اعتقال الأطفال ظلما في السعودية
نددت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) بانتهاكات السلطات السعودية في اعتقال الأطفال ظلما واستخدامهم كرهائن.
وقال الباحث في المنظمة سيفاغ كيشيشيان “تكشف قصتان حديثتان حول أطفال مسجونين في السعودية عن نمط مقلق من استخدام القادة السعوديين للقُصّر لتصفية حسابات مع خصومهم السياسيين”.
اتهم ضابط مخابرات سعودي رفيع سابق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان باحتجاز طفليه المراهقين، سارة وعمر الجبري، كرهائن لإجباره على العودة إلى البلاد، بينما علي النمر، الشاب السعودي الذي حُكم عليه بالإعدام، تم إطلاق سراحه أخيرًا من السجن في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
قضى النمر قرابة 10 سنوات في السجن لأنه ابن شقيق الشيخ نمر النمر، رجل الدين الشيعي البارز الذي أعدمته السلطات السعودية في أوائل يناير/كانون الثاني 2016.
تعكس سوء معاملتهم السياسات القاسية في المملكة العربية السعودية المتمثلة في احتجاز الأطفال كرهائن بسبب الأفعال الشائنة المزعومة التي يرتكبها آبائهم أو أقاربهم البالغين.
إنه يدل على التجاهل التام للضرر الذي يلحق بهؤلاء الأطفال ويبطل مزاعم الحكومة السعودية بشأن إجراء إصلاحات في مجال حقوق الإنسان.
فَقَدَ علي النمر 10 سنوات من حياته—وكاد أن يفقد حياته بالكامل—بسبب محاكمة جائرة أسفرت عن حكم بالإعدام.
أمضت سارة وعمر الجبري العام ونصف العام الماضيين في السجن، مع عدم وجود أي احتمال في الأفق لإطلاق سراحهما، إذا كان سيتم إطلاق سراحهما أصلًا.
وهذا أمر غير مقبول بأي معيار ويحظره القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها السعودية عام 1996.
هاتان الحالتان ليستا الأمثلة الوحيدة لأطفال محتجزين ظلمًا في السعودية. نحن لا نعرف العدد الدقيق للأطفال السعوديين في سجون البالغين بسبب الجرائم التي يُزعم أنهم ارتكبوها عندما لم يبلغوا الثامنة عشرة من العمر، لكن من المحتمل أن يكون هناك الكثير منهم.
نحن نعلم بالفعل عن هؤلاء الأطفال الذين أُعدموا بسبب “جرائمهم” المزعومة، على الرغم من أن اتفاقية حقوق الطفل تحظر استخدام عقوبة الإعدام للأطفال، وهو حظر قانوني وافقت المملكة العربية السعودية على الالتزام به.
إن الواقع بلا شك أكثر قتامة، حيث أن العديد من هؤلاء الأطفال والمراهقين يتعرضون للتعذيب الوحشي في السجون، تمامًا مثل علي النمر، ثم يُحكم عليهم بالإعدام بناءً على “أدلة” مفترضة تم انتزاعها تحت التعذيب على شكل ما يسمى بـ”اعترافات”.
وبطبيعة الحال، يشعر المهتمون بقضية علي النمر بالارتياح والسعادة له ولعائلته بعد الإفراج عنه. فقد اعتقلته قوات الأمن السعودية دون مذكرة توقيف في 14 فبراير/شباط 2012، عندما اعتقلوا تعسفيًا أشخاصًا في شوارع المنطقة الشرقية بالمملكة في ذكرى انتفاضة 2011 في البحرين المجاورة.
قاموا بتعذيب علي بوحشية، وكسروا فكه وجعلوه يتبول دمًا. ثم أعطوه أوراق تحتوي على “اعترافات” مكتوبة بخط اليد من قبل ضابط أمن—وأجبروه على التوقيع عليها دون أن يعرف أنه يقدم لهم اعترافات.
أصبحت “اعترافات” علي التي تم انتزاعها تحت الإكراه فيما بعد الدليل الوحيد الذي استخدمه المدعون السعوديون للحكم عليه بالإعدام بتهمة الحرابة، وهي واحدة من أخطر الجرائم في السعودية لها عقوبة ثابتة بموجب الشريعة الإسلامية.
بعد سنوات من إنكار استخدام عقوبة الإعدام للأحداث، أعلنت السلطات السعودية في مارس/آذار 2020 أنها ستتوقف عن هذه الممارسة الوحشية. وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه أعلنت أنها بصدد تخفيف حكم الإعدام الصادر بحق علي النمر وغيره من “المخالفين” الأحداث.
في نفس وقت اعتقال علي النمر، تم أيضًا اعتقال سعوديين آخرين لم يبلغا الثامنة عشرة من العمر، وهما عبد الله الظاهر وداود المرهون.
ومثل علي، قاما بإبلاغ منظمات حقوق الإنسان أنهما تعرضا للتعذيب ثم حُكم عليهما بالإعدام بناءً على “اعترافات” تم انتزاعها بالإكراه. لا يزال كلاهما في السجن، ويقضيان عقوبتهما بالسجن لمدة 10 سنوات.
وبنفس طريقة علي النمر، لم يتم محاكمتهما أمام محكمة الأحداث، ولكن في المحكمة الجزائية المتخصصة القاسية في السعودية، والتي تتعامل مع قضايا “مكافحة الإرهاب”، وحيث يمكن الحكم على أي شخص، سواء كان طفلًا أو بالغًا، بالإعدام لأي سبب، أو بدون سبب على الإطلاق.
إنّ إطلاق سراح علي النمر بعد 10 سنوات من اعتقاله وتعذيبه، وبعد حوالي سبع سنوات من الحكم عليه بالإعدام، ليس “إصلاحًا” أو إنجازًا حقوقيًا للسعودية.
فقد تم إدانته بارتكاب “جرائم” مزيفة دون أي دليل يدعم إدانته—وهو ما حدث بالضبط مع قضية عمه الشيخ نمر النمر، الذي تسبب إعدامه بعد محاكمة صورية في غضب عام وإدانة واسعة النطاق في جميع أنحاء المنطقة.
في أواخر الشهر الماضي، ظهر سعد الجبري، وهو مسؤول مخابرات سعودي رفيع سابق، في برنامج 60 دقيقة على قناة سي بي إس، وشرح بالتفصيل كيف تحتجز السلطات السعودية طفليه المراهقين لمعاقبته لكونه في الجانب الخطأ من الانقلاب الذي حدث في قصر الحكم الذي أدى إلى اغتصاب محمد بن سلمان للقب ولي العهد من ابن عمه محمد بن نايف.
تم ترقية الجبري، في عهد بن نايف، إلى رتبة لواء في وزارة الداخلية وعمل كضابط اتصال رئيسي مع الدبلوماسيين ومسؤولي المخابرات الأمريكيين.
بغض النظر عن ماضي والدهما أو حاضره، يجب على السلطات السعودية الإفراج فورًا عن سارة وعمر الجبري، اللذين كانا على بُعد أيام من استكمال تعليمهما في الولايات المتحدة قبل أن يتم احتجازهما.
في 9 مارس/آذار 2020 طلب اللواء صلاح الجطيلي من رئاسة أمن الدولة السعودية مقابلة سارة وعمر الجبري في مكتبه بالرياض.
وبعد أسبوع، احتجز الجطيلي المراهقَين للضغط على والدهما للعودة إلى المملكة. ولا يزالا في السجن منذ ذلك الحين، على الرغم من الإدانة العلنية النادرة من قبل وزارة الخارجية الأمريكية تحت إدارة ترامب في أغسطس/آب 2020، والتي دعت الحكومة السعودية إلى إطلاق سراحهما.
هذه ليست سوى حالات قليلة نعرفها. قامت منظمات حقوقية، مثل المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، بتوثيق حالات أخرى.
ومع ذلك، قد لا نسمع أبدًا عن كل المراهقين السعوديين الذين يتم احتجازهم كرهائن كذلك خلف القضبان.
إذا كانت السلطات السعودية جادة بالفعل بشأن إجراء إصلاحات في مجال حقوق الإنسان، فعليها إطلاق سراح جميع هؤلاء الأطفال وغيرهم من المراهقين السعوديين المعتقلين ظلمًا، لكي يستعيدوا حقوقهم الأساسية.
كما عليها أن تتمسك بالتزامها القانوني بإلغاء استخدام عقوبة الإعدام ضد القاصرين. لا ينبغي استخدام الأطفال أبدًا كرهائن لمعاقبة آبائهم أو عائلاتهم، ولا كأوراق مساومة بين المعارضين السياسيين. الاختبار الحقيقي للحكم العادل في السعودية هو ضمان عدم تكرار هذه الممارسة القاسية مرة أخرى.