يتوجه الناخبون الفرنسيون غداً الأحد إلى صناديق الاقتراع لاختيار نوابهم في الدورة الثانية للانتخابات التشريعية، فيما بدأ الناخبون في أقاليم ما وراء البحار وفي الخارج الإدلاء بأصواتهم، في الانتخابات التي ستحسم مصير الأغلبية المطلقة التي يحظى بها الرئيس إيمانويل ماكرون في الجمعية الوطنية.
وستحدّد نتيجة هذه الانتخابات الهامش الذي سيحصل عليه ماكرون لتطبيق سياسته على مدى السنوات الخمس المقبلة، خصوصاً في ما يتعلّق بالإصلاحات.
والقرار في أيدي أكثر من 48 مليون ناخب مدعوين إلى صناديق الاقتراع الأحد، اعتباراً من الساعة 6.00 بتوقيت غرينتش. ولمراعاة فارق التوقيت، بدأ بعض الناخبين في أقاليم ما وراء البحار التصويت اليوم السبت.
وتختتم الجولة الثانية أسبوعاً اتّسم بتبادلات حادّة بين الائتلافين اللذين حقّقا نتائج متقاربة في الجولة الأولى، هما تحالف “معاً” الرئاسي، وتحالف “الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد” اليساري الذي يجمع الشيوعيين والخضر والاشتراكيين واليسار الراديكالي.
ويعلّق ماكرون الذي أعيد انتخابه لولاية رئاسية ثانية وأنصاره من ائتلاف “معاً” آمالاً على الفوز بالأغلبية المطلقة، بعد تقدمه في الجولة الأولى على ائتلاف الأحزاب اليسارية بقيادة جان لوك ميلانشون.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، في عددها الصادر اليوم السبت، أن ماكرون يخشى أن يتعثر في مسيرة الانتخابات التشريعية، إذ يقترب ائتلافه من انتخابات نهاية الأسبوع من دون التأكد من حصوله على الأغلبية المطلقة، محذرة من سيناريو “أسود” في صفوف “القوات الماكرونية”، وهو وصول نواب من دون قائد متمرس قادر على قيادتهم في الجمعية الوطنية، خصوصاً إذا لم يتمكن معسكره من الحصول على الأغلبية المطلقة المحدّدة بـ289 نائباً، ما يفرض وجوب التفاوض مع اليمين أو يسار الوسط لتمرير قوانين في الجمعية الوطنية.
إلى ذلك، أكد مدير معهد “إيبسوس” لاستطلاعات الرأي بريس تانتوريه، في مقابلة مع صحيفة “لوباريزيان”، أنه على الرغم من الحماسة التي شهدتها الحملة الانتخابية قبل الجولة الثانية من الانتخابات، إلا أنه لا يعتقد أن ذلك سيشجع الناخبين أكثر على التوجه إلى صناديق الاقتراع.
ولفت إلى أنّ على اليسار أن يقنع عدداً أكبر من فئة الشباب والفئات العمرية الأخرى بالتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد، من أجل الفوز بالأغلبية التي ينشدها ميلانشون، الذي سينزع صفة القطب المعارض من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، إلا أن توجه ميلانشون إلى أقصى اليسار، قد يدفع ناخبي اليمين إلى التصويت لمعسكر ماكرون، ومن هنا تبدو التكهنات بالنتائج صعبة نوعاً ما.
وتُجرى الانتخابات التشريعية الفرنسية كلّ خمس سنوات لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية (البرلمان)، وتحدّد الأغلبية البرلمانية فيها، ما يؤثر مباشرةً برسم سياسة البلاد عبر التصديق أو عدمه على مشاريع القوانين.
وكانت النتائج التي سجلها المعسكران المتنافسان في الجولة الأولى جدّ متقاربة، ما جعل كلاً منهما يكثف من وتيرة حملته الانتخابية طمعاً بإقناع الناخبين الذين امتنعوا عن التصويت الأحد الماضي بنسبة قياسية بلغت 52.80 بالمئة.
وقال ميلانشون في تصريح لقناة فرنسية، وفق “فرانس 24”: “أقول للفرنسيين: صوتوا. صوتوا لمن شئتم، لكن صوتوا. إنها بلادكم. لا تقبلوا بأن يفرضوا عليكم حكمهم لخمس سنوات جديدة. أنتم من سيختار الأحد”.
وانتقد ميلانشون، طوال الأسبوع الذي يفصل بين الدورتين، البرنامج الاقتصادي والسياسي للتحالف الرئاسي، محذراً من أنه “في حال فوز ائتلاف ماكرون بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، فهذا سيؤدي إلى وقوع كارثة ومشاكل عديدة في فرنسا طوال السنوات الخمس المقبلة”.
وانتقد ميلانشون التصريحات التي أدلى بها إيمانويل ماكرون على مدرج الإقلاع في مطار باريس، في رحلة إلى رومانيا ومولدوفا ثم أوكرانيا، والتي دعا فيها الناخبين الفرنسيين إلى التصويت للتيار الجمهوري (قاصداً تحالفه “معاً”)، بالقول: “يستقل طائرة فيما تغرق باخرته (يقصد الائتلاف الرئاسي)”.
أما زعيمة “التجمع الوطني” اليميني المتطرف مارين لوبان، فطمأنت الفرنسيين إلى أنها في حال تسجيل نتيجة تسمح لها بذلك، “ستتخذ الإجراءات الضرورية والسريعة لرفع القدرة الشرائية، كتثبيت أسعار الطاقة مثلاً، وتقديم علاوات مالية للذين يعانون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية”.
ولا تزال لوبان تأمل أن تعزز في الجولة الثانية رصيد حزبها من المقاعد في الجمعية الوطنية. كذلك تطمح إلى تشكيل أول كتلة برلمانية منذ 1986، وتفرض وجودها بمئة نائب، وبالتالي موقفها حيال القوانين التي ستطرح على الطاولة.
من جهته، نشر ماكرون جملة من التغريدات حول الانتخابات التشريعية، ودعا الفرنسيين إلى التصويت بكثافة لبرنامج جمهوري ومنفتح. ووعد بالتصديق في الخريف المقبل على قانون يدعم القدرة الشرائية للفرنسيين.
المصدر: العربي الجديد