قبل ساعات من انطلاق أكبر فعالية دولية للكتاب، احتج أكثر من 600 كاتب على إلغاء فعالية جائزة كان من المقرر منحها للكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي عن روايتها “تفصيل ثانوي”. ومن بين المحتجين 3 فائزين بجائزة نوبل في الأدب، هم الفرنسية الفائزة بالجائزة عام 2022 آني إرنو، والفائز البريطاني من أصل تنزاني عام 2021 عبد الرزاق غرنة، والفائزة البولندية عام 2018 أولغا توكارتشوك، إضافة إلى مجموعة مرموقة من الناشرين والمترجمين. وكان من المقرر أن تتسلم شبلي -المقيمة في برلين-، جائزة أدبية تمنحها الجمعية الأدبية الألمانية “ليتبروم” في معرض فرانكفورت عن روايتها “تفصيل ثانوي” (2017) يوم الجمعة المقبل 20 أكتوبر/تشرين الأول. وحمل الموقعون -في عريضة بصحيفة “لوموند” الفرنسية- معرض فرانكفورت للكتاب، واجب ومسؤولية “إنشاء مساحات تسمح للكتاب الفلسطينيين بمشاركة أفكارهم حول الأدب في هذه الأوقات العصيبة والرهيبة، بدلاً من إسكاتهم”. وأضافوا “علينا أن نبحث عن طرق جديدة للكتابة والقول والتفكير والتعامل مع هذه الفترة المظلمة. ولهذا السبب، نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الكتّاب، ومن بينهم الكتّاب الفلسطينيون”. وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت الجمعية الأدبية “ليتبروم”، الجهة المنظمة للجائزة، الممولة جزئيًا من الحكومة الألمانية ومعرض فرانكفورت للكتاب، أن الجائزة لن تُمنح للكاتبة خلال المعرض. كما تم إلغاء اللقاء مع الجمهور الذي كان من المقرر عقده أيضًا في المعرض بحضور المؤلفة ومترجمها غونتر أورث. وأشار بيان ليتبروم إلى أن القرار اتخذ بموافقة الكاتبة، وتكرر هذا التأكيد لاحقًا دون التحقق منه في مقال في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، لكن تقرير صحيفة لوموند الفرنسية ينفي صحة ذلك وينقل عن عدنية شبلي أن هذا القرار لم يتخذ بالتشاور معها بل فُرض عليها. فرصة ضائعة وقالت شبلي إنه لو أقيم الحفل لاغتنمت الفرصة للتفكير في الدور الذي يمكن أن يلعبه الأدب في هذه الأوقات الصعبة والمؤلمة. ولاحقا قالت الجمعية الأدبية إنها لم تغير موقفها في منح جائزتها لرواية عدنية شبلي رغم الانتقادات والاتهامات. وأبدت جمعية المؤلفين الألمان عدم قبولها للانتقادات الموجهة للرواية، وقالت إيفا ميناسي، المتحدثة باسم نادي القلم في برلين “لا يوجد كتاب يصبح مختلفا (أفضل أو أسوأ أو أكثر خطورة) بسبب تغير السياق الإخباري”، وتابعت “إما أن يكون الكتاب مستحقا للجائزة، أو لا يكون.. إن قرار لجنة التحكيم بشأن شبلي، والذي صدر قبل أسابيع، كان في رأيي قرارا جيدا للغاية. وسحب الجائزة منها سيكون خطأ جوهريا، من وجهة نظر سياسية.. ومن وجهة نظر أدبية”. وأرسلت الناشرة الأميركية لكتاب عدنية شبلي، باربرا إيبلر، رسالة إلى محرري صحيفة نيويورك تايمز، جاء فيها: “إن إلغاء الحفل وبالتالي محاولة إسكات صوت عدنية شبلي بسبب الحرب في إسرائيل هو عمل جبان. لكن القول بأن عدنية شبلي وافقت (رغم أن غزة تمر بمحنة كبيرة) هو أسوأ بكثير”. وتنتقد عريضة الكتاب والأدباء رغبة المعرض في جعل الأصوات الإسرائيلية “مسموعة بشكل خاص” مع تقليل المساحة المخصصة للأصوات الفلسطينية، وتضيف: “رغم اتهام الرواية بمعاداة السامية من قبل اثنين من الصحفيين والنقاد الأدبيين، فقد دحض نقاد آخرون “أكثر جدية” هذا الاتهام بقوة في الصحافة الألمانية وأماكن أخرى”، بحسب العريضة التي نشرتها صحيفة لوموند الفرنسية. انحياز صارخ وأشارت العريضة إلى أن أحداث الرواية “موثقة جيدا” وتروي اغتصاب امرأة فلسطينية بدوية شابة عام 1949 على يد وحدة من الجيش الإسرائيلي، ونقل عن الناشر البريطاني للرواية جاك تيستارد أن “أحد الأغراض الرئيسية للأدب هو تعزيز التفاهم والحوار بين الثقافات”. وتابع “بهذه الروح ذاتها، نحن المنتمين إلى عالم الكتابة والترجمة والنشر، نؤكد بصوت عال وواضح أن إلغاء الفعاليات الثقافية ليس حلا”. ووقع على العريضة إلى جانب الفائزين بنوبل الثلاثة كل من الفيلسوفة الأميركية والأستاذة في جامعة بيركلي جوديث بوتلر، والكاتب السنغالي بوبكر بوريس ديوب، والمترجمة الفرنسية للرواية ستيفاني دوجولس، والأديبة الأيرلندية الحائزة على جائزة بوكر البريطانية آن إنرايت، والكاتبة والمخرجة الكندية نعومي كلاين، والكاتب والناشر فاروق مردم بك، والمؤرخ وسفير فلسطين السابق لدى اليونسكو إلياس صنبر؛ كما وقع على العريضة أدباء وناشرون ومترجمون أوربيون آخرون. وجاءت الرواية في قالب درامي ولا تشمل تفاصيل سياسية مباشرة، وتدور في زمنين منفصلين حيث تحكي قصة فتاة فلسطينية من النقب يغتصبها جنود إسرائيليون بعد عام واحد من النكبة الفلسطينية، بينما تحاول فتاة أخرى بعد نصف قرن البحث عن وقائع الجريمة الأولى. وتؤرخ الرواية للمعاناة الفلسطينية بدءا من التهجير في زمن النكبة وحتى المنع من التنقل بين مناطق الأراضي الفلسطينية، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت. ونُشرت الترجمة الإنجليزية للرواية، بقلم إليزابيث جاكيت في عام 2020، وتم إدراجها في القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية في العام التالي وفي قوائم جوائز أخرى. وقالت جمعية “ليتبروم” في بيانها للإعلان عن الجائزة (قبل الجدل)، إن رواية شبلي “عمل فني مؤلف بدقة يحكي عن قوة الحدود وما تصنعه الصراعات العنيفة بالناس”، وأكدت الجمعية التي تسعى لدعم أدب الجنوب العالمي من بلدان أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، أنها لم تغير موقفها في منح جائزتها لرواية عدنية شبلي رغم الانتقادات والاتهامات.
المصدر : الجزيرة + الصحافة الفرنسية + لوموند