استمراراً للحديث غير المنقطع عن أمراض العصر الحديث التي أصابت الكثيرين ليتغير شكل المجتمع وسلوكياته بشكل مخيف، قد تطور إلى القتل الذي بات سهلاً سريعا على بعض الشباب.
هذا الذي لا يعلم عن دينه وما يحث عليه من أخلاقيات إلا أقل القليل، فما بالكم بالتنمر والتحرش وغيرهما من السلوكيات التي يتم تصنيفها الآن بالبسيطة والأقل ضرراً.
أما عن “التنمر”:
فقد أصبح من مفردات القوة ومستلزماتها فى هذا الزمن، والذي يستقوي به البعض على البعض الآخر من المستضعفين الذين لا حول لهم ولا قدرة على رد هذا التنمر بمثله،
وتحديداً فى سن المراهقة وفي مراحل التعليم المدرسية، حيث تتحكم الحالة النفسية لهذا المراهق أو هذه المراهقة بكل شيء، و التي عادة ما تميل بشكل لا إرادي نحو الاكتئاب، هذا الذي يصاحب تلك التغيرات الفسيولوجية بهذه المرحلة العمرية.
وعادة ما يكون هذه السن الحساسة المعرض للانحراف والانجراف بشكل أو بآخر ما لم تتم تنشئته وتوجيهه التوجيه السليم والتنشئة الصحية، ستكتظ قائمة الشباب المريض الذي يشكل عبئاً على المجتمع بدلاً من كونه دعماً وسنداً ومستقبلاً له.
فقد صدمنا جميعاً بخبر وفاة الفتاة المراهقة ذات ال ١٦ عاماً، التي لم يحتمل قلبها البريء هذا التنمر الذي أحاط بها من زميلاتها بالمدرسة ومعايرتها بأنها لا تتمتع بقدر من الجمال الذي يتفاخرن به بعضهن على بعض.
لتسقط رودينا ضحية صدمة نفسية اشترك فيها حفنة من عديمي التربية والأخلاق.
فالأخلاق أعزائى هى الضامن الوحيد الذى يضمن استمرارية الحياة على الأرض بسلام و مودة و هى الضامن أيضاً لاستمرار النهضة فى المجتمع ،فلا ترجمة لانعدامها سوى الدمار والخراب والخيبة!
فقد يستمد الناس أخلاقهم من الأعراف والتقاليد وقد يستمدونها من الدين، ولكن فى النهاية هذا يكمل ذاك ويقويه ويؤكده .
⁃ و بما أن تطورات العصر الحديث بكل ما تحمله من سلبيات قد طغت على الإلتزام بهذه الأخلاق أو ربما نسيانها التام والتغاضى عن الإلتزام بها حتى تحولت إلى مجموعة من الجمل المعبأة داخل أوراق الكتب المحفوظة على الأرفف، والتى لا تعلم عنها الأجيال الحالية أى شىء خاصة بعد أن نسيها أو تناساها من تعلموها وعملوا بها سنوات من الأجيال السابقة قبل أن يتخلوا عن الإلتزام والعمل بها !
⁃ أى أن الأجيال التى تربت على القيم والمبادئ التى يقدسها ويحترمها الجميع ومن يخرج أو يشذ عنها يصبح بنظر المجتمع مذنب متمرد وربما منبوذ، قد انجرفت بفعل شدة التيار الذى صاحب هذا الإنحدار والتدنى الخلقى والإنهيار القيمى هى الأخرى لتواكب صيحات العصر الحديث وتركب الأمواج الجديدة،
و لم يعد هناك من يستطيع أن يحمى نفسه وأهله من دمار هذا الطوفان ويحتمى بعاداته وتقاليده وقيمه العريقة لينقلها لأولاده اللهم إلا قليلا!
⁃ إذن : فكيف نعلم أبنائنا الأخلاق وفضائلها وأهميتها ونغرسها بداخلهم منذ الصغر ونحن نعيش أسوء وأعمق سنوات الإنهيار الخلقى، فمن منا مازال متمسكاً بأخلاقه ودينه كالقابض على جمرة من النار ؟
فهل تكون هناك خطة منظمة تشترك بها جميع الجهات المعنية بداية من الأسرة للمدرسة لوسائل الإعلام و الدراما لما لها من تأثير شديد القوة علي الناس بمختلف أعمارهم ، لعلاج مثل هذه الآفات الأخلاقية التي أصابت عدد كبير من المصريين علي رأسها التنمر ؟
فبفعل الإجبار والإلحاح والإلزام سيستعيد كل فاقد لذاكرته الأخلاقية تلك الذاكرة من جديد بعد أن ينفض ما ترسب عليها من غبار سنوات طويلة من التخبط والتلوث السمعى والبصرى الذى يحاوطه من كل اتجاه
و فى هذه الحالة-
سيضطر كل ناسى أو متناسى للتذكر والعودة
ليستفيد جميع الأطراف، فيتعلم الصغار ويستفيق الكبار من غفلتهم التى غطوا بها بفعل الإنخراط اللاإرادى بالحياة العصرية بكل مستجداتها السلبية التى التهمت بطريقها كل ما تبقى لنا من إيجابيات ونسمات لزمنٍ كان جميلا
المصدر: اليوم السابع