وهم الديمقراطية: أمريكا وفرنسا نموذجان بقلم أحمد  آدم

موقع مصرنا الإخباري:

وهم الديمقراطية: أمريكا وفرنسا نموذجان

 

تتعرض الديمقراطية في العديد من الدول للنقد بسبب عدم تمثيلها الحقيقي للناخبين، وحتى في الدول التي تعتبر نماذج ديمقراطية راسخة مثل الولايات المتحدة وفرنسا، تظهر تحديات تعكس تعقيد النظام الديمقراطي.

 

في الولايات المتحدة، يواجه النظام الانتخابي انتقادات عديدة. يجد الناخب نفسه مضطرًا للاختيار بين الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري، مما يحد من خياراته. من جهة، هناك مرشح يحاول على مدار شهور إثبات قدرته على التركيز وعدم إصابته بألزهايمر، ومن جهة أخرى، مرشح معروف بغرابة أطواره وتصريحاته المثيرة للجدل.

 

أصوات الملايين المعارضين للحروب والتدخلات العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة في دول الشرق والجنوب لا تجد صدى في النظام الديمقراطي الأمريكي. كما تُهمل الأصوات التي تدعو إلى معاقبة الاحتلال الإسرائيلي أو تجميد العلاقات معه حتى يتوقف عن جرائمه. يبدو أن الفارق بين الدول التي تمنع التظاهر وتفرض قيودًا على التجمعات المعارضة وتلك التي تتيح حرية التعبير للجميع ليس كبيرًا، حيث في الحالتين ينفذ الرئيس أو النخبة الحاكمة ما يريدونه.

 

رغم مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى ومثال ديمقراطي، فإن أحداثًا مثل عدم اعتراف الرئيس ترامب بنتائج الانتخابات، والشكوك حول تلاعب بالتصويت، دقت ناقوس الخطر، حتى وصلت التحذيرات إلى حد الحديث عن احتمال اندلاع حرب أهلية. المشهد الديمقراطي المريب اكتمل بمحاولة اغتيال ترامب، مما أعاد إلى الأذهان ما كان يقوله عن “النظام الفاسد” الذي يعمل على إقصائه.

 

في فرنسا، وبعد الجولة الثانية للانتخابات التشريعية، حصل التكتل اليساري “الجبهة الشعبية” على العدد الأكبر من الأصوات، لكن الغموض لا يزال يلف المشهد السياسي. لم يعلم أحد كيف ستتكون الحكومة أو من سيكون رئيس الوزراء. فرحة الانتصار على “التجمع الوطني” اليميني المتشدد كانت كبيرة، إلا أن النظام الانتخابي الفرنسي يتطلب أغلبية مريحة لتكوين الحكومة، مما جعل تحقيق “الجبهة الشعبية” للنصر غير ذي جدوى في ظل غياب هذه الأغلبية.

 

هذا التلاعب برغبة الجماهير أصاب العديد من المؤسسات الشعبية بخيبة أمل، حيث طالبت الكونفدرالية العامة للشغل بمنح الجبهة الشعبية الحق في تشكيل الحكومة. النظام الفرنسي يعرقل وصول اليمين المتشدد واليسار المتطرف، مما يعكس تعقيد المشهد الديمقراطي في البلاد.

السؤال الذي يطرحه الشارع الفرنسي اليوم: هل كانت الأصوات التي حصلت عليها “الجبهة الشعبية” تعبر عن اقتناع حقيقي ببرنامجها الانتخابي أم أنها كانت فقط لمنع فوز “التجمع الوطني” اليميني؟ هذا السؤال يثير الشكوك حول مدى تعبير الانتخابات عن رغبات الجماهير.

في النهاية، يظهر أن الديمقراطيات الراسخة تعاني هي الأخرى من تحديات في تمثيل رغبات الناخبين. سواء في الولايات المتحدة أو فرنسا، تعكس الأحداث السياسية تعقيدات النظام الديمقراطي وصعوبة تحقيق العدالة السياسية المطلقة. هذه الأمثلة تجعل من الضروري إعادة النظر في الأنظمة الانتخابية وضمان أنها تعبر عن إرادة الشعب بشكل حقيقي.

أحمد  آدم

 

.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى