مع اقتراب عيد الأضحى يسعى الفلاحون إلى تسويق الماشية والماعز والخراف الحية، في موسم هو الأهم خلال العام، خاصة أن الأسعار تشهد ارتفاعاً ملحوظاً نتيجة زيادة الطلب على الأضاحى، واتجاه المواطنين إلى استهلاك اللحوم الحمراء عن أي مصدر آخر للبروتين الحيوانى، إلا أن هذا العام الوضع مختلفاً، خاصة في محافظة بنى سويف، نتيجة انتشار مرض الجلد العقدى، الذى يفتك بالأبقار ويقضى عليها في أيام معدودات دون رحمة أو سابق إنذار، فلا تفيد معه التحصينات، ولا تنفع الإجراءات التقليدية التي يستخدمها الأطباء البيطريين، أو حتى الوسائل الريفية التي يستخدمها المزارعون في مواجهة المرض.
انتشار مرض الجلد العقدى في محافظة بنى سويف جعل الحركة في الأسواق محدودة جداً وخفًض الأسعار لأكثر من 20%، وأثر بصورة مباشرة على حركة العرض والطلب، فقد هجر المواطنون اللحوم الحمراء خوفاً من المرض المعدى، الذى يظهر في شكل انتفاخات في جلد الأبقار ممتلئة بالصديد، سرعان ما تنفجر وتخرج منها الديدان، لدرجة أن بعض الحيوانات تتحلل قبل أن تموت، الأمر الذى يجعل الجميع لا يقتربون من اللحوم، بل إن من يعتزم الشراء يغير رأيه نتيجة ما يسمعه ويراه عن المرض، لذلك يجب البحث عن حلول عاجلة لمواجهة انتشار الجلد العقدى في الأبقار.
عاصرت تجربة مع انتشار الجلد العقدى في قريتى قبل نحو 15 عاماً، كانت الأشد والأعنف على الفلاحين والمزارعين، فلم يبخل المرض بالزيارة لكل منازل القرية، وصار الناس يندبون حظهم على ما فقدوا، فالبقرة أو الجاموسة في الريف المصرى لها مكانه خاصة، ويعتبرها الفلاح كأحد أبنائه، بل إن بعضهم يتلقى المواساة والتعازى من الناس حال فقدها، لذلك كانت التجربة مريرة، والأبقار النافقة في كل مكان على جسور الترع والمصارف، بعدما فشلت كل الحيل، واحتار البيطريون في تقديم العلاج أو السيطرة على المرض.
وزارة الزراعة بدأت منذ فترة قصيرة حملة تطعيمات وتحصينات لأمراض الجلد العقدى وحمى الوادى المتصدع وغيرها من الأمراض التي تصيب الماشية، إلا أن التوقيت الذى تتم فيه الحملة يضع علامات استفهام، ويواجه انتقادات من جانب البيطريين المتخصصين، فالوقت ليس مناسباً، فما قيمة أن يتم تحصين بقرة أو جاموسة سيتم ذبحها كأضحية خلال أيام، فقد كان من الضروري أن تكون الحملة مبكراً ربما من شهرين أو ثلاثة، أو كان يجب انتظار موسم عيد الأضحى، حتى يتم تلقيح الماشية التي لم يقع عليها الدور كأضاحي، لذلك يجب أن تقدم وزارة الزراعة إجابات واضحة على هذه الأسئلة، وتضع حلولا عاجلة لمواجهة انتشار مرض الجلد العقدى في بنى سويف، والمحافظات المجاورة، وتحديد فرص انتشار هذا الوباء دون تهوين أو تهويل، حفاظاً على الثروة الحيوانية، ودعماً للفلاح الذى تخطط الدولة لتهيئة الحياة الكريمة المناسبة له خلال الفترة المقبلة، وتسعى لإمداده بشتى الخدمات.
بقلم محمد أحمد طنطاوي