قالت مصادر دبلوماسية وحكومية مصرية أنَّ الرئيس عبدالفتاح السيسي تلقى تقريراً فنياً من فريق وزارة الري، المسؤول عن متابعة مستجدات قضية سد النهضة، يستبعد بشكل حاسم أن يتسبب الملء الثاني للسد، المقرر هذا الصيف، في أي ضرر لمصر، سواء اكتمل بكميته المرجوة من الجانب الإثيوبي، أو تعثر نتيجة المشاكل الفنية القائمة حالياً في عملية تعلية الجزء الأوسط من السد.
وأضافت المصادر أن السيسي، ومدير المخابرات العامة عباس كامل، طلبا من الفريق الفني، برئاسة وزير الري محمد عبد العاطي، ترجمة عملية لعبارة “الضرر غير المحتمل”، التي أصبحت بالفعل هي “الخط الأحمر” الجديد للقاهرة في القضية، بحيث يتم تحديد جدول رقمي بالواردات المائية المتوقعة من النيل لمصر، خلال العامين الحالي والمقبل بفتراتهما المختلفة، وحساب حجم الضرر الذي يمكن استيعابه وتعويضه بالأدوات الفنية المتاحة، مثل مشاريع تبطين الترع، وتحلية المياه، والسياسات والقرارات القائمة بشأن تقليص مساحات المزروعات الشرهة للمياه.
كشفت المصادر أن الفريق الفني أكد أن مصر یمکنها بسهولة تعویض النقص، حتى خمسة مليارات متر مكعب في حصتها الواردة إلى بحيرة ناصر، لكن نقص أي كمية أكبر من ذلك سيؤدي إلى مشاكل لا تُحمَد عقباها، خاصة في فترات الجفاف الممتد. كما استبعد الفريق الفني أن يبلغ النقص 500 مليون متر مكعب، خلال العامين الحالي والمقبل، بسبب التوقعات الممتازة لفيضان النيل والأمطار الغزيرة المتوقع هطولها خلال هذه الفترة على هضبة الحبشة، والتي ستنعكس زيادةً متوقعة “كبيرة”، وربما أكبر من العام الماضي، في كمية المياه التي ستخزن في بحيرة ناصر، وكذلك في مفيض توشكى جنوب غربي نيل مصر.
وعن كيفية تصرف السلطة في هذه البيانات، وما ستفضي إليه المتابعة الدائمة والدقيقة من قبل الفريق الفني لتطورات الإنشاءات الإثيوبية المتباطئة، قالت المصادر إن جميع الاتصالات المصرية حالياً تركز على استكشاف إمكانية عقد جلسة تفاوض جدیدة خلال فترة الملء أو قبلها، في الشهر الحالي أو المقبل، تحت رعاية أممية أو أفريقية، وبالتالي التأكيد على تبديد مخاوف، واشنطن تحديداً، والعواصم الغربية الرئيسية، وبكين، بعدم تفکیر القاهرة في اللجوء لحل عسکري للأزمة في المرحلة الحالية، طالما أن الأمر لم يصل إلى مرحلة “الضرر غير المحتمل”. وأوضحت أن هذه الرسائل في الفترة القادمة ستكون مصحوبة ببيانات فنية، كي تتمكن جميع الأطراف المهتمة، ومن بينها الأمانة العامة للأمم المتحدة، ورئاسة مجلس الأمن، من أن تكون على دراية بالموقف من جوانبه كافة.
وأضافت المصادر أن الجدل حول حدة الضرر المحتمل وغير المحتمل شغل حيزاً من نقاشات وزيري الخارجية والري المصريين في السودان، الأربعاء الماضي، مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان، وكذلك نظيريهما السودانيين، حيث تم الاطلاع على البيانات ذات الصلة المسجلة في سد الروصيرص حتى الآن، وأجريت مقارنات بين التقارير الفنية المصرية والسودانية بشأن توقعات الفيضان هذا العام، وحجم الضرر الوارد حدوثه في سيناريوهات الملء الثاني المختلفة.
وشددت المصادر على أن المناسيب التي سجلت حتى أمس الأول، في جميع السدود السودانیة والمصرية آمنة للغاية، ولا تعبّر عن بدء الملء فعلياً. وأوضحت أنه على الرغم من توافر المتطلبات المائية لبدء الملء مع تصريف كميات كافية إلى بحيرة سد الروصيرص، فإن المشاكل الفنية في السد، التي تتعلق بالتعلية الوسطى تحديداً، “ربما لا تمكن الإثيوبيين من الملء المبكر، أو قد تسمح بذلك، مع عدم وصول الملء إلى المعدلات المرجوة سريعاً”.