أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بحصول تقدم في المفاوضات الجارية بالعاصمة القطرية الدوحة، بشأن وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، بعد نحو 11 شهرا من العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وتؤكد القيادات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن الظروف مناسبة لإبرام صفقة تعيد الأسرى، وبأنها تنتظر قرار القيادة السياسية بهذا الخصوص.
وحسب موقع “واللا” الإسرائيلي، فإن تل أبيب سلّمت الوسطاء قائمة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الذين تريد تضمينهم وإعادتهم في إطار المرحلة الأولى من الصفقة، كما أن حركة حماس وحسب الموقع نفسه قد سلّمت من جانبها قائمة بأسماء الأسرى الذين تريد تضمينهم في هذه المرحلة من الصفقة.
ونقل الموقع عن مصادر إسرائيلية وأميركية “أن الموضوع الأساسي الذي عملت عليه الفرق المتفاوضة يتعلق بآلية تبادل الأسرى والمدة الزمنية للعملية، وأن الإدارة الأميركية معنية بعرض ملخص لتفاصيل تنفيذ الصفقة، من أجل إقناع يحيي السنوار (رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية – حماس) وبنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بتقديم تنازلات في القضايا الأساسية التي ما زالت موضع خلاف بين الطرفين”.
محور فيلادلفيا والمأزق الإستراتيجي
ولم تقدم التقارير المسربة عن المفاوضات معطيات جديدة بشأن محور فيلادلفيا، في ظل إصرار نتنياهو على بقاء القوات الإسرائيلية فيه، علما أنه كان موضع خلاف شديد في الاجتماع الأخير للطاقم الوزاري الأمني المصغر “الكابينيت”، حيث اصطدم نتنياهو بوزير دفاعه يوآف غلانت الذي يدعم موقف القيادات الأمنية والعسكرية بالانسحاب الكامل منه خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة.
ورغم معارضة وزير الدفاع غلانت وقادة الأجهزة الأمنية والجيش، فقد صدق الكابينيت على خطة نتنياهو بإبقاء السيطرة العسكرية على محور فيلادلفيا.
وقد شهدت جلسة الطاقم المصغر صراخا متبادلا بين نتنياهو وغلانت، حيث قال متابعون إن ما جرى كان بمثابة “كمين نصبه نتنياهو لغلانت والقيادتين العسكرية والأمنية بما يتعلق بمحور فيلادلفيا”.
وقد صدّق الكابينيت على خطة نتنياهو بأصوات 8 أعضاء من المجلس من ضمنهم نتنياهو نفسه، ومعارضة غلانت فقط، وامتناع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
ونقلت صحيفة هآرتس عن وزراء في الكابينيت قولهم إن إبقاء سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا من شأنها أن تسهم في احتمالية التوصل الى صفقة تبادل.
ونقلت القناة الـ12 عن غلانت قوله ساخرا خلال الجدال وتبادل الصراخ مع نتنياهو حول محور فيلادلفيا “إن نتنياهو يستطيع أن يتخذ كافة القرارات، ويمكنه أيضا أن يقرر قتل كل المختطفين”.
وبدورها، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن اجتماع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) بشأن محور فيلادلفيا شهد مواجهة كلامية وصراخا بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
وأوضحت الصحيفة أن غالانت قدم في الاجتماع الأمني الوزاري لمحة عامة عن “المفترق الإستراتيجي” الذي تواجهه إسرائيل.
وعندما عرض نتنياهو خرائط محور فيلادلفيا هاجمه غالانت واتهمه بفرضها على الجيش.
ثم رد نتنياهو على غالانت قائلا إنه سيحمل الخرائط بشأن فيلادلفيا إلى مجلس الوزراء للموافقة عليها.
ونقلت يديعوت أحرونوت عن نتنياهو قوله إن واشنطن والقاهرة وافقتا على خرائطه، ليرد غالانت أن النقاش ليس معهما بل مع السنوار.
وذكرت الصحيفة أن وزيرين كبيرين، لم تسمهما، وصفا المواجهة بين نتنياهو وغالانت بأنها “أخطر اشتباك” بين الطرفين حتى الآن.
وكانت القناة الـ12 وهيئة البث الرسمي قد نقلتا عن مصادر قيادية في المنظومة الأمنية والعسكرية قولها إنه يجب استعادة جميع المحتجزين، وإن محور فيلادلفيا ليس هو العقبة الكأداء وليس مقدسا، ولن يكون للانسحاب منه لمدة 6 أسابيع (المرحلة الأولى من الصفقة) تداعيات أمنية وعسكرية”.
وحسب ما نقلته الهيئة عن تلك المصادر، فإنه “من المتوقع أن تفقد إسرائيل الدعم الدولي، وأن تتأثر عمليات مدها بالأسلحة والذخائر في حال تقرر إبقاء القوات الإسرائيلية في غزة”.
ويقع محور فيلادلفيا على الأراضي الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، على طول الحدود المصرية مع القطاع، ويمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، حيث نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة ودولة الاحتلال.
ويشكّل المحور شريطا عازلا بين مصر والقطاع، ويبلغ طوله نحو 14 كيلومترا، وعرضه بضع مئات من الأمتار، وقد أنشئ عليه معبر رفح البري، الذي يمثل المنفذ الرئيسي للغزيين على العالم الخارجي.
وتُصرّ إسرائيل وعلى رأسها نتنياهو على استمرار سيطرتها العسكرية على محوري فيلادلفيا ونتساريم، في حين تتمسك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بانسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من قطاع غزة، ضمن أي اتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى.
وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على غزة، أسفرت عن أكثر من 134 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
خطة نتنياهو لليوم التالي بغزة
من ناحية أخرى، توضح المؤشرات أن خطة نتنياهو لليوم التالي للحرب على غزة تقوم على احتلاله بالكامل بعد تعيين ضابط برتبة عميد ليكون منسقا “حاكما عسكريا له”.
ويمهّد ذلك لتنفيذ خطة نتنياهو التي كشفها محرر الشؤون السياسية الحزبية المقرب منه عميت سيغال في القناة الـ12، والذي قال في تغريدة له “إنه يريد احتلال القطاع والبقاء فيه لجيل كامل على أقل تقدير”.
وأفاد الجنرال المتقاعد إيفي إيتام، وهو من أبرز القادة اليمينيين في الجيش الإسرائيلي، بأن “إسرائيل ستضطر للسيطرة على محوري فيلادلفيا ونتساريم، والبقاء في كل قطاع غزة لخمس سنوات على أقل تقدير، من أجل نزع سلاح حماس بالكامل”.
وحسب إيتام فإن ذلك “سيخلق مستقبلا ويهيئ أرضية تمكّن إسرائيل من إيجاد هيئة محلية تتولى إدارة الشؤون المدنية في قطاع غزة”.
وذكرت تقارير صحفية إسرائيلية أن الجيش استحدث منصبا جديدا تحت اسم “رئيس الجهود الإنسانية المدنية في قطاع غزة”، ليتولى إدارة الجوانب الإنسانية وتنسيق الشؤون المدنية، في خطوة تهدف لتثبيت احتلال القطاع لفترة طويلة.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن العميد إلعاد غورين هو من سيتولى هذا المنصب الجديد، مضيفة أن هذا المنصب يوازي منصب رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلي في الضفة الغربية.
المصدر : الجزيرة + الصحافة الإسرائيلية