نشر موقع صحيفة “الإندبندنت” البريطانية مقالا للصحفي باتريك كوكبيرن، سلط فيه الضوء على أوجه تشابه بين سقوط بنيامين نتنياهو من رئاسة حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وسقوط دونالد ترامب من رئاسة الولايات المتحدة.
ويربط الكاتب في مطلع مقاله بين صعودهما، قائلا: “فاز كلاهما بالسلطة حين قام قادة قوميون شعبويون باستغلال استقطاب داخلي. فقد ضخّم نتنياهو التهديد من الفلسطينيين في عيون الناخبين الإسرائيليين، فيما شيطن ترامب السود والمهاجرين”.
ويضيف أن “قصص سقوطهما فيها نقاط مشتركة. فقد خسر كل منهما منصبه بأضيق الهوامش. ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ونتنياهو بصوت واحد في الكنيست يوم الأحد. وقد يتضرر فصيل كل منهما، لكنهما يحتفظان بمكانة بارزة في أقصى اليمين، ومعها فرصة لاستعادة السلطة”.
ويفصل الكاتب في شرح الربط بين سقوط الرجلين: “قال نتنياهو للكنيست عندما أطيح به بعد 12 عاما من توليه رئاسة الوزراء: سأقودكم في معركة يومية ضد هذه الحكومة اليسارية السيئة والخطيرة وأسقطها. واستخدم ترامب النوع نفسه من الخطاب العدائي منذ خسارته في الانتخابات الرئاسية، وأشهرها يوم اقتحام مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/ يناير”.
ويلفت الكاتب إلى أن نتنياهو “قد يعتقد أن الائتلاف المكون من ثمانية أحزاب وحل محله للتو هش للغاية، أي لا يمكنه البقاء، ويمتد كما هو الحال من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. كيف ستبقى على متنه مختلف أوساطه وهي تواجه تحديات فورية، مثل التعامل مع مسيرة الأعلام في القدس يوم الثلاثاء، عندما تنظم الجماعات اليمينية الإسرائيلية فعالية في المناطق الفلسطينية في بلدة القدس القديمة؟”.
ويرى الكاتب أنه “لا ينبغي شطب الائتلاف المناهض لنتنياهو تلقائيا، لأن قادته سيكونون حريصين على الاحتفاظ بوظائفهم الوزارية الجديدة وعدم العودة إلى المعارضة الدائمة. وقد قال العديد من المعلقين إن حرب غزة التي استمرت 11 يوما في أيار/ مايو ستقلب المفاوضات المعقدة لتشكيل حكومة جديدة، لكنها استؤنفت بنجاح بمجرد توقف القصف”.
وينتقل الكاتب إلى الجانب الفلسطيني، فيقول إن الفلسطينيين يستخفون بإمكانية التغيير مع تولي نفتالي بينيت رئاسة الوزراء، ويضيف: “من السهل فهم وجهة النظر هذه، لكنها تتجاهل التغييرات المهمة في المشهد السياسي التي تتجاوز رحيل نتنياهو من رئاسة الوزراء”.
ويوضح كوكبيرن بأن “القضية ليست فقط البقاء السياسي الشخصي لنتنياهو، ولكن مصير نتنياهو كصيغة سياسية تنتج مزايا كبيرة لإسرائيل، كما فعلت في الماضي”.
ويعتبر الكاتب أن التغيير الأكثر أهمية في هذا الصدد هو أن “جو بايدن حل محل ترامب، الذي أعطى نتنياهو كرئيس كل ما يريد، بما في ذلك إنهاء الاتفاق النووي مع إيران ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس. سيكون بايدن، على الرغم من كل دعمه الصريح لإسرائيل، سعيدا جدا برؤية نهاية عهد نتنياهو، وسيحاول سرا التأكد من أنها دائمة”.
وتابع: “على القدر عينه من الأهمية، هناك إشارات على أن الدعم التلقائي الذي قدمته الولايات المتحدة (والحزب الديمقراطي) لإسرائيل لم يعد من المسلمات، كما كان من قبل. هناك ثمن سياسي تدفعه إسرائيل مقابل احتضان نتنياهو لترامب، الذي يرى العديد من الأمريكيين أنه مثال للشر السياسي”.
وفي ما يخص التطبيع بين الاحتلال الإسرائيلي وأربع دول عربية، فإنه “لا يعني الكثير”، وفق تعبير الكاتب فـ”بدلا من ذلك، تندلع المواجهة الإسرائيلية الفلسطينية على جبهات متعددة، القدس الشرقية والضفة الغربية وإسرائيل وغزة”.
وبحسب الكاتب، فإن “الفلسطينيين مقيدون بقيادة فقيرة واستبدادية، لكن أطروحة نتنياهو المركزية التي سعى لإثباتها منذ أن أصبح رئيسا للوزراء لأول مرة في عام 1996، أن الفلسطينيين شعب مهزوم، ولا داعي للتوصل إلى تسوية معهم، تبين أنها زائفة”.
ويخلص كوكبيرن إلى أنه “كما الحال مع ترامب في الولايات المتحدة، فإن نتنياهو يحتل الآن مكانة غريبة في السياسة الإسرائيلية. إنه يسيطر على اليمين، لكنه يقسمه أيضا”.