غادر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، مساء الإثنين، العاصمة العمانية مسقط متجهاً إلى طهران، وذلك بعد مباحثات مفصّلة أجراها مع السلطان هيثم بن طارق آل سعيد وكبار المسؤولين العمانيين، والتوقيع على مذكرات تفاهم وبرامج للتعاون في مختلف المجالات.
وفي ختام الزيارة، أصدر الرئيس الإيراني وسلطان عمان بياناً مشتركاً أكد أن الزيارة جاءت “انطلاقاً من الروابط التاريخية الراسخة التي تجمع سلطنة عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبين شعبيهما الصـديقين، وتعزيزاً للعلاقات الثنائية الوثيقة”.
كما أجرى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، لقاء منفصلاً مع نظيره العماني، بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، وقال الأخير في تغريدة على “تويتر”: “أكدنا خلال اللقاء على أولويات عملنا المشترك، تنفيذا لتوجيهات قيادتي البلدين في تعزيز العلاقات وتطويرها”.
وكان إبراهيم رئيسي وصل إلى عمان، صباح الإثنين، على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى، تلبية لدعوة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد.
وعلى هامش زيارة الرئيس الإيراني، وقّعت سلطنة عُمان وإيران 8 مذكرات تفاهم و4 برامج تعاون في عدة قطاعات، من بينها النفط والغاز والنقل، حيث وقّع البلدان على برامج تعاون، تعلق الأول منها بمجالات التجارة والاستثمار والخدمات، والثاني ببرنامج تنفيذي للتعاون الفني في مجالي العمل والتشغيل، والثالث ببرنامج تنفيذي للتعاون في مجال البيئة.
وتتجاوز دلالات زيارة رئيسي العلاقات الثنائية بين طهران ومسقط إلى ملفات إقليمية ودولية ساخنة، في مقدمتها المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، لإحياء الاتفاق النووي المترنح في إطار مفاوضات فيينا النووية المتوقفة منذ شهرين تقريباً.
وتعد عُمان، إلى جانب سويسرا، وسيطاً بين إيران والولايات المتحدة الأميركية خلال العقود الأربعة الأخيرة، منذ انقطاع العلاقات بين طهران وواشنطن 1980، حيث تقوم بدور ساعي البريد بينهما، غير أنه خلال السنوات الأخيرة أيضاً أضيفت أطراف إقليمية أخرى إلى قائمة الوسطاء بين البلدين.
ولعبت سلطنة عمان طيلة السنوات الماضية دوراً نشطاً في الوساطة بين طهران وكل من واشنطن ولندن لعقد صفقات تبادل السجناء، وآخرها كان نجاحها في عقد صفقة للإفراج عن الصحافية الإيرانية البريطانية، نازنين زاغري، والمواطن الإيراني البريطاني، أنوشه أشوري، مقابل تسديد بريطانيا ديوناً إيرانية تقدر بـ470 مليون يورو تعود إلى العهد الملكي الإيراني.
لكن الوساطة العمانية الأهم ظهرت في الملف النووي، إذ نجحت مسقط في جمع الطرفين الأميركي والإيراني حول طاولة تفاوض سري مباشر لأول مرة في عام 2012، وقد تطور ذلك إلى التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 في فيينا، بعد اتفاق أولي في لوزان السويسرية، وتعمل عُمان حالياً على إنجاز صفقة لتبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران، فضلاً عن الإفراج عن أرصدة إيرانية في الخارج في الإطار ذاته.
كما لعبت مسقط دوراً مهماً خلال السنوات الأخيرة بين طهران والرياض، سواء لجهة إطلاق الحوار بين الطرفين في بغداد وخاصة في عقد جولته الخامسة خلال الشهر الماضي، أو لجهة التوسط بينهما في الأزمة اليمنية، حيث كان لها دور مهم في التوصل إلى الهدنة في اليمن.
المصدر: العربي الجديد