بعد سنوات من الإعفاءات الجماعية لطلاب المدارس الدينية اليهودية المتطرفة في إسرائيل من الخدمة العسكرية الإلزامية في جيش الاحتلال الإسرائيلي أمرت المحكمة الإسرائيلية العليا الأسبوع الماضي الدولة بالبدء في تجنيدهم، فهل سيتم تنفيذ الأمر؟ وكيف سينفذه الجيش الإسرائيلي؟ وما ردود الفعل، والتداعيات والمحاذير والسيناريوهات المتوقعة حال تطبيقه؟
في تقرير لها عن حول الموضوع حاولت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الإجابة عن تلك الأسئلة مشيرة في البداية إلى أنه وبعد ساعات قليلة من قرار المحكمة “أصدر مكتب المدعي العام جالي باهاراف ميارا تعليماته لوزارة الدفاع بتنفيذ الحكم، قائلا: “التزام المؤسسة الدفاعية بتجنيد طلاب المدارس الدينية سيكون ساريا بالفعل اعتبارا من الأول من يوليو/تموز”. أي اليوم الاثنين.
وحول التطبيق عمليا سألت الصحيفة في تقريرها وهل سيبدأ الجيش بإرسال الآلاف من أوامر التجنيد صباح الاثنين إلى طلاب المدارس الدينية الحريدية في جميع أنحاء إسرائيل؟” مشيرة إلى رفض وزارة الدفاع الإسرائيلية الإجابة عن سؤال حول كيفية الالتزام بأوامر المدعي العام.
والإجابة المختصرة ـحسب الصحيفةـ هي “على الأرجح لا، على الأقل ليس في المستقبل القريب. لكن سيتعين على وزارة الدفاع، والجيش الإسرائيلي البدء في وضع آلية تجنيد يمكنها إصدار إشعارات التجنيد بسرعة والبدء في تجنيد حوالي 4800 مجند أرثوذكسي متشدد خلال الأشهر الـ12 المقبلة”.
أعداد وخيارات
وحول الأعداد التي سيشملها قالت الصحيفة: “يوجد حاليا 63 ألف رجل مؤهلين للخدمة العسكرية، وهم الآن عرضة للتجنيد، وفقا لحكم المحكمة وأوامر النائب العام”.
كما تنقل عن شلوميت رافيتسكي تورباز، مديرة برنامج الدين والدولة في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، قولها: “هناك 14 ألف شاب حريديم آخرين سيبلغون 18 عاما خلال سنة التجنيد الحالية، التي بدأت في يونيو/حزيران الماضي، والذين سيصبحون مؤهلين للتجنيد خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
وأضافت: “إذا جمعنا هذا العدد معا، فإنه يصل إلى نحو 77 ألف شاب من الحريديم الذين يمكن للجيش الإسرائيلي أن يرسل إليهم أوامر التجنيد بشكل قانوني خلال العام المقبل”.
وحول الوسائل العملية لتجنيد هؤلاء عمليا قالت الصحيفة: “يوجد لدى الجيش الإسرائيلي خياران رئيسيان، الأول هو إجراء قرعة عشوائية بين المؤهلين للتجنيد والمجندين حسب الرقم الذي يتم استدعاؤه”.
ولكن الصحيفة استدركت قائلة “إن تنفيذ مثل هذه الآلية من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع المجتمع الأرثوذكسي المتطرف وقيادته إذا انتهى الأمر بالشباب في المدارس الدينية النخبوية الذين وهم بمثابة قرة عين المجتمع الأرثوذكسي المتطرف إلى التجنيد”.
والبديل، كما تنقل رافيتسكي تور باز هو “تجنيد الثمار الدنيا، أي الشباب من مجتمع الحريديم الحديث وأولئك الذين يرتادون المدارس الدينية المتسربة، وهي مؤسسات أنشأها المجتمع الحريدي لتوفير بيئة أرثوذكسية ملتزمة للشباب الذين لا يهتمون بصرامة الدراسة التلمودية الدائمة”.
وبحسب أرقام معهد الديمقراطية الإسرائيلي، فإن مجتمع “الحريديم الحديث”، بما في ذلك أولئك الذين يدرسون في المدارس التي تدرس المواد الأساسية وكذلك أولئك الذين ينتمون إلى أسر مهاجرة، “يشكل ما بين 11% إلى 15% من الجمهور الأرثوذكسي المتطرف”.
وتضيف الصحيفة أن هذه الشريحة “أكثر اندماجا في المجتمع الإسرائيلي من التيار الحريدي السائد وينظر إليها على أنها أقل عداءً لفكرة الخدمة العسكرية، لذلك قد يجد الجيش مجندين أكثر استعدادا هناك مقارنة بأجزاء أخرى من المجتمع.
ويقدر معهد الديمقراطية الإسرائيلي أنه من بين 63 ألف طالب من طلاب المعاهد الدينية الحريدية المؤهلين للتجنيد، هناك نحو 9500 يلتحقون بهذه المعاهد الدينية. وبما أن هذه المعاهد الدينية تعمل في المقام الأول كإطار لإبقاء مثل هؤلاء الرجال داخل المجتمع الحريدي، فمن الممكن أن يكون القادة المتشددون على استعداد للسماح للطلاب هناك بالخدمة في الجيش.
ورغم أنه قد يكون هناك مقاومة أقل من جانب القيادة الحاخامية والسياسية الحريدية لتجنيد هؤلاء الشباب، فإن هناك تساؤلات حول قانونية هذه الخطوة، حيث يتعين على الدولة أن تتصرف وفقا للقانون الإداري، الذي يتضمن أحكاما لتطبيق القوانين على قدم المساواة تجاه جميع المواطنين.
وبحسب يسرائيل كوهين، وهو صحفي ومعلق حريدي بارز، فإنه “إذا ركز الجيش بالفعل على القطاعات الأكثر هامشية من طلاب المدارس الدينية، ولم يتجاوز الأمر الذي ينص على 4800 مجند هذا العام، فإن قيادة المجتمع الحريدي السائد قد توافق على ذلك بدلا” من اتخاذ قرار بشأن تمرد مجتمعي كبير”.
ويضيف كوهين:”إذا فعلوا شيئا عشوائيا -قرعة مثلاـ فستكون هناك مشكلة خطيرة، إذا بدؤوا بالوصول إلى التيار الحريدي السائد فقد يؤدي ذلك إلى انفجار”.
المصدر : الصحافة الإسرائيلية