امتلأت صفحات السوشيال ميديا بصور وفيديوهات لسيدات يحملن السلاح وأخريات يضربن أزواجهن، كان آخرها واقعة “محل الكشرى” والطبق “المخصوص”، الذي ضرب رأس أحد الأزواج المساكين، وقبل عدة أيام كانت هناك واقعة مقتل رجل على يد زوجته في إحدى قرى محافظة القليوبية طعنا بالسكين أثناء مشاجرة بينهما، إلا أن حقيقة الأمر تشير إلى أن المرأة المصرية مظلومة وتعاني حالة كبت شديدة من الرجل الشرقي أو المصري على وجه التحديد، الذي اعتاد نفسه شهريار، ويرى كل النساء خادمات لرغباته ونزواته.
المرأة تعمل كالرجل تماماً، ومع ذلك مطالبة بالأعباء المنزلية التقليدية وخدمة كل أفراد الأسرة، تحت فكرة “دورها الطبيعي” مع العلم أنه دور الزوج أيضا وكذلك الأبناء والبنات، لتتحمل الكثير من الضغوط والأعباء وحدها، وهذا أمر يحتاج إلى قدرات خاصة، ومن يرغب في التجربة عليه أن يتحمل غياب الزوجة عن المنزل لمدة أسبوع واحد فقط، بشرط أن يصطحب معه الأبناء ويرى كيف يسير روتينهم اليومي، بداية من الاستيقاظ في الصباح، مرورا بإطعامهم ورغباتهم المتضاربة في نوعيات المأكولات والمشروبات التي يريدونها، حتى المشادات والخناقات التي تدور رحاها حول أولوية الحصول على ريموت التلفزيون أو الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر، ثم عمليات التدمير العمدية التي تتم في أثاث الشقة، بداية من “النيش المقدس” حتى الأبواب والشبابيك!!
هل يتحمل الرجل دخول المطبخ، أو تنظيف الشقة، وممارسة الأعمال المنزلية اليومية، التي نراها عارضة وبسيطة في حين أنها شاقة جداً وتحتاج إلى استعداد خاص، وقدرة نفسية وجسدية للقيام بها؟! الإجابة لا أحد.. فما زلنا نحن معشر الرجال نرى أن ما تقوم به المرأة داخل المنزل مجرد أعباء تخصها وحدها، ودورها الطبيعي، مثل الحمل والولادة والرضاعة، لذلك كل ما ظهر خلال الأيام الماضية من تعليقات ساخرة، وعبارات ضاحكة عبر السوشيال ميديا، مؤشر على حالة كبت حقيقية لدى المرأة، يجب استيعابها والعمل على تجاوزها بطريقة تحافظ على كيان وبنية المجتمع.
نحن خير من ينادى بأن المرأة نصف المجتمع، ولها مثل ما للرجل، بل وتسعى الدولة إلى تحقيق المساواة قدر المستطاع، وتحرص على أن تكون مقاعد المرأة في البرلمان والحكومة والوظائف القيادية أكثر من المعتاد، إلا أن القضية مرتبطة بالوعي والإدراك بطبيعة الأدوار، وأن المرأة لم تخلق لتؤدي وظائف معينة، ارتباطا بتكوينها الجسدي أو النفسي، وحصرها في أدوار تقليدية، لذلك إصلاح الوضع الحقيقى للمرأة يجب أن ينطلق من هذه النقطة الهامة، وأنها صاحبة القرار في تحديد دورها داخل المجتمع دون وصاية من أحد.
بالطبع لبعض النساء شوارد ومشكلات كما للرجال أيضا، إلا أنها سهلة الاستيعاب، وممكنة الحل، وباتت جزء من روتين الحياة اليومية، ولا يمكن أن نحدد دور المرأة ومكانتها في المجتمع ارتباطا بمجموعة من الأفكار التافهة التي يسوقها البعض، لذلك يجب أن تأخذ المرأة حقها بالصورة التي تستحق، وإنصافها بالطريقة التي تليق بطبيعة الدور المحورى الذي تقدمه لخدمة المجتمع.
بقلم محمد أحمد طنطاوي