موقع مصرنا الإخباري:
من المؤكد أن هناك تأثيرات كبيرة وخطيرة لوسائل الاتصال الحديثة، أو ما يعرف بمواقع التواصل الاجتماعى على المجتمع ككل، ولها من المخاطر ما يستوجب مواجهتها، وخاصة فيما يتعلق بالأسرة لأنها عمود المجتمع، نقول هذا بعد ما صورت لنا منصات السوشيال ميديا خلال الفترة الماضية الحوادث الزوجية والجرائم العائلية، وكأن هذا حال كل البيوت فى مجتمعاتنا، أو أن الأسرة “الزوج والزوجة” فى معركة حامية الوطيس، الكل يقتل بعضه، فذاك يطعن زوجته بعشرات الطعنات، وتلك تسمم زوجها وأطفالها، وهذه عجوز تقتل زوجها المسن، لتتلقف تلك المنصات وروادها هذه الحوادث والتعامل معها بمنطق التعميم، وليس على أنها حالات فردية حدث مثلها فى الماضى وتحدث فى الحاضر ولن تختفى فى المستقبل.
والعجيب، أن كثيرا من الناس ينجرفون وراء هذا التعميم سواء بقصد أو من غير قصد، ويتصورون أن الأسرة المصرية في حالة قتال دائم فتنتشر البوستات والهاشتاجات والكوميكسات، بداعى الضحك والهزار غير عابئين بأن هذا يضخم الأزمة ويساعد على تشويه المجتمع وتفككه.
بل أن المؤسف حقا، اتباع أسلوب التعميم بشكل غير لائق، متناسين أن تعداد سكان مجتمعنا 104 ملايين نسمة، والذى يعنى قطعا أن هذه الحالات مهما تعددت فهى لا تخرج عن دائرة الاستثنائية والتجاوزات الفردية، فالحمد لله لدينا أسر مصرية بالملايين لها نجاحات عديدة، واستطاعت أن تخرج لنا مبدعين ومبتكرين يرفعون علم مصر حول العالم كله، وفى كافة المناسبات الدولية، إضافة إلى هناك ملايين من الأيادى الشقيانة التى تجوب ربوع المحروسة للعمل والبناء والتعمير في مشهد مشرف للأسرة المصرية وهى تبنى بلدها ووطنها لخلق حياة كريمة وسط الشعوب.
لذا، فإن في التعميم ظلم بين، لأنه ليس أسلوب العقلاء ولا الحكماء، ولأنه يعتمد على إطلاق الأحكام العشوائية بطريقة خالية من الموضوعية ويرتكز دائما على ملاحظات عابرة تنقل حسب الأهواء والمزاج، ويختلط فيها المزاح مع الجد، لكن للأسف نحن بأفعالنا هذا نساعد على طمس الهوية التى ينشدها دائما هذا العالم الافتراضى.
وإن كان لدينا اعتراف أن الحياة فى عصر الحداثة وتطوراتها فى ظل السوشيال ميديا، كان لها تأثيرات خطيرة على الأسرة المصرية، وساعدت كثيرا على الانطوائية والعزلة وغياب لبعض القيم، والتأثير على صلة الأرحام في كثير من حياتنا، لكن ما زال الخير موجود فى مجتمعنا، ولا يجب أن يأخذنا هذا إلى التعميم ورفع راية الاستسلام بأننا خسرنا المعركة، وإعلان وفاة الأسرة، لذا نقولها بقوة، “لا وألف لا” فهناك ملايين الأسر في غاية الصلاح والنجاح، وأن هناك وعيا وحبا وخوفا وعدالة في تربية الأبناء وووعى بمسئوليات مسكن الزوجية، فنعم يجب علينا أن ننتبه ونتخذ من الوعى منهجا لحماية أنفسنا وأسرتنا من أى خطر يحدق بها، وأهمها منصات السوشيال ميديا، وما تفعله في حياتنا المعاصرة.
وختاما، نقول، إن “الحوادث الزوجية” وكثرة حالاتها خلال الفترة الأخيرة تستحق أن نقف لها بالمرصاد وأن نتسلح بكافة أسلحة عصر الحداثة للمواجهة والحماية وفى نفس الوقت علينا أن نعلم جيدا أن “من التعميم ما ظلم” حتى لا نشوه أنفسنا ومجتمعنا، وأن لا نساعد أعداءنا على طمس هويتنا، وكما قال جل شأنه “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ” وقال تعالى ” كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ”..
بقلم أحمد التايب