أكد مصدران حكوميان يمنيان لـ”العربي الجديد”، موافقة كلّ من الحكومة والحوثيين مبدئياً على تمديد الهدنة شهرين إضافيين، نتيجة ضغوط دولية وأممية مكثفة، شملت دخول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على خط المشاورات، بعد اتصاله، أمس الثلاثاء، برئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي، واعداً إياه بالضغط على الحوثيين لفتح طرقات تعز.
وتنتهي الهدنة غداً الخميس، 2 يونيو/حزيران، والتي بدأت في مطلع إبريل/نيسان الماضي برعاية من الأمم المتحدة، وشملت وقفاً كلياً لإطلاق النار، والسماح بدخول سفن مشتقات نفطية إلى ميناء الحديدة، وإطلاق رحلتين أسبوعياً من مطار صنعاء، بالإضافة إلى فتح الطرق والمعابر بمدينة تعز ومحافظات أخرى.
ويُعدّ ملف فتح الطرق والمعابر في مدينة تعز من ضمن البنود التي فشلت كلياً خلال الشهرين الماضيين من الهدنة. ولم تحقق مفاوضات عمّان قبل أيام أي اختراق بشأنها بين وفدي الحكومة والحوثيين، في حين صمدت الهدنة ميدانياً، على الرغم من الاتهامات المتبادلة بين الطرفين بخروقات في جبهات القتال، أو التسبب بعرقلة الملفات الأخرى.
وأوضح مصدر حكومي مواكب للاتصالات، لـ”العربي الجديد”، أنه من المتوقع أن يُعلَن عن تمديد الهدنة خلال أقل من 48 ساعة، على أن تستمرّ حتى الثاني من أغسطس/آب المقبل، مشيراً إلى أن الضغط الدولي والإقليمي كبير بهدف تجديد الهدنة، ولفت إلى أن الأمم المتحدة كانت تسعى إلى تمديدها لمدة ستة أشهر، أي من 2 يونيو/حزيران الحالي حتى مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل، لكن بعد نقاشات عدة، تم الاتفاق على مهلة الشهرين لقياس مدى التزام الحوثيين.
من المتوقع أن يُعلَن عن تمديد الهدنة خلال أقل من 48 ساعة، على أن تستمرّ لـ2 أغسطس/آب المقبل
وأشار المصدر إلى أن الحكومة كانت تتمسك بضرورة صرف الحوثيين مرتبات الموظفين المدنيين في مناطق سيطرة الجماعة من عائدات ميناء الحديدة، إلى جانب فك الحصار عن بعض طرق تعز، موضحاً أن الحوثيين طرحوا بعض الشروط، لكن تم في الساعات الماضية تجاوزها، وذكر أن المبعوث الأممي وعد العليمي بالضغط على الحوثيين بشأن حصار تعز.
ومن بين الشروط التي طُرحت من قبل الحوثيين، استمرار مزايا الهدنة لجهة فتح مطار صنعاء، والسماح لسفن الوقود بالعبور إلى الحديدة، مع توسيع هذه المزايا، فيما يرفضون إلى الآن فتح طرق رئيسية في تعز، ويصرّون على طرق بعيدة.
وتُعدّ قضية صرف المرتبات من ضمن الملفات الجديدة التي تضاف لشروط قبول تمديد الهدنة الأممية فترة أخرى، حيث تطالب الحكومة اليمنية بصرفها من عائدات المشتقات النفطية التي تدخل من ميناء الحديدة، وهذا الأمر كان من ضمن بنود اتفاق استوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018، لكن ذلك لم يتحقق إلى حدّ الآن، وما زال الموظفون الحكوميون بلا رواتب في مناطق سيطرة الحوثيين.
بدوره، قال مصدر حكومي آخر لـ”العربي الجديد”، إن “مجلس الرئاسة وافق على تمديد الهدنة، وأبلغ الأمم المتحدة بذلك، لكنه اشترط الضغط على الحوثيين لإنهاء الحصار عن مدينة تعز، وفتح الطرق والمعابر الرئيسة، وطلب التزاماً زمنياً محدداً لتنفيذ ذلك”.
وتوقع المصدر “أن يتم الإعلان عن التمديد لشهرين إضافيين، على أن تتم إضافة بند لمناقشة تسليم رواتب الموظفين الحكوميين وفقاً لكشوفات 2014، أي قبل سيطرة جماعة الحوثيين على مؤسسات الدولة”.
وتحفظ مكتب المبعوث الأممي عن الإدلاء بأي معلومات عن نتيجة المشاورات، وكذلك الحوثيين، على الرغم من أن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ التقى أمس في مسقط، كبير مفاوضي الجماعة محمد عبد السلام، إلى جانب المسؤولين العُمانيين.
من جهته، رحب نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً جلال الرويشان، أمس الثلاثاء، بتمديد الهدنة، شرط “رفع المعاناة عن الشعب اليمني”. وقال الرويشان، في تصريحات نقلها موقع “26 سبتمبر نت”: “إن ما تطالب به صنعاء للقبول بتمديد الهدنة هي حقوق أساسية وإنسانية للشعب اليمني، ولا يصح تسميتها بالاشتراطات”، وعبّر عن أمله في أن “يفهم المجتمع الدولي والأمم المتحدة أنه من غير المنطقي الحديث عن هدنة، و25 مليون إنسان في اليمن محاصرون”، وتحدث عن “جهوزية القوات المسلحة والأمن في ما إذا رفض الطرف الآخر الهدنة أو تم ربطها بإغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة”.
وفيما أكد غروندبرغ أمس ضرورة “إعادة فتح الطرق في تعز ومناطق أخرى من اليمن، وتجديد الهدنة، وأخذ خطوات جديّة تجاه إنهاء النزاع بشكل شامل”، كان لافتاً تصريح المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، أمس، الذي أشارت فيه إلى أن المحادثات الرامية إلى تمديد مفاعيل وقف إطلاق النار “لم تنتهِ بعد، لكن يبدو أنها تواجه بعض الصعوبات”. وأشارت توماس-غرينفيلد في تصريح للصحافيين، إلى أن بلادها “تعتبر وصول المحادثات إلى مأزق مشكلة”، وقالت “أشجع الفرقاء في الجانبين على مواصلة تلك الجهود، وعلى إيجاد سبيل سلمي لتوفير المساعدات الإنسانية للشعب اليمني”.
وشهد اليومان الماضيان انخرطاً أميركياً مباشراً في جهود تمديد الهدنة، بما في ذلك إجراء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن محادثات هاتفية مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، حيث دعا إلى “جهود تعزيز الهدنة في اليمن وتمديدها”.
ويرى مراقبون أن احتمال قبول الأطراف اليمنية أقرب من أي خيار آخر، لأن ذلك يخدمهم بشكل أساسي، فالحوثيون حققوا مكاسب على الأقل خلال الفترة الماضية من الهدنة، في حين يسعى مجلس القيادة الرئاسي لترتيب أوراقه، وبدء بناء مؤسسات حقيقية للدولة في العاصمة المؤقتة عدن، وتجاوز التحديات الأمنية والاقتصادية.
رحلة تجارية بين صنعاء والقاهرة
إلى ذلك، نقلت طائرة تابعة للخطوط اليمنية، اليوم الأربعاء، عشرات المسافرين من صنعاء إلى القاهرة، في أول رحلة تجارية بين العاصمتين منذ 2016، وذلك في إطار الهدنة التي يشهدها البلد.
وأفاد المكتب الإعلامي للمبعوث الأممي لليمن وكالة “فرانس برس”، بأنّ 77 شخصاً استقلوا الطائرة التي أقلعت صباحاً من المطار المغلق أمام الرحلات التجارية منذ نحو ست سنوات، فيما أفاد مصور الوكالة بأنه لم يُسمح للصحافيين بدخول المطار.
وهذه سابع رحلة تجارية تنطلق من العاصمة صنعاء منذ بدء سريان الهدنة في الثاني من نيسان/إبريل الماضي. والرحلات الست الأخرى كانت بين صنعاء وعمّان في الأردن، ونقلت غالبيتها مرضى يمنيين.
وشكر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مكالمة هاتفية مع نظيره المصري سامح شكري، الحكومة المصرية “على هذه الرحلات”.
المصدر: العربي الجديد