نعرف أن هناك فروق كثيرة وكبيرة ولا مجال للمقارنة بين الفنانة الكبيرة محبوبة الملايين شادية وبين حلا شيحة ، بل وليس من العدل أن نقارن بين مواقف وأفعال إنسان وإنسان أخر بسبب اختلاف الظروف والطباع والنفس البشرية ، ولكن بمجرد أن كتبت الفنانة حلا شيحة رسالتها التى تتبرأ فيها من كليبها ومشاهدها مع الفنان تامر حسنى فى فيلمه ” مش أنا” و استفزت هذه التصريحات الكثيرين فانهالت عليها الانتقادات والهجوم سواء من الجمهور العادى أو من الفنانين وثارت حالة من الضجة والجدل حول هذه التصريحات ، تبادر إلى ذهنى صورة الفنانة الكبيرة شادية ومواقفها منذ اعتزالها فى هدوء وابتعادها عن الأضواء حتى رحيلها، وتمنيت لو كانت تعلمت حلا شيحة شيئاً من العظيمة شادية التى حازت احترام وحب الجمهور وكل زملائها الفنانين سواء أثناء عملها بالفن أو بعد اعتزالها وابتعادها عنه.
فعلى مدار 18 عاما هى عمر حلا شيحة الفنى لم تتوقف عن إثارة الجدل ما بين ارتداء الحجاب والنقاب وخلعهما، وما بين التمثيل بالحجاب والاعتزال وارتداء النقاب والسفر والإقامة مع زوجها وأبنائها خارج مصر ، ثم العودة لمصر وللفن منذ عامين وإجرائها جراحة تجميل ومشاركتها فى عدد من الأعمال الفنية وحضورها عدد من المهرجانات قبل أن تعلن زواجها من الداعية معز مسعود، وبعد هذا الزواج ابتعدت حلا شيحة من جديد عن الأضواء، حتى أطلقت تصريحاتها الأخيرة التي تتبرأ فيها من الفن مرة أخرى.
جاءت تصريحات حلا شيحة المثيرة للجدل وأدت لغضب زملائها الفنانين بعدما نشر تامر حسنى أغنية “بحبك”، للدعاية لفيلمه الجديد “مش أنا” وبها بعض المشاهد التى تشاركه فيها حلا شيحة، التى خرجت لتؤكد أنها حصلت على وعد من تامر حسنى بعدم عرض هذه المشاهد منتقدة طرحها فى هذه الأيام المباركة، ومؤكدة أنها بكت عندما رأت هذه المشاهد.
وتابعت حلا شيحة فى رسالتها قائلة :«إحنا يمكن نجحنا بمقايس الدنيا بس صدقوني بمقایس ربنا احنا لم ولن ننجح انا عارفة ومتأكدة إن زملائي جواهم خير بس للاسف فتنة الشهرة والنجاح مش بتخلينا نشوف ونقيس الأمور صح بتكلم من قلبي الكليب ده ميرضيش ربنا”
وأضافت :«أنا عيطت لأني شفت نفسي في المشاهد دي.. دي كانت زلة نتيجة ظروف مريت بيها وكلنا بنغلط ولازم نغلط علشان احنا بشر بس المصيبة اننا بنغفل وبننسی».
واستكملت كلامها: «انا مش حتكسف من حد أنا تبت من المشاهد دي وهي لا تصح وانا غلطت وبصلح واهم حاجة ان ربنا يرضى عني لأن في الأخر ده اللي حينفعنا مش الشهرة ولا النجاح لا هو مش نجاح أصلا علشان النجاح الحقيقي حاجة تانية خالص احنا أغلبنا ناسينها إلا القليلين منا الفن لو بيخلينا نبعد عن منهج ربنا ومنبقاش قدوة لولادنا يبقي باطل وميبقاش فن».
وواصلت حلا شيحة كلماتها: «احنا كلنا عندنا امتحان في الدنيا دي وحابة افكرك بالفيديو ده یا تامر اللي قولت فيه انا مش بتمني أموت وأنا مطرب انا دايما خايف کده.. كلام أكيد قولته في لحظة صدق جواك وجوانا كلنا يمكن يفكرك أن جواك اكيد في صراع وانا وكلنا كلنا بنغلط بس المهم في الاخر نتدارك الغلط ونصلح”
واختتمت :”إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما”.. الله على كلام الله وجماله يا سلام لو أصواتنا ومواهبنا كلها نستعملها في الخير عشان يبقى فن بجد».
وبعيداً عن الدفاع أو الهجوم على موقف حلا شيحة ورسالتها ، فهى حرة فى اختياراتها سواء بالابتعاد عن الفن أو العودة إليه ، وسواء ارتدت الحجاب أو النقاب أو تخلت عنهما، فالعلاقة بين الإنسان وربه علاقة خاصة جداً له مطلق الحرية فيها ، ولا يجب أن يفرض أحد موقفه على غيره أوأن يجعل من نفسه واعظاً ويعتبر أن الشكل الذى يحدده فى علاقته بربه هو الشكل والطريق المثالى الذى يريد غيره أن يختاره.
لحلا شيحة كامل الحرية فيما تختاره، ولكن ليس عليها أن تتهم أحداً أو أن تفرض موقفها على زملائها، طالما لم يجبرها أحد على أى موقف أو قرار، فهى قررت الاعتزال والعودة للفن ثم الابتعاد من جديد بكامل إرادتها، ومثلت مشاهدها فى الأعمال الفنية أيضاً بكامل إرادتها.
ورغم أننى على المستوى الشخصى أتعاطف مع الحالة النفسية التى قد تكون مرت أو تمر بها حلا شيحة والتى تجعلها تبدو متذبذبة فى قراراتها وتصريحاتها وتضعها دائماً فى مرمى الهجوم والجدل ، لكننى أرى من المناسب أن تتعلم حلا شيحة من العظيمة شادية، التى قررت بمحض إرادتها واختيارها الابتعاد عن الفن فى أوج شهرتها ونجاحها، ولم تفرض مواقفها على أحد ولم تنصب نفسها واعظاً لغيرها، ابتعدت شادية فى هدوء ولم تثر أى ضجة أو جدل، فاحترم الناس قرارها وازداد حبها فى القلوب.
لم تشغل شادية نفسها بغيرها ولم تدعى أنها الأفضل أو أن اختيارها هوالأصوب ، لم تتبرأ من أعمالها ، وكانت تؤكد دائماً أن لكل مرحلة فى حياة الإنسان طبيعتها وعطائها، لم تحرم الفن ولم تهاجم زملائها، بل بالعكس ظلت تتواصل مع عدد منهم وتحافظ على علاقتها بهم لفترة طويلة، لم تدعى أنها تمتلك الحكمة أو أنها الأكثر إيماناً وقرباً لله من غيرها، اختارت طريقها واحترمت اختيارات غيرها، فظلت محبتها فى القلوب دائمة رغم ابتعادها عن الفن والأضواء لما يقرب من 35 عاما قبل رحيلها.
أعطت شادية رغم ابتعادها نموذجاً للعلاقة مع الله ومع الناس دون ادعاء أو ضجيج، ودون أن تثير الجدل والغضب، ولذلك استطاعت أن تجمع بين محبة الخلق والخالق، فهل لك عزيزتى حلا شيحة أن تتعلمى من بعض دروس العظيمة شادية؟
بقلم زينب عبداللاه