موقع مصرنا الإخباري:
قدم الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، التهنئة للدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، على التقدم الواضح والملموس الذي حققته إدارة الجامعة خلال الـسنوات الماضية، على المستوى العالمي سواء في المراكز المتقدمة التي تحققها الجامعة بصفة عامة بين الجامعات العالمية الكبرى أو في مجال البحث العلمي، قائلًا: يشرف كل مصري أن يفخر بجامعاته العريقة، سواء في العلوم الدينية والشرعية كجامعة الأزهر، أو في العلوم النظرية والتطبيقية كجامعة القاهرة؛ وكل جامعة مصرية تحقق مركزًا متقدمًا يسعد ويفخر به كل مصري، فكل التقدير للجهود المخلصة في جامعة القاهرة.
جاء ذلك على هامش توقيع الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، بروتوكول تعاون مشترك لتدريب الأئمة والواعظات، في إطار التعاون المستمر بين الجامعة والوزارة في الإعداد الجيد والتدريب المستمر للنهوض بالأئمة والواعظات في مختلف المجالات.
وأكد الدكتور مختار جمعة، خلال كلمته، ما طرحه الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، من الحاجة إلى تدريب الأئمة والواعظات على التفكير النقدي لإعادة قراءة النص في ضوء متغيرات العصر وفي ضوء فقه الدولة، مشيرًا إلى أن الوزارة بدأت في تدريب الأئمة على إعادة التفكير في قراءة النص، معتبرًا أن كل باحث ومفكر وكاتب لم يدرس علم المنطق دراسة تفصيلية يفوته الكثير من طرق التفكير السليمة، لأن هذه العلوم هي التي تنمي العقل وتخرجنا من دائرة الحفظ إلى دائرة الفهم، ومن دائرة التلقين إلى دائرة النقد والتحليل.
واتفق الوزير، مع ما ذكره الدكتور الخشت فيما يتعلق بضرورة الخروج بمناهجنا التعليمية من دوائر الحفظ والتلقين التي سادت لعقود بل لقرون إلى دوائر الفهم والتفكير والتحليل وهذا ما يُسمى التفكير النقدي، موضحًا أن النقد لا يعني الهدم لأنه قد يكون مدحًا أو قدحًا أو استحسانًا أو استصحابًا أو استهجانًا، وبالتالي فالنقد لا يعني التجريح بل يعني التمييز.
وقال الوزير: إن اقتراح الدكتور الخشت، بتدريب الأئمة والواعظات على النقد الأدبي والتفكير النقدي، جعلنا نهتم بعقد بروتوكول تعاون مع عدد من الجامعات لاتساع الأفق والاحتكاك بثقافة جديدة والانفتاح على المجتمع، ولأن وجودهم مع زملائهم من الدراسين وطلاب الدراسات العليا والباحثين بالجامعات يساهم في أن تكون نظرته للحياة أكثر انفتاحًا.
وأضاف أن عالم الدين ما لم يكن ملمًا بثقافات العصر ومنفتحًا عليه سيضيق على الناس حياتهم، لأن الأصل عنده سيكون التحريم والانغلاق، ولذلك يوجد مشكلة كبيرة، حيث ساد في العقود الماضية سهولة قول “حرام”، ويوجد جماعات تعرفونها بالاسم يُخيل لها أنها كلما تتشدد أكثر وتُحرم أكثر يعني أنك تخاف من الله أكثر ومتدين أكثر، ولكن بالعكس تضييق الحياة على الناس يبغضهم في الدين ويبعدهم عن الدين، مؤكدًا أن الله لم يُنزل الدين لتكدير الناس والتضييق عليهم، ولذلك الجهلاء يسارعون في التحريم دون بينة، ولذلك الفقه تيسير بدليل انه لا يوجد مخلوق من أهل العلم قال إن الفقه أن تتشدد، فالفقيه هو من ييسر على الناس أمور حياتهم ويبحث عن السعة للناس، لأن الفقه سعة.
من ناحيته، رحب الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، بحضور الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، تحت قبة جامعة القاهرة العريقة قلعة العلم بتاريخها الكبير في مختلف المجالات البحثية والأكاديمية والتعليمية.
وذكر أن التعاون بين الجامعة ووزارة الأوقاف يشهد مرحلة جديدة في سبيل تدريب الأئمة والواعظات وانفتاحهم على علوم أخرى، باعتبار أن هذا أحد السبُل المهمة لتصويب الخطاب الديني وتطوير العقلية الدينية، وليس تجديد الخطاب الديني فقط ولكن تجديد الذات، وهولا يأتي إلا بالاحتكاك بين مجالات معرفية متعددة، مشيرًا إلى أن دارس التفسير وعلم أصول الفقه والحديث وغيرها من العلوم الشرعية بحاجة لأن يتفاعل ويحتك بمجالات معرفية أخرى مثل علم الاجتماع وعلم النفس وعلوم الإعلام وعلوم اللغة العربية.
وأردف أنه تم الاتفاق مع وزارة الأوقاف على أن يكون المحتوى متنوعا ومتعددا، فليس المقصود باللغة العربية النحو والإملاء أو استقامة الأسلوب فقط، ولكن أيضا يدخل في هذا المضمون دراسة مناهج التفكير والبحث العلمي في اللغة العربية، وعلوم النقد الأدبي، وأيضا فيما يتعلق بالإعلام لابد من الاطلاع على المناهج المختلفة التي يستخدمها الأساتذة في كلية الإعلام لأن التغيير المنهجي مهم جدا، ومعرفة البحث العلمي ومناهجه يؤثر على طرق التفكير.
وأورد أن الأئمة والدعاة يخاطبون مستويات ثقافية متباينة ومتنوعة تتراوح من الدرجة العامة الشعبية إلى الدرجة المتخصصة، فيجب أن يكون الأئمة والدعاة على معرفة عميقة بالمجالات العلمية الأخرى حتى يستطيعوا مخاطبة الناس و يستطيعوا أن يجددوا من أنفسهم، مشيرًا إلى أن الإمام الغزالي استعان بالعلوم المنطقية في كتابه “القسطاس المستقيم”، كما استعان بالمنطق وغيره من العلماء مثل الشاطبي والدبوسي، وبالتالي يوجد استفادة كبيرة من العلوم الأخرى أدت إلى التطور في العلوم الشرعية المختلفة.
وتابع أن طرق التفكير بالغة الأهمية، لذا لابد من تدريس مناهج العلم، حتى نتخلص من أسلوب الترديد والتكرار، معتبرًا أن دراسة مناهج العلم تشكل جسرا مهما للوصول نحو تصويب الخطاب الديني، وأننا إذا نجحنا في تجديد الخطاب الديني معا سوف نستطيع أن ننقل الوضع الثقافي العام في مصر نقلة كبيرة نحو تكوين عقليات مفتوحة تفكر من أجل الوطن والمستقبل ولا تبتغي إلا وجه الله سبحانه وتعالى.
المصدر مستقبل وطن نيوز