تظل الزيادة السكانية خطرا داهما تهدد عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الدولة، ويخنق فرص التنمية الذاتية المستدامة، ويعوق مشروعات التطوير التي تقوم بها مصر، كما أنه السبب الأول في تكدس الفصول بالمدارس وزيادة عدد قوائم الانتظار بالمستشفيات وعدم حصول المواطنين على خدمة صحية جيدة، وتولى الحكومة اهتماما كبيرا للحد من الزيادة السكانية.
كما أكد ضرورة تضافر الجهود من الوزارات المختصة كالتضامن والصحة في نشر التوعية بمختلف المحافظات خاصة أن القيادة السياسية تولي اهتماما كبيرا بمواجهة هذا التحدي الصعب وذلك من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية ورفع كفاءة مستوى المعيشة للمواطنين، وعلى الرغم من أن هناك استقرار بالنسبة لوفير مخزون كاف من وسائل منع الحمل بمراكز تنظيم الأسرة، ولكن لابد من رفع معدل استخدامها بين السيدات، باعتباره أبرز المؤثرات التي تحد من الزيادة السكانية.
عدد السكان
ووصل عدد السكان داخل مصر إلى 102 مليون نسمة، وذلك بحسب ما أعلنته الساعة السكانية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وفي دراسة أجرتها مؤخرا أنه كل 13 ثانية يحل مولود جديد في مصر، بنحو 270 مولودا في الساعة، الأمر الذي دفعها لأن تكون في مصاف الدول الأكثر في أعداد المواليد مقارنة بالوفيات.
وتقلدت مصر المرتبة الأولى في تعداد السكان على مستوى الدول العربية، والمرتبة الثانية على مستوى إفريقيا بعد نيجيريا وإثيوبيا، فيما تحتل المركز الـ14 في الترتيب العالمي، وتشير التوقعات إلى أن الفترة القادمة ستشهد زيادة سكانية كبيرة.
مدى أهمية تدريس مادة تصحيح مفاهيم الصحة الإنجابية
وترجع أسباب الزيادة السكانية في مصر، إلى الموروثات الثقافية الخاطئة، كالعزوة والسند، وإنجاب الولد، هؤلاء هم السبب الرئيسي في زيادة الإنجاب في مصر، التي أصبحت خطرا داهما لابد من السيطرة عليه، فهل يكون الحل في تدريس مادة تصحيح مفاهيم الصحة الإنجابية في المناهج الدراسية، وهل تستطيع تغير تفكير الأجيال القادمة بدلا من تقليد آبائهم لتحقيق العزوة، يجيب عدد من الخبراء على هذه الأسئلة في التقرير التالي.
الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماعي بجامعة عين شمس، تؤكد أن الشباب هم العماد الأساسي لنهوض المجتمع، فبدورهم الإيجابي فيه، يمكنه أن يتقدم ويزدهر، ويعود لدوره الحضاري، وتعد مصر من أكبر المجتمعات في العالم من حيث نسبة الفئة العمرية الممثلة للشباب فيها، حيث يبلغ تعداد الشباب فيها أكثر من ثلث السكان.
ووفقا لتقارير التعداد للسكان للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن عدد الشباب في مصر في الفئة العمرية من 18 إلى 29 سنة، يبلغ 20.6 مليون نسمة بنسبة 21% من إجمالي السكان، (51,5% ذكور ،48.5% إناث)، وذلك طبقا لتقديرات السكان عام 2020.
تحديات الشباب
ويواجه الشباب الكثير من التحديات، خاصة في مجال الصحة الإنجابية، حيث تعد ثقافة مفقودة يفتقر إليها الكثير من الشباب، ويؤثر الجهل بها سلبا على العديد من مناحي الحياة، خاصة الاجتماعية والصحية، وينتج عن ذلك العديد من المشاكل المجتمعية، مثل الزواج المبكر، وختان الإناث، والتحرش، بالإضافة للعديد من المشاكل الصحية، كالأمراض المنقولة جنسيا، والأمراض المنقولة وراثيا، الذي تنتج بنسبة كبيرة عن زواج الأقارب، وعدم الاهتمام بإجراء فحوصات ما قبل الزواج.
توعية الشباب
لذا ترى أستاذ علم الاجتماع، أن الحل للقضاء على هذه المشاكل هو توعية الشباب بمفهوم الصحة الإنجابية، سواء بتدريس المادة، أو بعمل ندوات مجتمعية للشباب في النوادي والقرى والأرياف، ويتم عمل ندوات توعية للغير متعلمين، حيث إن نسبتهم كبيرة خاصة في الأماكن الريفية، فالأسر التي تنجب كثيرا تقوم بتسريب أبنائها من المدارس لكي يعملوا ويجلبوا الرزق لهم وقوت يوم الأسرة، ويتوارث الأبناء هذه العادة.
فيما يؤكد الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، أن الزيادة السكانية كارثة وقنبلة موقوتة بالدولة، والمشكلة الأخطر تكمن في أن نحو 40% من هذا الهرم السكاني، تقع أعمارهم تحت سن الـ16 عاما، ما يعني أنهم فئات لا تعمل وغير منتجة، وإذا تمت إضافة شريحة كبار السن وأصحاب الشيخوخة على هذه النسبة، فإن النتيجة الحتمية ستؤكد أننا مجتمع استهلاكي، وهو أمر يعتبر معوقا لعجلة التنمية.
تأثير الأسر على الشباب
ويوضح أن الأسر التي تنجب بكثرة تقوم بتوريث هذه العادة لأبنائها تحت مسمى أن كثرة الأبناء عزوة، مشددين على ضرورة إنجاب الولد باعتباره السند للأسرة، وهذا أمر كارثي لأن الأسر تؤثر بشكل كبير على أبنائها، فيجب أن تقوم الدولة بعمل ندوات تستهدف بها الشباب المقبل على الزواج لتصحيح مفهوم الصحة الإنجابية له، نظرا أن معظمهم غير متعلم من الأساس.
ويشير استشاري الصحة النفسية، إلى ضرورة ترسيخ مفهوم الأسرة الصغيرة لدى الشباب الذي لم يتزوج، كما يجب أن يتبنى الخطاب الديني حملة قوية لمواجهة الزيادة السكانية من خلال خطبة موحدة مرة كل شهر، ويستهدفون بها الشباب لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي اكتسبوها من أهليهم.
المصدر بوابة الاهرام