وقطع المياه والكهرباء ومصادرة الأغراض الشخصية ومنع الزيارات والتحويل بالجملة للاعتقال الإداري”.
وتحدث الزغاري عن رفع مدة التوقيف من 96 ساعة إلى 8 أيام، وبعدها إما أن يتم تحويل المعتقلين إلى المحاكم وإما الاعتقال الإداري “لكن 50% يتم تحويلهم للاعتقال الإداري، وهو اعتقال بدون محاكمة أو تهمة أو سقف زمني”.
انتقام جماعي
من جهته يصف الباحث في شؤون الأسرى والناطق السابق باسم هيئة شؤون الأسرى حسن عبد ربه، ما يجري بأنه “انتقام من أبناء الشعب الفلسطيني، وتحديدا من المقاومين والأسرى السابقين الذين أمضوا سنوات طويلة وتحرروا من الأسر، بعد أحداث يوم 7 أكتوبر وإعلان حالة الحرب من قبل الاحتلال”.
وأضاف “الاعتقالات عقوبة جماعية، ومحاولة لاعتبار المعتقلين ورقة مساومة وللضغط وابتزاز المقاومة الفلسطينية التي تأسر عشرات الجنود في غزة، باختصار هم بمثابة رهائن للمقايضة والضغط”.
ويشير عبد ربه إلى أن الاعتقالات طالت كوادر وقيادات محلية ووطنية وسياسية في المجتمع الفلسطيني لها دور مهم في الحياة العامة.
وأشار إلى أن الأسرى حاليا وخلال حالة الحرب يخضعون لإدارة الجيش بدل إدارة السجون “وهذا يعني المزيد من الانتهاكات الجسيمة والخطيرة والتنكيل وسوء المعاملة والاعتداء الجسدي والقوانين العنصرية بحق الأسرى وبدأ ذلك بقطع الكهرباء والماء وسحب الملابس”.
وقال إن الخطورة في تمديد فترات التوقيف هي “انعدام المعلومات عن الأسرى سواء لذويهم أو المحامين، وتفرد أجهزة الاحتلال بما في ذلك المخابرات بهم وخاصة حديثي التجربة الاعتقالية”.
عشرات الأسرى لدى حماس
وفي 7 أكتوبر/تشرين أول الجاري أطلقت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” معركة “طوفان الأقصى” هاجمت فيها بلدات إسرائيلية في غلاف موقعة مئات القتلى والجرحى والأسرى.
ولم تعلن أي جهة عن العدد الدقيق لمن تحتجزهم القسام، لكن متحدثا عسكريا إسرائيليا قدر في بيان -الجمعة- عددهم بنحو 200، فيما قدرت كتائب القسام في وقت سابق بأن العدد يتراوح بين 200 و250 أسيرا.
والجمعة كشفت موسكو عن تواصلها مع حركة حماس لإطلاق سراح “الرهائن”، الذين تصفهم حماس بـ “الأسرى”.
وتطالب الحركة بمبادلة من تأسرهم بالأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، الذين كان يقدر عددهم بنحو 5 آلاف حتى نهاية سبتمبر، بينهم نحو 560 أسيرا محكومون بالسجن مدى الحياة، و32 أسيرة، و165 طفلا.