موقع مصرنا الإخباري:
فرضت العملية البطولية للقوات البحرية المصرية، بتفجير سفينتى «بيت شيفع»، و«بيت يم»، بميناء إيلات الإسرائيلى، يوم 6 فبراير 1970، نفسها على وسائل الإعلام المحلية والعالمية فور وقوعها وبعد أن كشفتها وسائل الإعلام المصرية والإسرائيلية.
فى يوم 7 فبراير، مثل هذا اليوم، 1970 كان الحدث هو المانشيت الرئيسى للصحف المصرية، وفى جريدة «الأهرام» كان عنوانها: «إغراق وحدتين بحريتين للعدو فى إيلات فى يوم حافل بالعمليات الحربية».. وأضافت: «الضفادع البشرية المصرية نسفت قطعتين من الأسطول الإسرائيلى فى إيلات.. السفينتان كانتا محملتين بالدبابات والجنود استعدادًا لمغامرة فى خليج العقبة»، ووكالات الأنباء تقول: «هذا أقوى هجوم ضد إيلات».
كانت العملية واحدة من سلسلة عمليات بطولية للبحرية المصرية، بقيادة اللواء بحرى محمود فهمى، ضد إسرائيل، وكان لميناء «إيلات» نصيب وافر فيها.. يذكر الكاتب الصحفى عبده مباشر، فى كتابه «البحرية المصرية من محمد على إلى السادات»، أنه فى ليلة، 15 و16 نوفمبر 1969، نسفت الضفادع البشرية المصرية قطعتين بحريتين، الأولى حمولتها 14 ألف طن، والثانية حمولتها 180 طنًا، وفى ليلتى 23، 24 يناير 1970، زرعت الضفادع البشرية ألغامًا فى أرصفة ميناء إيلات، وأسفرت عن مقتل 20 عسكريًا إسرائيليًا، وإصابة 40 آخرين، ويذكر «مباشر» أن قوات العاصفة «الجناح العسكرى لمنظمة فتح الفلسطينية» أعلنت مسؤوليتها عنها، ولم تذع القيادة البحرية المصرية بيانًا عنها لأسباب قدرتها، أهمها أمن الأبطال الذين نفذوها، وفى منتصف إبريل 1970 كانت هناك عملية ثالثة.
فى «الأهرام، 7 فبراير 1970» كان «البيان العسكرى يزيح الستار عن بعض أسرار عملية اليوم السابق، واعتبرها الثانية اتساقًا مع عدم إعلان البحرية المصرية مسؤوليتها عن عملية 24 يناير 1970»..وقال البيان: «قامت قواتنا الخاصة البحرية المنقولة جوًا للمرة الثانية، بمهاجمة قطع الأسطول البحرى الإسرائيلى فى ميناء إيلات على خليج العقبة، ففى خلال الليلة السابقة تم نقل مجموعة من الضفادع البشرية المحمولة جوًا إلى المنطقة الغربية من ميناء إيلات فى سيناء، حيث نزلت على المياه، واقتربت من أهدافها فى مداخل الميناء العسكرى الإسرائيلى، ووضعت عبوات كبيرة من المتفجرات على جسم كل من ناقلة الدبابات الثقيلة «بيت شيفع»، وعلى سفينة النقل العسكرى «بيت يم»، وهى تستخدم فى نقل الجنود والمعدات، وانفجرت العبوات، وأحدثت دويًا هائلًا، واشتعلت النيران فى كل من القطعتين البحريتين وغرقتا بمن فيهما من معدات وأفراد كانتا تحتويانهم استعدادًا لعملية عسكرية كان يدبر لها العدو، وكانت المخابرات المصرية قد رصدتها، وكانت تعلم أولًا بأول بمدى التجهيز لهذه العملية، وقد شاهد أفراد القوة المصرية غرق القطعتين المذكورتين فى دقائق معدودة، وعاد جميع أفراد القوة المصرية إلى قاعدتهم سالمين».
بطبيعة الحال لم يكشف البيان أسماء أبطال العملية، كذلك لم يتم كشفهم فى لقاء «الأهرام» معهم، يوم 8 فبراير 1970، أى بعد العملية بيومين.. واكتفى اللقاء بتعريف كل بطل بوصف «الضفدع البشرى»، ووصف قائد المجموعة الأولى التى استهدفت «بيت شيفع» قائلًا: «شاب أمضى كل حياته العملية منذ تخرج فى الكلية البحرية فى لواء الضفادع البشرية.. أسمر البشرة، لامع العينين، باسم الوجه، رغم مظاهر التعب البادية عليه».
فيما بعد سنعرف أن هذا البطل هو الملازم أول بحرى عمر البتانونى، ومعه العريف بحرى على أبوريشة، أما المجموعة الثانية التى استهدفت «بيت يم» فتكونت من الملازم أول بحرى رامى عبدالعزيز، والرقيب فتحى محمد أحمد.
ويتذكر «البتانونى»، فى حواره مع «المصرى اليوم، 25 إبريل 2014»، أنهم بعد الانفجارين الأول والثانى، وصلوا فى حالة إعياء شديدة، إلى مبنى مهجور، كان معتمًا، ماعدا غرفة واحدة، وكانت أم كلثوم تغنى، فإذا بشخص يفتح الباب بسرعة ثم يغلقه ثم فتحه، وسألنا: «من أنتم؟»، وكان هناك شخص آخر بالداخل ممدًا على السرير، ويضع يده داخل درج الكوميدينو، وكأنه يمسك بسلاح فى وضع الاستعداد، فقلت له: «إحنا مصريين وضفادع بشرية وهاتوا لنا السلطات يستلمونا».
ويضيف: «وصلت سيارات من الاستخبارات الأردنية، واصطحبونا بلبس الغطس فى سيارة جيب إلى عمان، وأدخلونا قلعة.. كانت معاملتهم سيئة وصارمة، وأغلقوا الباب علينا، وأحضروا لنا بلاطى، كانت القلعة محاطة بالثلج، وكنت أشعر بقلق من أى مفاجأة، وأنقذنا الرائد مصطفى الطاهر، وكان هو قائد العملية فى البر الذى أبلغ إبراهيم الدخاخنى، ضابط المخابرات المصرية فى السفارة المصرية، باحتجازنا لدى المخابرات الأردنية، فاتصل بها لكنها أنكرت وجودنا، واتصل الدخاخنى والطاهر بالقاهرة فتغيرت المعاملة، وبعدها بساعات قليلة عدنا إلى مصر».
ينقل «مباشر» عن اللواء محمود فهمى:«أطلقنا على هذه العملية اسم «عملية الشهيد البرقوقى»، تخليدًا للرقيب فوزى البرقوقى، شهيد العملية الأولى «16 نوفمبر 1969».. ويضيف: «أمر الرئيس جمال عبدالناصر بمكافآت سخية لأبطال العملية، ووافق على النياشين التى طلبتها لكل فرد».