ارتفاع الأسعار بشكل فاحش يرفع معدلات الطلاق والعنف في مصر

موقع مصرنا الإخباري:

أب لا يرحم يقتل زوجته أمام أبنائه بسبب نفقات المنزل؛ زوج يذبح زوجته بسبب مصاريف المنزل بالمحلة؛ معلم يقتل زوجته بسبب مصاريف المنزل في شبرا الخيمة بسبب مصاريف المنزل؛ شاب يقتل زوجته بأسوان؛ موظف قتل زوجته بطعنها 10 مرات بسبب مشاكل زوجية بالسجن؛ معلم مصري ينهي حياة زوجته بسبب مصاريف العيد؛ زوجة تطلق زوجها بعد أن عجز عن إعالتها.

كل ذلك مجرد أمثلة لعناوين الصحف والمواقع الإخبارية المصرية، خلال الأشهر الماضية، وسط أوضاع اقتصادية واجتماعية خانقة وظروف معيشية صعبة تعاني منها الأسر المصرية في السنوات الأخيرة.

ارتفاع تكاليف المعيشة والارتفاع الجنوني للأسعار وانهيار العملة المحلية أمام الدولار وتراجع القوة الشرائية للمواطن المصري، كلها عوامل تؤدي إلى تفاقم الخلافات الزوجية ونسب الطلاق في مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.
3 مليون مطلقة

تسجل مصر 240 حالة طلاق يوميا، بمعدل 10 حالات طلاق في الساعة، وفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري.

لكن تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في بيانات حديثة، أن حالة طلاق تحدث كل 117 ثانية (حوالي دقيقتين)، أي في المتوسط 31 حالة طلاق في الساعة، و739 حالة طلاق في اليوم، بينما متوسط عدد حالات الطلاق شهرياً يصل إلى 22,500 حالة طلاق عام 2022.

وارتفع إجمالي حالات الطلاق في مصر إلى 269.800 حالة طلاق عام 2022، مقابل 254.800 حالة طلاق عام 2021، بنسبة زيادة 5.9 في المائة، و222.039 حالة طلاق عام 2020، مقابل 162.000 حالة طلاق عام 2013، عام الانقلاب العسكري في البلاد. وهذا يدل على أن معدلات الطلاق زادت في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

وعلى صعيد نسبة الطلاق إلى إجمالي حالات الزواج، سجلت مصر ارتفاعا ملحوظا في معدلات الطلاق خلال الخمسين عاما الماضية، من 7% إلى 40%، حيث بلغ عدد المطلقات أكثر من 3 ملايين. هذا بالإضافة إلى نحو مليون قضية مرفوعة في محاكم الأسرة.

وتتصدر العاصمة المصرية القاهرة أكبر 10 محافظات من حيث عدد حالات الطلاق خلال عام 2022، مسجلة 57200 حالة، تليها الإسكندرية (شمال) بـ 26300، والجيزة (قرب العاصمة) بـ 24100 حالة.

وتأتي محافظة الشرقية في المركز الرابع بـ 19 ألفًا، والدقهلية خامسًا بـ 17700، والقليوبية بـ 14200، والغربية بـ 13500، والبحيرة بـ 13000، والمنوفية (دلتا النيل) بـ 8400، والمنيا (جنوبًا) في المركز العاشر بـ 8000 حالة طلاق، وفقًا للتعبئة المركزية المصرية. إحصائيات.
الفقر المتزايد

لا يتطلب الأمر سوى بضع دقائق من الانتظار أمام مكاتب تسوية المنازعات الأسرية – التي أنشئت بموجب القانون رقم (10) لسنة 2004، ضمن خطوات التسوية الودية التي تسبق مرحلة التقاضي في المنازعات الأسرية – لملاحظة حالة التشرذم داخل المجتمع المصري. وقد نما منذ حكم السيسي، مدفوعا في المقام الأول بأسباب اقتصادية، بما في ذلك عدم القدرة على التوفير، وتزايد الفقر، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الأجور، وخفض الدعم، وانهيار قيمة العملة المحلية.

وتحدث عضو لجنة تسوية المنازعات الأسرية بإحدى المحاكم المصرية، لميدل إيست مونيتور، قائلا إن تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار وعدم القدرة على التوفير، من الأسباب التي تزيد بشكل عام الخلافات والخلافات الزوجية التي يعقبها شريك واحد طلب الطلاق أو تعرض أحد الشركاء للإيذاء الجسدي.

وقبل أيام، وعقب خلاف على مصاريف الأسرة، أطلق مواطن مصري النار على زوجته وأطفاله الأربعة، في منطقة الوراق بمحافظة الجيزة (قرب العاصمة)، ما أدى إلى وفاة الابن الأكبر (22 عامًا) )، وإصابة الزوجة و3 أطفال آخرين. وتم نقلهم إلى المستشفى في حالة حرجة.

وبحسب التحقيقات فإن المتهم يتقاضى أجراً يومياً، ولا يتقاضاه إلا في الأيام التي يعمل فيها. ووقعت مشادة كلامية بينه وبين زوجته بسبب مصاريف المنزل، تطورت إلى شجار جسدي، مما دفع الابن الأكبر إلى التدخل. ثم أطلق الزوج النار على أسرته فقتل ابنه الأكبر وأصاب الباقين.

ويبرر حسن ر. (28 عاماً) ضربه لزوجته ثم طلقها لاحقاً، قائلًا إنها كثيرًا ما تطلب الطعام من الخارج، وهو ما لا يستطيعان تحمله، مما يجعله يشعر بالعجز والعجز.
ظروف مرهقة

بمجرد كتابة عبارة “يقتل زوجته بسبب مصروف البيت” في جوجل، ستتفاجأ بأكثر من 200 نتيجة، بطولة مواطنين مصريين من مختلف الفئات الاجتماعية والمهن، لكن القاسم المشترك هو الأسعار الفاحشة، وعدم القدرة على توفير نفقات المعيشة، والعنف والانتهاكات الجسدية سوء المعاملة، وأحيانًا استخدام أدوات حادة (مثل السكين) لإنهاء النزاع.

تراكم الديون دفع محمد أ. (35 عاماً) إلى بيع الأجهزة الكهربائية في منزله في محاولة لسداد ما عليه، مما أثار غضب زوجته واعتراضها.

محام مصري تحدث لـ”ميدل إيست مونيتور”، قائلاً إن الوضع الاقتصادي الحالي وعدم القدرة على توفير الاحتياجات المعيشية هو السبب الرئيسي وراء معظم حالات الطلاق التي يتولى إدارتها كمحامي عن الزوجة، مشيراً إلى أن العديد من قضايا الطلاق مستحقة لكون الزوج عامل بأجر (يتم دفع أجره على أساس يومي). ولذلك فإن الزوج غير قادر على تلبية احتياجات الأسرة، مما يسبب المزيد من الخلافات والصراع بين الزوجين، ونتيجة للضغوط قد يلجأ الزوج إلى العنف الجسدي.

ويضيف، بعد أن طلب عدم ذكر اسمه، أن الأسرة المكونة من زوج وزوجة تحتاج فقط إلى 5000 جنيه مصري (حوالي 162 دولارًا) شهريًا، بينما يتضاعف الرقم إذا كان هناك طفلان أو أكثر. وهذا يفوق ما يستطيع كثير من الناس توفيره، نظراً للأسعار الباهظة التي ضربت كافة السلع والخدمات.

ورجح أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور سعيد صادق، في مقابلة سابقة مع رويترز، توقع زيادة أخرى في حالات الطلاق بين المصريين مع استمرار نمو الضغوط الاقتصادية في البلاد بسبب التضخم، وتراجع قيمة الريال المحلي. العملة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والجائحة وتراجع السياحة والأنشطة الأخرى.
العملة المنهارة

وقبل أشهر، تقدمت عضو مجلس النواب المصري عايدة السواركة، بسؤال برلماني (أداة رقابية) لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بشأن ارتفاع معدلات الطلاق، وربطت هذا التغيير بالتأثير الكبير على دخل المواطنين الناتج عن تحرير سعر صرف الجنيه المصري عام 2016.

وانخفضت قيمة العملة المحلية من 8.8 جنيه للدولار في نوفمبر 2016، تاريخ التعويم الأول، إلى 30.09 جنيهًا مقابل الدولار، بعد تنفيذ سلسلة قرارات تحرير سعر الصرف، ما أدى إلى تفاقم تدهور الأوضاع المعيشية. في الشارع المصري .

وأرجع الباحث السياسي المصري أ.أ، ارتفاع معدلات الطلاق إلى الأزمة الاقتصادية الحادة، وارتفاع معدلات الفقر، وتراجع القوة الشرائية للعملة المحلية وانهيارها أمام العملات الأجنبية، متسائلا: كيف يملك الشاب أو يستأجر شقة بآلاف الجنيهات، وإذا فعل ذلك فكيف يعيش على بقية دخله الذي تنهكه الفواتير الشهرية للمياه والكهرباء والغاز والغذاء والنقل والعلاج والتعليم وغيرها؟

“ونتيجة للارتفاع الفاحش في الأسعار وانهيار قيمة العملة المحلية، يتعرض المصريون لحالة من عدم الاستقرار وضغوط نفسية شديدة أدت إلى ظواهر مجتمعية خطيرة، مثل زيادة العنف الأسري، وجرائم القتل بين النساء والرجال”. وأضاف أن أفراد الأسرة والانتحار واللجوء إلى الهجرة غير الشرعية.

“لماذا انتشر الطلاق (ازدادت نسبته)؟” هذا هو الهاشتاج الذي كان رائجا في مصر منذ سنوات، في عام 2017. التضخم وغلاء الأسعار على رأس قائمة أسباب الطلاق وزيادة العنف الأسري، والتي قد تظل على رأس أسباب الطلاق لسنوات قادمة يأتي ذلك، في ظل ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى أكثر من 165 مليار دولار، بنهاية الربع الأول من عام 2023، وفشل حكومة السيسي في إنقاذ المصريين من أزمتهم الاقتصادية الخانقة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى