موقع مصرنا الإخباري:
لا يختلف اثنان على أن زيارة الأربعين قد تحولت في كل عام إلى حدث عالمي مهم من أحداث العالم بل أكبر حدث عالمي من حيث مشاركة البشر ولم تعد هذه الزيارة مقتصرة على البعد المحلي كما كان الوضع في القرون السالفة، بل انتقلت إلى البعد العالمي، لمشاركة الناس من مختلف الأجناس والأعراق والقوميات والبلدان والأديان والمذاهب فيها، ولوجود الوسائل الإعلامية الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام الجديد التي تنقل يوميات الأربعينية وصور ملايين المشاة إلى كربلاء، مما جعل هذه الزيارة المليونية تفرض نفسها على الجميع بلا استثناء.
وهذه الملحمة الحسينية الإنسانية الحماسية التي لا نظير لها في العالم شكلاً ومضموناً، يحمّل أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام سواء كانوا من علماء الدين أو من النخبة العلمية أو من وجهاء المجتمع وأعيانه وغيرهم مسؤولية كبيرة في إبراز الأربعينية على خير وجه، وبصورة متميزة وحضارية؛ بحيث تكون الأربعينية جاذبة للآخرين ومؤثرة فيم إيجابيا.
إن هذا الطوفان البشري الهائل الذي يقدر بالملايين الذين يزحفون بشوق وإخلاص مشياً على الأقدام نحو ضريح الإمام الحسين وحرمه المقدس بهدف تعظيم الشعائر الحسينية، ونيل الأجر والثواب الجزيل، ينبغي أن نستذكر في هذه المناسبة وغيرها أيضاً الأهداف الحسينية العظيمة والمبادئ الإنسانية النبيلة التي ضحى من أجلها الإمام الحسين بنفسه وأهل بيته والصفوة من أصحابه وأتباعه وأنصاره، وإيصالها إلى الشعوب والأقوام الأخرى في جميع أصقاع الدنيا.
بكل تأكيد إن الإمام الحسين ذاب في الله، وضحى بنفسه وأهله من أجل الله، فذاب الناس فيه، وقدموا التضحيات طوال التاريخ من أجل إبقاء الارتباط بالحسين ونهجه، وبالقيم التي نهض واستشهد من أجل تثبيتها في وجدان الأمة وهذا الانجذاب القلبي والعاطفي أو الشوق المغناطسي نحو الإمام الحسين وموقعيته المتجذرة في الوجدان الشعبي هو تحقيق لهذا الدعاء القرآني “فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ” فها هي أفئدة الملايين من الناس تهوي نحو حرم الإمام الحسين ، وتتلهف لزيارته بشوق ولهفة، وتقبيل ضريحه الشريف قصد البركة والتوسل.
إن الزيارة التي تكون عبرإيمان ومعرفة بالإمام قد تختلف عن مجرد زيارة عادية ، إذ كلما كان الإنسان على مستوى أكبر من المعرفة به زادت حصيلته من الفيوضات الروحية والمعنوية، والنفحات الحسينية التي تعمق من درجة الارتباط بالله تعالى، وتنمي من حالة التدين عند الإنسان المؤمن، وتجعله أقرب إلى الله تعالى و رسوله الكريم و الإمام الحسين ، إذ بدون أدنى شك أن للزيارة آثار وفوائد روحية ومعنوية كثيرة.
فبالإضافة لما في زيارة الإمام الحسين من الأجر والثواب العظيم فإن لزيارته العديد من البركات والآثار والأسرار، والتي منها: إجابة الدعاء تحت قبته، دعاء الملائكة له، دعاء أهل البيت لزائري قبره الشريف، طول العمر، زيادة الرزق، قضاء الحوائج، زوال الهم والغم والكرب عنه، تبديل السيئات بالحسنات، تبديل الشقاوة بالسعادة، الحشر مع الإمام الحسين وهي غاية محبوبة لكل مؤمن، وفي كل ذلك روايات صحيحة ومعتبرة.
كما أن زيارة الإمام الحسين وخصوصاً في الأربعين تعطي الإنسان طاقة حيوية قادرة على نقله من الحالة السلبية إلى الحالة الإيجابية، ومن النظرة التشاؤمية للحياة إلى الشعور بالاطمئنان والسكينة والراحة النفسية، وهذا ما يشعر به كل زائر للحسين، ولا تقتصر آثار الزيارة الأربعينية على البعد الروحي والمعنوي للأفراد فقط، بل تمتد إلى الأبعاد الأخرى كالبعد الأخلاقي، والبعد الاجتماعي، والبعد الثقافي، والبعد العلمي، والبعد الاقتصادي، والبعد الإنساني وغيرها من الأبعاد والجوانب الحياتية التي تشمل المجتمعات أيضا.
في زيارة الأربعين التي تضم أكبر تجمع بشري عرفه العالم في وقت واحد ومكان واحد، نشير إلى أهمية الاهتمام باستثمار وتفعيل هذه الزيارة التي تحولت إلى حدث عالمي كي تؤتي ثمارها المطلوبة ولذا نطلب من الجهات الرسمية و الشعبية المعنية في عراقنا الشقيق أن تقدم الى من يهمه الأمر بجعل هذا الحدث في ” كتاب قينيس للأرقام القياسية” من حيث عدد الزوار وكل ما يتبعه من اطعام وإيواء.
وخاتمة القول يجب التركيز على الأهداف الكبيرة والعظيمة التي نهض واستشهد من أجلها الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه والسعي بكل الوسائل المتاحة وكذا إبرازها على المستوى العالمي لإيصال رسالة الإمام الحسين إلى كل العالم، ومن أبرزها الإصلاح الشامل، وإقامة العدل والقسط، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحفاظ على الدين وقيمه ….والله تعالى ولي التوقيف.
السيد محمد عبد القادر بوكريطة الحسني